مستقبل القوات الأمريكية في سوريا والعراق بعد تصعيد الفصائل هجماتها
الثلاثاء 25/يناير/2022 - 04:52 م
محمود البتاكوشي
تعاني القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا والعراق، من هجمات بقصد تهديد وجودها، ما دفع واشنطن إلى زيادة مساحة التعاون مع موسكو لتحجيم النفوذ الإيراني لاسيما في سوريا، فضلًا عن قرارها الاحتفاظ بـ 2500 جندي أمريكي في العراق.
وظهر ذلك جليًّا عبر التحركات الروسية الأخيرة في جنوب سوريا، والتى تشير الى وجود سياسة روسيا لتعزيز انتشار عناصر الفيلق السوري الأول (أحد فيالق الجيش العربي السوري)، لتعزيز قدرته على تولي إدارة الوضع الأمني في جنوب البلاد، كما أن الخطوة الروسية تهدف كذلك إلى قطع الطريق أمام تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية، وهو ما يمثل تحجيمًا لأحد مصادر تمويل ميليشيات إيران في سوريا.
الأيام الماضية، شهدت تنفيذ فصائل الحشد الشعبي وتحديدًا حركة النجباء الشيعية، وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي تصعيد ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، في الفترة من 3 إلى 7 يناير 2022، تمثلت في 5 هجمات داخل العراق، استهدفت الوجود الأمريكي في مطار بغداد وقاعدة عين الأسد الجوية بصواريخ غير موجهة وطائرات مسيرة، كما استخدمت الفصائل نفسها، بشكل منفصل، الصواريخ والطائرات المسيرة لاستهداف القاعدة الأمريكية في القرية الخضراء ، شرق سوريا في 5 يناير، كما هاجمت الوجود الأمريكي في حقل العمر النفطي.
الهجمات السابقة، أدت إلى تراجع واشنطن عن الانسحاب من العراق، حيث كان من المنتظر أن يتقلص عدد الجنود الأمريكيين ببلاد الرافدين مع نهاية العام 2021 إلى أقل من ألف جندي، غير أن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بنتاجون جون كيربي، كشف في 4 يناير أن بلاده تحتفظ بـ2500 جندي على الأراضي العراقية، وأن القادة العسكريين لديهم مطلق الصلاحية لاستعمال إمكانياتهم في الدفاع عن الجنود والمواقع التي ينتشرون فيها.
وبالرغم من ذلك تبنت واشنطن تدابير دفاعية، إذ تمكنت منظومات الدفاع الجوي الأمريكية من طراز «سي رام»، المضادة لصواريخ الهاون والطائرات المسيرة، والمنشورة في عدد من المواقع الأمريكية في العراق، من اعتراض أغلب الهجمات التابعة لميليشيات إيران، كما نشرت واشنطن منظومات كايوت عالية التقنية لرصد أية تحركات معادية أو أية استعدادات لمهاجمة هذه المواقع العراقية، وهو ما مكنّها من ضرب مواقع، كانت الميليشيات تقيمها لشنّ الهجمات ضد القوات الأمريكية.
كما قامت قواتها في سوريا من توجيه ضربات استباقية ضد موقع حول القرية الخضراء كان يجري الإعداد فيه لتنفيذ هجوم صاروخي على القوات الأمريكية في سوريا.
كما اتجهت الولايات المتحدة لتأكيد بقاء قواتها في سوريا، إذ دشنت في مناطق سيطرة الأكراد، مصفاة نفط ومستلزمات التكرير في حقل رميلان النفطي، لاستخداماتها العسكرية، بلغت قدرتها 100 ألف برميل شهريًّا، لاستخداماتها العسكرية في المنطقة، كما لا يزال هناك نحو 900 جندي أمريكي منتشرين في شمال شرق سوريا وفي قاعدة التنف الواقعة قرب الحدود الأردنية والعراقية.
وكشف مصادر أمريكية أن الولايات المتحدة وجهت تحذيرات لإيران، والميليشيات المرتبطة بها بضرورة وقف هذه الهجمات، وإلا فإن الولايات المتحدة سترد بقوة عليها، دون توضيح أبعاد أو مضمون هذه التهديدات، وهو ما يؤشر إلى أن الولايات المتحدة ستتجه إلى وضع خطط طارئة للرد على أي اعتداء إيراني يتسبب في سقوط قواتها في العراق، بما يحمله ذلك من إمكانية تصعيد المواجهة بين الجانبين.
ويذكر أن قاعدتي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في حقل العمر النفطي ومعمل غاز كونيكو، شهدت استهداف صاروخي في أيام 3 و5 و7 يناير الجاري، ردًّا على استهدف الطيران الأمريكي مقرات عسكرية لبعض الفصائل الإيرانية في بلدات العشارة والميادين غرب نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي، والتي أسفرت عن مقتل القيادي بالحرس الثوري الايراني حاج عباس، في بادية الميادين بريف دير الزور.
كما تزامنت هجمات الفصائل الإيرانية في سوريا مع تصعيد مماثل في العراق، ففي 4 و5 يناير الجاري، تم استهداف قاعدة عين الأسد العسكرية العراقية الواقعة في غرب البلاد، والتي تضم قوات استشارية للتحالف الدولي، بهجمات بالطائرات المسيرة وضربات صاروخية، على التوالي، فضلًا عن استهداف الوجود الأمريكي في مطار بغداد بطائرتين مسيرتين كذلك، وهو ما أعلنت إيران مسؤوليتها عنه، إذ أكد علي تنغسيري، قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني، مسؤولية بلاده عن استهداف قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار العراقية، في تحدٍّ مباشر للولايات المتحدة.
وتزامن الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية مع الذكرى الثانية لمقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق في 3 يناير2020، ما يؤكد أن طهران ترسل رسالة لواشنطن، مفادها أن التوصل لاتفاق حول برنامجها النووي لن يجعل إيران تتراجع عن تنفيذ أجندتها الرامية إلى الانتقام لمقتل سليماني، أو إخراج القوات الأمريكية من المنطقة.





