ad a b
ad ad ad

العدو البعيد.. هل يبحث «داعش» عن موطئ قدم في الحرب الروسية الأوكرانية؟

الإثنين 11/أبريل/2022 - 06:25 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

 منذ بدء اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، توجهت أنظار الكثيرين إلى الجماعات المسلحة، خاصة تلك التي تتشابك صراعاتها مع روسيا في الشرق الأوسط وقلب آسيا، وعلى رأسها بالطبع تنظيم داعش الإرهابي، لتظهر التساؤلات حول مدى إمكانية أن يجد التنظيم موطئ قدم في هذه الحرب أم لا؟ وإلى أي الفريقين سيميل إذا انتوى المشاركة، أم سيكون له رأي آخر.


أيديولوجيا التنظيم مع الأرض


خلفيات التنظيم وأيديولوجياته تكشف الكثير من الإجابات التي تطرحها هذه التساؤلات، فالتنظيم منذ البداية يعمل على محاربة العدو القريب، ويضعه على رأس أولوياته، ولا يعير اهتمامًا كبيرًا بالعدو البعيد، وهو ما يتضح من خلال تتبع نشاطاته خارج مناطق نفوذه فيما أعلنه من ولايات تابعة له في كل من آسيا وأفريقيا، سواء في حاضرته المركزية بالعراق وسوريا أو في خراسان والهند ووسط وشمال أفريقيا والصحراء الكبرى.


يركز تنظيم داعش على المناطق الرخوة سياًسيًّا وأمنيًّا، للسيطرة على الأرض وإخضاعها لنفوذه، ومن ثم إعلانها ولاية تابعة له، واستقطاعها ممن يطلق عليه العدو القريب، وهو الحكومات الوطنية في هذه الدول الإسلامية، بعد أن يعتبر هذه الحكومات وجيوشها ومن يواليها من موظفين ورعايا ومواطنين مرتدين عن الإسلام، وبالتالي وجب على التنظيم محاربتهم أولًا، قبل أي شيء آخر لإقامة خلافته ودولته على أراضيهم.


ومنذ اليوم الأول لإعلان خلافة داعش المزعومة، ركز التنظيم على البعد المكاني أولًا حتى في اختيار اسمه، (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وتدرج بعد ذلك في ضم ولايات أخرى من دول العالم الإسلامي منها ما يقترب من مقر نفوذه المركزي بسوريا والعراق، ومنها ما يبتعد عنها في قلب أفريقيا أو في قلب آسيا كولاية خراسان وولاية ليبيا وغيرهما.


وبهذه الصورة فالتنظيم لا يعنيه كثيرًا- ولو بشكل مرحلي- أن يكون له امتداد واسع خارج الأراضي الإسلامية، لأنه يسعى إلى تعبيد هذه الأراضي لنفوذه أولًا ومن ثم جعلها مرتكزًا لإعادة (فتح) العالم من جديد.


العدو البعيد


وسط هذه الفكرة، التي تركز على الجهاد المحلي وتعتبره الأساس، فإن البحث عن موطئ قدم في الصراع الروسي الأوكراني أو الروسي الغربي، ليس من أولويات التنظيم، فبمراجعة عملياته منذ عام 2014م إلى الآن، فقد ركز التنظيم على تنفيذ عمليات خاطفة تتسع حينًا وتضيق أحيانًا كثيرة تصل إلى مجرد عمليات فردية، لعناصر فاعلة من الأجانب الذين بايعوا التنظيم داخل بلادهم خارج البلاد الإسلامية سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة أو آسيا، أو حتى أفريقيا، تتميز هذه العمليات بأنها خاطفة وشديدة التركيز، ولا تستهدف تحقيق نفوذ على الأرض كما حدث في هجمات باريس 13 نوفمبر 2015م، والتي أطلق عليها اسم «في عقر دارهم» واستهدفت عدة مواقع متزامنة أكبرها كان مسرح باتاكلان وأسفرت عن مقتل 130 شخصًا وإصابة 368 آخرين، وتعتبر هذه الهجمات أكبر العمليات التي نفذها تنظيم داعش خارج مناطق نفوذه.


كما اعتمد التنظيم أيضًا على الذئاب المنفردة، وأغلبهم ينتمون إلى التنظيم فكريًّا فقط ولا تربطهم به بيعة أو عضوية رسمية، وينفذون عمليات فردية خاطفة، توقفت بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة لأسباب منها الملاحقات الأمنية، والضعف المرحلي للتنظيم.


وبالتالي فإن التنظيم الإرهابي بهذه الصورة لا يسعى لأن يكون حاضرًا بصورة أو بأخرى في الحرب الروسية الأوكرانية، لثلاثة أسباب:


الأول: يتعلق بأيديولوجيا التنظيم التي لا تضع التمدد خارج العالم الإسلامي على أولوياتها حاليًا.


الثاني: ضعف التنظيم حاليًا وانشغاله بلملمة جراحه، أو الاستعداد لما هو آت في المستقبل.


الثالث: التضييق والملاحقات الأمنية التي تكبل التنظيم حاليًا سواء من قوات التحالف الدولي في مناطق نفوذه، أو الحكومات المحلية في مناطق وجود خلاياه.

 

"