الأزمة الأوكرانية تعمق الخلافات والانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي
الثلاثاء 24/مايو/2022 - 05:25 م
محمود البتاكوشي
كشفت الحرب الروسية الأوكرانية، حجم الخلافات والأزمات داخل الاتحاد الأوروبي، ولاسيما الإجراءات الخاصة بتعامل الدول الغربية مع موسكو تجاه إمدادات الطاقة الروسية وتوريد الأسلحة لأوكرانيا، إذ تجنب العديد من القادة الغربيين إبداء مواقف صارمة خوفًا من استفزاز روسيا.
انقسمت دول الاتحاد الأوروبي حول إمدادات الطاقة الروسية، التي تعتمد عليها بصورة أساسية، فأعلنت ألمانيا أنها قادرة على تجاوز حظر نفطي روسي بحلول نهاية عام 2022 بالرغم أن ألمانيا ترى أن واردات النفط والغاز بأنها «ذات أهمية أساسية» للاقتصاد الأوروبي، فقد اتجهت إلى دول الخليج العربي لتعويض الغاز الروسي، فيما ذهبت إيطاليا إلى أفريقيا بينما تعارض المجر مثل هذه الخطوة، قائلة إنها لن تدعم الإجراءات التي قد تعرّض الإمدادات إلى الخطر.
مما سبق يتضح أن كبار المستهلكين في أوروبا يجرون مفاوضات فردية مع المنتجين للفوز بعقود جديدة، ما يعد انتصارًا غير مباشر لروسيا، إذ يؤكد فشل جهود قيادة المفوضية الأوروبية بمفاوضات موحدة لتوقيع عقود جديدة للغاز الطبيعي مع منتجين آخرين، كما أخفقت أوروبا في فرض عقوبات إضافية ضد موسكو في القمة الأوروبية التي عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل، ما يعكس وجود مواقف مختلفة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي حيث أصبحوا قلقين بشكل متزايد من عواقب مثل هذه الإجراءات بالنظر إلى التحديات الحالية التي يواجهونها بسبب الأزمة الأوكرانية.
كما رفضت سويسرا طلبين قدمتهما ألمانيا لإعادة تصدير ذخيرة سويسرية الصنع إلى أوكرانيا، وهو الأمر الذي أثار الكثير من الجدل حول مبدأ الحياد الذي تتبناه سويسرا، حيث أكدت أمانة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية أن الحكومة الألمانية تقدمت بطلبين لإعادة تصدير ذخيرة سويسرية الصنع إلى كييف، بحجة إلى إطالة مدة الحرب وإراقة الدماء فيما يريد آخرون إرسال شحنات من الأسلحة الثقيلة والذخيرة.
كما يرفض عدد كبير من الدول الأوروبية فكرة الضغط من أجل تغيير النظام الحاكم في موسكو.
وزادت أزمة اللاجئين الأوكران من حدة الخلافات والانقسامات الأوروبية، بسبب رفض العديد من الدول إيواء الهاربين من جحيم الحرب وظهر ذلك جليًا في عدد التأشيرات الممنوحة لهم، فقد أصدرت بريطانيا 50 تأشيرة فقط للأوكرانيين كما تورطت في خلاف مع فرنسا بشأن اللاجئين العالقين في كاليه من دون تأشيرات دخول تسمح لهم بعبور القنال الإنجليزي.
كما انقسمت دول الاتحاد الأوروبي حول عضوية أوكرانيا رغم أنه في حالة الحروب يقبل الاتحاد عضوًا جديدًا لحمايته ومساعدته من الانهيار ولكن التحفظ الفرنسي والألماني عرقل الأمر، حيث أكد المستشار الألماني أولاف شولتس رفضه ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، بصورة عاجلة فيما ترى بولندا ضرورة تسريع الاعتراف بترشيح أوكرانيا.
كما كشفت الحرب الروسية الأوكرانية النقاب عن خلافات داخل أوروبا حول أفضل طريقة لإدارة المرحلة المستقبلية من النزاع الذي قد يدوم طويلًا وفترة الغموض التي من المتوقع أن تخلفه، فهناك أعضاء من الحلف مثل بولندا ودول البلطيق، يصرون على قطع العلاقات مع موسكو تمامًا وبذل جهود من أجل تركيع روسيا وهناك أعضاء آخرون في الحلف لا يثقون بإمكانية إخضاع روسيا بسهولة ويتوقعون أن تكون نتيجة النزاع فوضوية، وهناك دول مثل فرنسا وألمانيا وتركيا ترغب في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع بوتين، بغض النظر عما وجهت إلى موسكو من اتهامات من قبل الغرب بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.





