ad a b
ad ad ad

«ماذا يعني انتمائي للإسلام؟».. كتاب فتحي يكن «المسموم»

الأحد 24/يونيو/2018 - 09:11 م
فتحى يكن
فتحى يكن
حور سامح
طباعة
«ماذا يعني انتمائي للإسلام؟»، عند قراءة هذا العنوان على غلاف أحد الكتب، فأول ما يخطر ببالك هو الدين الإسلامي، بشرائعه وتعاليمه، أو قصص النبي «محمد» التي تستخرج منها العبر والسنن، ولكن عندما يكون مؤلف الكتاب فتحي يكن (المنظر الحركي للإخوان)، ستكتشف أن العنوان الحقيقي هو:« ماذا يعني انتمائي للإخوان؟» وليس للإسلام.

يأتي كتاب «ماذا يعني انتمائي للإسلام» لـفتحي يكن، على رأس الكتب الرائجة بين جماعة الإخوان، ويعد أحد الكتب التي تعتمد عليها الجماعة في جذب الأفراد الجدد، ويقول أحد قادة الإخوان عن هذا الكتاب: «كان أول الكتب التي تلقيتُها بعد نشاطي بالجماعة وارتباطي بها، وكان له عظيم الأثر على نفسي».

وعند متابعة «الإخوان» منذ بدايتها، عام 1928م، وحتى الآن، نلحظ التماهي الغريب بين دعوة الجماعة وأفكارها والدين، فالدين من وجهة نظرهم هو الدعوة التي يدعو لها أبرز منظري الجماعة «سيد قطب»، الذي اعتمدت أفكاره على تكفير المجتمعات المسلمة وجاهليتها، وحتى حسن البنا (مؤسس الجماعة ومرشدها الأول) الذي يرونه معتدلا ويدعو الدعوة الصحيحة، فهو متطرف في أفكاره وتشهد على ذلك مذكراته ورسائله، وبالعودة لكتب «الإخوان» سنجد أفكار «قطب، والبنا» موجودة في كلِّ حرف يكتبونه.

ويتبع «يكن» خُطى سيد قطب في الكتابة، ولكن بطريقة غير مباشرة، مستخدمًا أسلوبًا متلونًا للوصول للهدف من كتاباته، ففي مطلع الكتاب نجد حديثا ناعمًا عن الإسلام لطيفًا، أقرب إلى الصوفية، لتجد بعد ذلك عبارات واضحة صريحة عن ضرورة الانضمام للحركة الإسلامية (الإخوان في لبنان).

ولد فتحي يكن، عام 1933، في لبنان، ليكون أحد أعضاء الرعيل الأول لما يُسمى بـ«الحركة الإسلامية في لبنان»، وهي فرع جماعة الإخوان هناك، والتي تأسست على يد «يكن»، التي أصبحت أفكاره منهجًا للجماعة في مختلف الأقطار.

عند البحث عن الكتب التي تحصل عليها عناصر «الإخوان»، تجد فتحي يكن متصدرًا بعدد الكتب الموضوعة في منهج الجماعة، منها «ماذا يعني انتمائي للإسلام»، و«أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي»، و«المتساقطون على طريق الدعوة»، جميعها كُتب تحظى باهتمام كبير من قبل أعضاء الإخوان، وأثرت في فكرهم ووعيهم، لذا تجد بمجرد وجودك ضمن صفوف الإخوان، أن أول كتاب تحصل عليه -كهدية فى بعض الأحيان- هو «ماذا يعني انتمائي للإسلام».

ويعتمد الكتاب على «دس السم في العسل»، فبعد أن يتحدث «يكن» عن الإسلام، وكيف يكون الإنسان مسلما حقًّا، وعن الإيمان القلبي والعقلي، ينتقل في القسم الثاني من الكتاب لأفكار سيد قطب في أبهى صورها، من تكفير واستعلاء واحتكار للدين، قاصرًا الإسلام الحق على أعضاء الجماعة فقط، مبررًا ذلك بأن المسلم الذي يكتفي بالعبادات هو مسلم قاعد لا يؤدي الفريضة التي خُلِقَ من أجلها، يتخلف عن واجبه كمسلم، وهو ما قاله حسن البنا، في رسائله، عن المسلم القاعد والمسلم المجاهد، وكيف أن دروب العبادات ليست المرجوة من الإسلام.

والأكثر وضوحًا هو احتكار الدين، فيقول «البنا»، في رسائله: «إسلامنا قسم منفصل، ودعوتنا دعوة أجمع ما توصف به أنها إسلامية، فإن شاء القارئ أن يفهم دعوة الإخوان بشيء أوسع من كلمة إسلامية فليمسك بمصحفه وليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن، فسيرى في ذلك دعوة الإخوان»، وهو احتكار واضح للدين.

ويقول «يكن»: «فإسلاميتها تعني عموميتها وشمولها» وإن «انتمائي للإسلام يفرض عليّ أن أعمل للإسلام.. أن أعمل له ضمن جماعة.. أن أتعاون مع العاملين غيري في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، والدولة الإسلامية، وأن جهودي في الدين تتمخض في الجماعة».

ولابد من ملاحظة تأثر «يكن» بالعبارة التي تكررت لأكثر من مرة في كتب سيد قطب «الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وإقامة الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم والدولة الإسلامية»، وقوله: «إن كنت تريد الإيمان الحق عليك بجماعة المسلمين وإمامهم»، وقوله «الجماعة بركة» و«إن الجماعة رحمة والفرقة عذاب».

ويضيف «يكن»: «إن إيماني بوجوب العمل للإسلام يتمثل في أن العمل للإسلام واجب حكمًا؛ لأن تعطيل حاكمية الله في الأرض، وهيمنة النظم والتشريعات الوضعية على المجتمعات البشرية يفرض على المسلمين العمل لإقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية، وتعبيد الناس لله في معتقداتهم الحاكمية التي تحدث عنها سيد قطب، وتدرس للإخوان في مناهجهم».

ويكمل «يكن» توضيحًا للمنهج الذي تقوم عليه جماعة الإخوان، والذي يرى وجوب فرضه على الدولة، «أن معظم الأقطار الإسلامية، إن لم نقل كلها، تحكم بأنظمة وضعية هي خليط من تشريعات رومانية ويونانية وفرنسية وغيرها؛ ما يجعل العمل لهدم هذه الكيانات الجاهلية واستئناف الحياة الإسلامية فريضة عين على كل مسلم حتى تعود للإسلام القيادة والقوامة».

وبالرغم من رؤية «يكن» أن الخضوع للأنظمة الوضعية ضرب من ضروب الكفر كما كان يرى سيد قطب، إلا أنه ترشح للانتخابات البرلمانية وحاز على مقعد فيها في البرلمان اللبناني.

ويفرق «الإخوان» عادة بين «نحن»-المقصود بها الجماعة، و«هم» والتي يقصدون بها المجتمعات المسلمة، فيقول حسن البنا «الفرق بيننا وبين قومنا أنه عندهم إيمان مخدر نائم في نفوسهم لا يريدون أن ينزلوا على حكمه ولا أن يعملوا بمقتضاه، على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل قوي يقظ في نفوس الإخوان، نحن وقومنا، نحن الأفضل والأقرب إلى الله، نحن الإسلام، ويقول «يكن»: إن «أهم ما يميز الجماعة أنها ربانية، فالدعوة تستمد تصورها وأفكارها من الله».

ويتابع «يكن»، في كتابه: «لا يمكن أن تكشف الحركة عن مخططاتها؛ لأن ذلك جهل بالإسلام، وتعريض للحركة لمكر الأعداء، والقاعدة التي تُبْنَى عليها علانية العمل وسرية التنظيم»، ويقول أيضا: «النبي قال الحرب خدعة، ولابد أن يتصرف أعضاؤها- يقصد جماعة الإخوان- طبقًا لهذه المقولة»، فعلانية العمل وسرية التنظيم، كانت كلمة تتردد كثيرًا بين صفوف الإخوان، وكانت علانية العمل تكمن في وجود الإخوان بالتجمعات الطلابية، ولكن السرية تكمن في تجمع الأسر (نظام تعتمده الجماعة للربط بين الأعضاء)، وكذلك فرق الكشافة، التي كانت تقوم بها في الصحراء دون علم الأمن؛ للتدريب على السلاح، وفي هذا الشأن يقول أحد أفراد الإخوان: إن الجماعة كانت تطلب منهم الدخول للجيش، وعدم التصريح بكونهم إخوان، ليتاح لهم التدريب على السلاح في إطار قانوني.

ووسط حديث «يكن» عن خصائص الجماعة، تحدث عن العزلة الشعورية التي دعا لها سيد قطب، محاولًا الدفاع عن الفكرة، قائلا: «إن الغرض من العزلة هو الابتعاد عن الجاهلية، وضرورة أن تستعلي النفس وهي تمضي في خضم الجاهلية»، ويشير إلى أن العزلة تعني التمايز- تمايز الفئة المؤمنة عن الفئة الكافرة- وهو ما يميز الحركة الإسلامية (فرع الإخوان في لبنان)، فهي بارزة وواضحة دون غيرها، ويستشهد بحديث ضعيف للنبي: «كونوا كالشامة بين الناس».

وعند الحديث عن عُدَّة «الحركة الإسلامية»، والتي تعدها للحرب، يستشهد «يكن» بقول حسن البنا، فيقول: «عدتنا هي عدة سلفنا من قبل، والسلاح الذي غزا به زعيمنا وقدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته العالم، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد، هو السلاح الذي سنحمله لنغزو به العالم من جديد».

ويتابع: «الجهاد من عدتنا، وهو ما سيكون واجبنا تجاه المجتمعات الظالمة»، كما يتحدث عن ضرورة الارتباط بالحركة: «إنما يجب أن يكون الانتماء للحركة انتماء مؤبدًا لا انفكاك فيه أو نكوث عنه أو هروب منه حتى يَلْقَى المنتمي ربه وهو على ذلك»، معللا ذلك: «لأن الخروج يعد ارتدادًا عن الدين».

وفى النهاية، رغم أن فتحى يكن انفصل عن الجماعة، في أواخر حياته، إلا أنه ظلَّ أمير التنظيم الحركي داخل الجماعة، والوحيد الذي يمتلك عددًا كبيرًا من الكتب التي تُنَظِّر لمنهجها، وتجدر الإشارة إلى أنه رغم كون كتاباته تُنَظِّر لجماعة الإخوان، إلا أنه كان يستخدم كلمة «الإسلام»، ليجعلها عامة يقرؤها من بداخل الجماعة أو خارجها؛ ما أدى إلى فشله في التفرقة بين الإسلام ومنهج الإخوان، وهو ما خلق خلطًا كبيرًا لديه حتى عند انفصاله عن الجماعة.
"