دور العملات الرقمية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا
الأربعاء 20/أبريل/2022 - 04:54 م
محمود البتاكوشي
لعبت العملات المشفرة دورًا بارزًا في الحرب الروسية الأوكرانية، وتقمصت شخصية العميل المزدوج لصالح طرفي الصراع في آن واحد، إذ بدت في خضم هذه الحرب بديلاً جذابًا للمواطنين الروس والأوكران عن المؤسسات المالية التي تُقيد وصولهم إلى حساباتهم المصرفية والعملات الأجنبية؛ وذلك في ظل حالة الفوضى المنتشرة، وصعوبة الاعتماد على البنوك التقليدية، وانخفاض سعر صرف العملة المحلية في كلا البلدين.
ملاذ آمن
تعد
العملات الرقمية ملاذًا آمنًا في أوقات الخطر والحروب، ويطلق عليها البعض الذهب الرقمي، باعتبارها مخزونًا ذا قيمة، وظهر ذلك جليًّا مع بدء الحرب
الروسية الأوكرانية، ففي الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، تمكنت الحكومة
الأوكرانية وحدها من جمع تبرعات بالعملات المشفرة قُدرت بنحو 54 مليون
دولار.
كما
اكتسبت تلك العملات أهمية كبيرة بالنسبة للسلطات الروسية، التي وجدت فيها
وسيلة للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ويشار إلى أن
روسيا كانت ثالث أكبر دولة على مستوى العالم في استخدامها بعد الولايات
المتحدة وكازاخستان؛ لاستحواذها على 11.23% من العمليات، وفق مؤشر كامبريدج
لاستهلاك البيتكوين للكهرباء.
وتُقدر
معاملات الروس بالعملات المُشفرة بحوالي 5 مليارات دولار سنويًّا، بحسب
البنك المركزي الروسي، إذ يمتلكون عملات مُشفرة بقيمة تزيد على 214 مليار
دولار، أما أوكرانيا، فتستحوذ على 0.13% من عمليات التعدين في العالم، كما
تحصد المرتبة الرابعة في مؤشر تبني العملة المُشفرة العالمي الصادر عن شركة
تحليلات البلوك تشين.
استغلال العملات المُشفرة في جمع التبرعات
في
الأيام الأولى للحرب، سعت الحكومة الأوكرانية عملة مُشفرة خاصة بها
كمبادرة رمزية لقضية كييف، ووسيلة للتخفيف من الآثار الاقتصادية للحرب على
البلاد، ورغم إلغاء المشروع، فإنه مثّل نقطة البداية لاستغلال العملات
المُشفرة في جمع التبرعات لصالح دعم الاقتصاد الأوكراني وتمويل الحرب، حتى
باتت جزءًا أساسيًّا من اقتصاد الظل في أوكرانيا، تُستخدم بشكل غير شرعي في
التهرب الضريبي وهروب رأس المال وغيرها.
واستفادت
أوكرانيا من العملات الرقمية؛ عبر تمويل عمليات الحرب، عن طريق التبرعات
التي يصعب تلقيها عبر الأساليب المصرفية التقليدية في ظل الحروب؛ نظرًا لارتفاع تكلفة إرسال الأموال إلى الخارج، علاوة على استغراق هذه العمليات
وقتًا طويلًا، على عكس العملات المُشفرة، إذ ساهمت بنحو 100 مليون دولار
لدعم الجيش الأوكراني.
كما
حاولت أوكرانيا عزل روسيا عن استخدام العملات المُشفرة، حيث طالبت جميع
مستخدمي العملات المُشفرة الرئيسية بحظر عناوين المستخدمين الروس، وأعلن
نائب رئيس الوزراء الأوكراني ووزير التحول الرقمي، ميخايلو فيدوروف، عن
تقديم مكافآت سخية لمن يدلي بمعلومات عن المحافظ الرقمية المرتبطة
بالسياسيين الروس والبيلاروس.
بترو بيتكوين
النظام
الروسي اتخذ عدة إجراءات بواسطة العملات المُشفرة، مكنته من تخفيف آثار
العقوبات الاقتصادية عليه؛ إذ تسعى موسكو لبيع النفط والغاز بعملة
البيتكوين المُشفرة أو الروبل الروسي، بدلًا من الدولار الأمريكي أو اليورو
الأوروبي.
وفي
الأيام القليلة الماضية، رفعت روسيا شعار «بترو بيتكوين» بدلًا من بترو
دولار، ما أسفر عن ارتفاع في قيمة العملة المُشفرة بيتكوين، لتتجاوز 45 ألف
دولار، ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة أن تزيد روسيا ضغوطها في ذلك
الجانب معتمدة على العملات المُشفرة، كسلاح لمواجهة العقوبات.
يذكر
أن البنك المركزي الروسي أجرى في منتصف فبراير الماضي تداولًا مبدئيًّا للروبل الرقمي، لتوفير أدوات للمساعدة على إخفاء أصول المعاملات الرقمية؛
وهو ما أثار مخاوف غربية من نجاح روسيا في استخدام العملات المُشفرة
للالتفاف على العقوبات ونقل الأموال من دون أن يتم اكتشافها.





