القمع الحكومي يُغذي الإرهاب في تايلاند
الأحد 24/يونيو/2018 - 04:44 م
أحمد لملوم
كان مساعد زعيم قرية «رويسو»
الواقعة في جنوب تايلاند، يقود شاحنته مصطحبًا معه ابنه إلى مدرسته، عندما أُطلق
عليهما النار وسقطا قتيلين، ليضاف اسميهما لقائمة طويلة تحوي أكثر من 6500 اسم،
ضحايا الصراع في أقاليم «يالا» و«باتاني» و«ناراتيوات» الجنوبية، التي يقطنها غالبية
من المسلمين منذ عام 2004.
وكانت تلك الأقاليم جزءًا من
سلطنة مستقلة لمسلمي «الملايو»، قبل أن تضمها تايلاند في 1909، وترفض الحكومة
التايلاندية الاعتراف بلغة الملايو، كما أن التنمية الاقتصادية تكاد تكون شبه
معدومة في المنطقة؛ حيث يُعتمد على تجارة أشجار المطاط البيضاء للحفاظ على
اقتصادها.
والأقاليم الثلاثة، التي يقطنها 3 ملايين نسمة، الوحيدة التي
رفضت الدستور الجديد، الذي وضعه المجلس العسكري الحاكم للبلاد في استفتاء العام
الماضي؛ بسبب تغليب الديانة البوذية، التي يعتنقها أغلبية سكان تايلاند، على
الديانات الأخرى، ومنح القادة العسكريين نفوذًا هائلًا على الحياة السياسية.
وتعاملت الحكومة التايلاندية بعنف شديد عندما ظهرت حركة مقاومة
في الجنوب أواخر القرن الثامن عشر؛ إذ أمرت قادة عسكريين بربط مجموعات من الرجال
والنساء والأطفال معًا، وسحقهم بالأفيال حتى الموت، وفقًا لروايات تاريخية.
وتكرر رد الفعل العنيف من قِبَل الحكومة، مع بداية سلسلة اغتيالات
عام 2004، كان ينفذها مسلحون يقودون دراجات نارية، واستهدفت أفراد قوات الأمن
وموظفي الحكومة، فاحتجز الجيش التايلاندي مئات الشباب، وقُتِل خلال حملة الاعتقالات ما
يقرب من 78 شابًّا.
وكثرت حالات القتل العشوائية، والتي لم تتم محاكمة أي شخص عنها
حتى الآن؛ حيث لا يُعدُّ التعذيب جريمة جنائية، رغم الوعود بسن قوانين تمنعه.
وقال عبدالقهار أويبوت، مدير إحدى المنظمات الحقوقية المحلية
في تصريح لمجلة «الإيكونوميست» الأمريكية، إنهم يتعاملون مع ما يزيد على 100 حالة
يُشتبه فيها بانتهاك حقوق الإنسان سنويًّا، مضيفًا أنه جاء إليهم شخص احتجزته الشرطة،
وجعلته يقف لمدة يومين على التوالي.
وكان هناك ردٌّ من قبل الجماعات الإسلاموية، فاستمرت التفجيرات
والهجمات التي تستهدف المنشآت الحكومية منذ عام 2004، وشهد الوضع انفراجة بسيطة
عندما بدأت محادثات سلام هشة بين الحكومة التايلاندية وهذه الجماعات عام 2015.
وفي أبريل 2017، رفضت الحكومة التايلاندية عرضًا مشروطًا لإجراء
محادثات سلام قدمته الجبهة الثورية الوطنية، وهي واحدة من الجماعات المتمردة
الرئيسية في جنوب البلاد.
وترى سيدني جونز، الباحثة
الأمريكية، في مقال صحفي، أنه يمكن منح جزء من الاستقلال السياسي لهذه الأقاليم
كجزء من الحل، على غرار ما حدث مع إحدى المقاطعات الإندونيسية، بعد إجراء محادثات
عام 2005، أنهت سنوات من العنف بعد منحها وضعًا خاصًّا داخل إندونيسيا، والسماح لحركة
المقاومة المسلحة بالتنافس في الانتخابات المحلية كحزب سياسي.





