ندم باكستاني على دعم طالبان.. خطر قائم وأمان مفقود
الجمعة 03/يونيو/2022 - 07:31 م
مصطفى كامل
في وقت قدمت فيه باكستان دعمًا لحركة طالبان الأفغانية خلال الفترات الماضية، كانت إسلام آباد ترى أن حكم طالبان لأفغانستان سيكون بمثابة نعمة الأمان لها، إلى أن الأخيرة أخطأت في دعمها للحركة الأفغانية، وعادت التوترات بين الجانبين عقب استيلاء طالبان على الحكم هناك.
أمان أقل
خلال تقرير لمجلة «فورين أفيرز»، أكدت أن باكستان كانت ترى على مدار العقدين الماضيين، أن حكم طالبان في أفغانستان سيكون بمثابة نعمة لأمن باكستان، ولطالما دعمت إسلام أباد طالبان على أساس أن المسلحين يمكن أن يساعدوا في حرمان الهند –التي يعتبرها العديد من المسؤولين الباكستانيين تهديدًا وجوديًّا– من أي تأثير في أفغانستان، ولكن منذ العودة إلى السلطة في أغسطس 2021، أكدت طالبان مدى خطأ تلك النظرية.
وباتت باكستان أقل أمنًا بعد زحف حركة طالبان المنتصرة إلى كابول، أدى نجاح حركة طالبان في أفغانستان إلى تحفيز حركة طالبان باكستان التي شنت أكثر من 124 هجومًا إرهابيًّا في باكستان منذ عودة الحركة الأفغانية إلى السلطة، من قواعد في أفغانستان، حيث أدى نشاط حركة طالبان باكستان إلى توترات بين إسلام أباد وطالبان في كابول.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها دعم باكستان لطالبان بالضرر عليها، فلم تحقق جهود إسلام أباد الدؤوبة لتأمين الاعتراف الدولي والمساعدة الاقتصادية لنظام طالبان نجاحا يُذكر، حيث أوضح المجتمع الدولي أنه لن يتسرع في الاعتراف بطالبان ما لم يغيروا سلوكهم.
ويرى مراقبون، أن المنظرين الأيديولوجيين داخل حركة طالبان الأفغانية لا يرغبون في قطع العلاقات مع حركة طالبان باكستان، المسؤولين عن بعض أسوأ الهجمات الإرهابية داخل باكستان منذ عام 2007، منوهين إلى أنه بعد انتصار طالبان في أفغانستان، توقعت باكستان أن تتوسط حركة طالبان الأفغانية لوقف إطلاق النار بين نظرائهم الباكستانيين والحكومة الباكستانية، لكن تلك المحادثات فشلت، وشنت باكستان عدة غارات بطائرات بدون طيار وضربات جوية ضد أهداف حركة طالبان باكستان في أفغانستان.
ويؤكد المراقبون إلى أنه يجب على باكستان مراجعة نهجها تجاه طالبان، فمن الواضح أن القادة الباكستانيين المتعاقبين الذين دعموا طالبان على أمل جعل باكستان أكثر أمنا أساءوا فهم التحديات الحقيقية التي تواجه بلادهم، مخاوفهم المعلنة بشأن أمن باكستان -حتى بعد أن طورت الدولة أسلحة نووية في التسعينيات- يمكن تفسيرها بشكل أفضل من خلال علم النفس أو ضرورات السياسة أكثر من أي تقييم معقول للواقع.
لن نتخلى عن موقفنا
في الجهة المقابلة، رفضت حركة طالبان الأفغانية، التخلي عن موقفها المتشدد بشأن قضايا مثل حقوق المرأة والسماح للفتيات بالالتحاق بالمدارس، مما يجعل إصرار باكستان على أن طالبان قد تطورت يبدو مضللا.
وتواجه الحكومة الباكستانية الجديدة الآن احتمالية الاضطرار إلى دعم حليف مزعج في كابول والسكان المجاورين الذين يعانون من نقص السيولة في وقت يعاني فيه اقتصادها.
وخلال تدخلها العسكري في أفغانستان، تجاهلت واشنطن أو رفضت اقتراحات القادة الأفغان والمعارضين الباكستانيين بأن دعم باكستان لطالبان قد يكون له أساس أيديولوجي أعمق مما تعترف به إسلام أباد، حيث كان بإمكان الولايات المتحدة أيضًا توفير مليارات الدولارات من المساعدات التي قدمتها لباكستان مقابل فشل الدولة في المساعدة أو التعاون غير الكافي في تحقيق الاستقرار في أفغانستان.
لم تتوقع باكستان انسحابًا عسكريًّا أمريكيًّا من أفغانستان إيذانًا بنهاية مصلحة واشنطن في المنطقة، وكانت تأمل في الظهور كعنصر أساسي في المنطقة باعتبارها القوة الأجنبية البارزة في أفغانستان والوسيط الرئيسي بين طالبان والولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال انسحاب إدارة بايدن من أفغانستان الصيف الماضي، ظل المسؤولون الباكستانيون متفائلين بشأن الحفاظ على نفوذهم على طالبان مع الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، كان هذا سوء تقدير كبير.
في العام الماضي، لم تكتف إدارة بايدن بإخراج نفسها من أفغانستان، بل نأت بنفسها عن باكستان، فلم يتصل بايدن بخان، وهو ازدراء أثار حفيظة رئيس الوزراء السابق، مع وجود حكومة جديدة الآن في إسلام أباد، فإن الوقت مناسب لإعادة تقويم العلاقات، يستلزم الوضع الاقتصادي المزري لباكستان التطلع إلى الولايات المتحدة للحصول على الدعم، يجب على واشنطن أن تقدم هذا الدعم مقابل موافقة القادة الباكستانيين على إصلاح سياسي واقتصادي جاد، بما في ذلك مراجعة نظرة باكستان إلى أفغانستان كدولة تابعة لباكستان والهند كعدو وجودي، إن إغلاق البنية التحتية الجهادية في باكستان هو شرط مسبق لباكستان لبدء صفحة جديدة، ويجب أن يكون شرطًا أساسيًّا لعلاقة جديدة بين الولايات المتحدة وباكستان.





