نجاح أمني.. دلالات خفوت الإرهاب في أوروبا خلال الربع الأول من 2022
يُظهر الربع الأول من عام 2022 خفوت العمليات الإرهابية الناجمة
عن الجماعات التكفيرية في الدول الأوروبية، ما يطرح التساؤلات حول خطط مكافحة التطرف في المنطقة ومدى قدرتها على
تقويض فرص حدوث العنف في المنطقة، إلى جانب التأثيرات التي خلفتها الجهود الدولية
على قوة المعاقل الرئيسية لهذه الجماعات بما أسهم في قدراتها التشغيلية.
مُنيت المنطقة الأوروبية بسلسلة هجمات متتالية في نهاية عام
2020، وكانت فرنسا والنمسا وألمانيا أكثر الدول تأثرًا بهذه الهجمات ما فتح المجال أمام إجراءات أكثر تشددًا لحماية
الأمن القومي للمنطقة، وذلك وسط نقاشات جدلية حول مدى قدرة أوروبا على تخطي أزمات
التوفيق بين المعالجات القانونية للقضايا الملحة وملف حقوق الإنسان.
مقارنات حول نسب الإرهاب وتأثيراته في أوروبا
أسهمت العمليات الإرهابية التي وقعت في نهاية 2020 في تغيير استراتيجيات مواجهة الإرهاب لدى الكثير من الدول الأوروبية، وأبرزها فرنسا، إذ ناقشت باريس عبر سلطتها التشريعية مشروع قانون عرف بمبادئ الجمهورية، ويحرص على الحفاظ على قيم المجتمع الفرنسي لأنه يتعامل مع جماعات التطرف كخطر يهدد السلام المجتمعي للدول، كما يفرض القانون رقابة أكثر صرامة على جهات تمويل دور العبادة وجهات الإنفاق.
فيما قررت الحكومة الفرنسية منع استقدام رجال دين أو خطباء من الخارج والاعتماد بدلًا من ذلك على رجال دين فرنسيين بعد تدريبهم جيدًا عبر مراكز أعدت خصيصًا لهذا الغرض، وذلك لضمان عقيدة صحيحة عن الدين، وفقًا للرؤية الفرنسية، إلى جانب ضمان عدم استيراد أنماط فكرية غريبة على المجتمع.
وحول المواجهة الأمنية فرضت القوات عمليات تفتيش ومداهمة لعدد
واسع من المراكز، كما أجرت تحقيقات مع العاملين بهذه المراكز، ومن جانبها أعلنت
النمسا قيودًا جديدة تمنع تداول رموز وشعارات الجماعات الإرهابية مع فرض غرامات
وعقوبات على غير الملتزمين، وكانت شعارات ورموز جماعة الإخوان ضمن التيارات
المحظورة فيما يمثل تغيرًا نحو هذا الملف.
وحرصت بريطانيا على تطوير أدائها لمواجهة الإرهاب ولكنها كانت
من أكثر الدول الأوروبية التي اتسمت معالجتها بالتعقيد وعدم التوازن، إذ أعلنت
إسقاط الجنسية عن عدد كبير من المتطرفين بينما عارضت المحكمة القرار لعدم إصدار الحكومة
إخطار مسبق للمدانين، فقررت بريطانيا طرح مشروع قانون يمكنها من سلب الجنسية من
المتطرفين دون الحاجة لإرسال إخطار.
تحديات قانونية وإجرائية حول ملف الإرهاب
تسعى المملكة المتحدة للتغلب على أزمة عودة الدواعش، فهي لا
تريد استقبالهم لتأثيراتهم السلبية على أمنها القومي وفي الوقت ذاته تبحث تكيف
الموقف قانونيًّا لتجاوز الأزمات الحقوقية حيال هذا الملف، إذ سبق واستغنت البلاد
عن محاكمة عنصري خلية البيتلز الداعشية والمسؤولة عن إعدام الأجانب إبان سيطرة
التنظيم على سوريا شافعي الشيخ والكساندا كوتي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية
حتى تتخطى أزمات القانون الداخلي، والتي كانت ستفرج عنهما بعد عقوبة سجن غير كافية
من وجهة نظر الحكومة.
يؤدي ملف مكافحة الإرهاب في بريطانيا إلى فتح النقاش حول المعالجات
القانونية المطلوبة لمواجهة التحديات الناشئة عن الإرهاب الدولي كتحدٍ حديث
نسبيًّا، فمع قرار سويسرا بتحديث قوانينها لمكافحة الإرهاب نشبت بالبلاد تخوفات حول
أوضاع حقوق الإنسان عبرت عنها المنظمات الدولية الرسمية.
المزيد.. الانتشار المتوازي.. اليمينيون والتكفيريون يضاعفون مخاوف صربيا





