دور وسائل التواصل الاجتماعي في الحرب الروسية الأوكرانية
الثلاثاء 12/أبريل/2022 - 09:22 م
محمود البتاكوشي
لعبت مواقع التواصل الاجتماعي، دورًا كبيرًا في الحرب «الروسية ـــ الأوكرانية» التي تدور رحاها منذ 24 فبراير 2022، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى ونزوح الملايين، إذ تصاعد معها نشر المعلومات المضللة على مواقع التواصل، والتي تنوعت بين الفيديوهات المفبركة، والروايات المزيفة، حيث نجحت كييف بدعم غربي غير مسبوق في السيطرة على العالم الافتراضي وبثت فيديوهات ومعلومات مضللة الغرض منها إظهار الوجه السيء لروسيا، وتصويرها على أنها لا تكترث بحياة المدنيين، وذلك من أجل توجيه الرأي العام لصالح أوكرانيا.
يكفي الإشارة إلى ما صرح به «آندي ستون» الناطق باسم شركة "ميتا" يوم 10 مارس 2022، بأن شركته ستُتيح عبر منصاتها الألكترونية المختلفة استخدام أشكال التعبير السياسي العنيفة التي لطالما كانت تمثل انتهاكًا لقواعدها، وستسمح للمستخدمين بالتعبير عن معارضتهم للهجوم الروسي بكلمات مثل: موت الغزاة الروس، والدعوة لقتل القادة الروس، وهو الأمر الذي ندد به الجانب الروسي، باعتباره تحريضًا على الكراهية والعداء تجاه مواطني روسيا.
حملات دعائية ومعلوماتية مُضللة
اقترنت الحرب الروسية الأوكرانية بحملات دعائية ومعلوماتية مُضللة ومُزيفة من قبل طرفي النزاع، وذلك لهدفين في الأساس: الأول، ترويج كل جانب لوجهة نظره الخاصة بشأن دوافع وأسباب الحرب لحشد التعاطف والدعمين المحلي والعالمي تجاه قضيته، كنشر المنصات الإعلامية الروسية سرديتها الخاصة بشأن سيطرة النازيين الجدد على الحكم في أوكرانيا، وهنا تجدر الإشارة إلى تقرير وكالة «الأسوشيتد برس» الذي جاء فيه: «تفوق الرسائل والفيديوهات والصور التي يتم تبادلها عبر فيسبوك وتويتر وتلغرام، أعداد الضربات الجوية التي طالت أوكرانيا».
ويعتبر تطبيق «تيك توك»، رأس حربة وسائل التواصل الاجتماعي في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يوظفه بعض المؤثرين لدعم أوكرانيا، وتتبع تحركات القوات الروسية، والبث الحي لجبهات القتال المختلفة، وتوثيق المعاناة الإنسانية، كما يستخدمه الجانب الروسي أيضًا للترويج لسرديته عن الحرب، والرد على الانتقادات والعقوبات الغربية، إذ تسهل قدرات التحرير والفلاتر المُدمجة داخل التطبيق عملية التقاط التفاصيل ومشاركتها بالمقارنة بتطبيقات أخرى، وهو ما يسهم في سرعة انتشار المحتوى ويضاعف من تأثيره.
يعد فيديو الطيار الأوكراني الذي يُدعى «شبح كييف» والذي يزعم إسقاط طائرة روسية من طراز Su-35، ويُقال أنه أسقط بمفرده 6 طائرات روسية منذ بدء الحرب، أكبر الأمثلة على الكذب والتضليل إذ اتضح أن الفيديو مفبرك ومأخوذ من لعبة World Digital Combat، فضلًا عن فيديو الانفجار الكبير الذي اعتبرته أوكرانيا دليلًا على استخدام روسيا القوة المفرطة ضدها اتهمتها فيه باستخدام قنبلة حرارية ضد قاعدة للجيش الأوكراني، وتبين بعد ذلك أنه يعود لعام 2019 لانفجار وقع في سوريا.
كما لعبت منصات التواصل الاجتماعي، دورًا محوريًّا ومهمًا في صياغة وتصدير القصص الإنسانية التي تُجسد معاناة العائلات الأوكرانية، خاصة النساء والأطفال والعجزة، خلال عمليات النزوح والتهجير من المناطق التي تعرضت للقصف الروسي، لتعزيز البعد العاطفي في الصراع، واستمالة مشاعر التعاطف والتضامن العالمية تجاه ما يحدث في أوكرانيا، لا سيما مع تصدير صور الصمود الأوكراني البطولي في وجه المعتدين، وهو ما يعرف بعملية صناعة الحس الجماعي، وهي سياسة مُتبعة على نطاق واسع، خاصة خلال الحروب.
كما لجأت أوكرانيا إلى جمع التبرعات عبر تطبيق تيك توك، عبر عدة حملات دشنها المؤثرون الداعمون لها، كان أبرزها مساعدة الأوكرانيين المحتاجين والمتأثرين بالحرب، مع التأكيد على توليهم مسؤولية توزيع التبرعات بمساعدة الحكومات المحلية ومختلف الشركات المعنية، فضلًا عن العمليات التسويقية الرامية إلى بيع بعض القمصان التي كُتبت عليها عبارات مؤيدة لأوكرانيا، مع تخصيص الأرباح للمتضررين من الحرب الروسية، وقُدر عدد هذه القمصان المبيعة بالآلاف، وفوق ذلك كله ساهمت هذه الفيديوهات في زيادة التعاطف مع الشعب الأوكراني، ضد روسيا حتى أن البعض قرر الذهاب إلى كييف للدفاع عنها، ولاسيما بعد رؤيتهم حجم الدمار الذي خلفته الحرب.
على الجانب الآخر ركزت المنصات الإعلامية الموالية لروسيا على السخرية من الرئيس الأوكراني باعتباره ممثلًا كوميديًّا، بهدف التقليل من شأنه وإضعاف الحالة المعنوية لشعبه، حيث لعب دورًا مماثلًا لنظيره الأوكراني للترويج للكرملين ونشر معلومات داعمة للحرب، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال ملايين المشاهدات التي حظيت بها الفيديوهات التي صورت أوكرانيا على أنها المُعتدي، وشبهت السياسيين الأوكرانيين بالنازيين الجدد، وتبرير التدخل العسكري لبلادهم، والتأكيد على أن روسيا تريد إحلال السلام.
واشنطن لجأت هي الأخرى إلى المؤثرين على تيك توك، حيث التقى موظفو مجلس الأمن القومي الأمريكي والمتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، نحو 30 من كبار المؤثرين في تطبيق تيك توك، عبر برنامج زووم، لاطلاعهم على الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة وسياساتها في أوكرانيا، وطريقة توزيع المساعدات وتبرير أسباب رفض فرض حظر الطيران على أوكرانيا.





