تداعيات رئاسة الهند للجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن
تولت الهند رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن التابع لهيئة
الأمم المتحدة، وباعتبار الإرهاب الدولي ظاهرة حديثة نسبيًّا فهل ستضفي رئاسة
الهند تغييرًا لأطر مكافحة الإرهاب بما لها من رؤية أصيلة تجاه هذا الملف؟، وإلى
أي مدى سيتأثر الملف بالمعارك السياسية للبلاد.
أعلنت الهند في 28 ديسمبر 2021 توليها رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب خلال عام 2022، وقال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، «تي اس ترومورتي»: إن رئاسة اللجنة له مردود خاص لنيودلهي لأنها تأتي في مقدمة الدول التي تهتم بمكافحة الإرهاب، وكذلك هي من أكثر الدول التي تضررت من سلبياته.
قضايا الإرهاب ومتلازمة المعارك والمصالح السياسية
يتغلف ملف مكافحة الإرهاب بمعايير خاصة تصيغها المصالح والخلافات السياسية، حتى أن الانتشار الإرهابي ذاته يرتبط بالسياسة ومصالحها، وبالنسبة للهند فمعالجتها للإرهاب تتسم بتشابكات عدة، فإلى أي مدى سيؤثر ترأسها للجنة الإرهاب على تفكيك بعضٍ من هذه التشابكات؟.
خاضت الهند معارك طويلة لإدراج «مسعود أزهر» زعيم جماعة جيش محمد على لائحة الإرهاب الدولي قبل أن تستطيع في مايو 2019 تسميته فعليًّا كإرهابي دولي، إذ حاولت الهند قبل سنوات لهذا الإدراج وظل طلبها يقابل بالرفض لمرات مختلفة، إذ كانت الصين تستخدم حقها في الفيتو لمنع الإدراج بحجة دراسة الأمر أو لعدم كفاية الأدلة.
واتهمت الهند جارتها الصينية بتسييس الملف، إذ تعتقد نيودلهي أن تمييع الصين لهذه القضية نابع من الخلافات القائمة بين الطرفين حول حدود التبت وغيرها من الملفات، وذلك لأن الإدارة الهندية لديها يقين حول تورط «أزهر» في العديد من الهجمات التي ضربت البلاد، فضلًا عن تعاون جماعته مع تنظيم القاعدة.
تبقى الأطر الحاكمة لسير العمل بهيئة الأمم المتحدة رابطًا وثيقًا لعمل الدول بداخلها على اختلاف توجهاتهم، ولكن هناك الدول الكبرى صاحبة حق الفيتو التي تتحكم في مآلات مختلفة للملف ومعالجاته.
وعلى ذكر الاختلافات السياسية حول معالجة ملفات الإرهاب أبرزت الصحافة الباكستانية أخبار رفض الإدارة الأمريكية لقرار الهند بتصنيف حركة «خالصتان» على لائحة الإرهاب باعتبارها مجرد تنظيم سياسي لا يستخدم العنف من وجهة النظر الأمريكية.
واستنادًا إلى الصراعات بين الهند وباكستان، عملت الأخيرة على الترويج لتسييس الهند معالجاتها لملف الإرهاب، مضيفة بأن الولايات المتحدة تؤكد عدم تنفيذ الحركة لأنشطة إرهابية داخل الهند، ولكنها فقط تسعى للانفصال وتكوين وطن مستقل للسيخ.
التحديات الدولية في ملف مكافحة الإرهاب
لا يزال ملف مواجهة التطرف يحتاج للكثير من الجهود، ومن أبرز التحديات في هذا الإطار هو التحديدات اللفظية، إذ طلبت بعض الدول اعتبار الهجمات العنيفة بأغلب تياراتها ومناهجها إرهابًا دوليًّا وعدم قسر اللفظ على دين أو تيار فكري دون الآخر.
وتلعب المسميات دورًا مهمًا في صياغة قانون دولي يحكم الإرهاب وتبعاته، كما يضمن إبقاء صفة الإرهاب لصيقة فقط بفاعليه، بغض النظر عن التوجهات السياسية للأنظمة الحاكمة أو الخلافات والمصالح الناشئة.
إن الجماعات التي تتخذ من العنف مسلكًا لتحقيق هدفها لا يزال تصنيفها قيد الرؤى السياسية كبعض جماعات اليمين المتطرف واليسار أيضًا، وبعض الحركات الانفصالية، ولكن تتسم الحركات الانفصالية بطابع خاص لأنها تتسبب في إضرار للداخل، كما إنها تفتح المجال لباقي الحركات المتطرفة للتنامي عبر بيئة تغذي العمل السري وتجارة الأسلحة والتعاون مع المنظمات الإجرامية.
المزيد.. تأجيل الاعتراف الأممي بـ«طالبان» وسط إشكاليات عقائدية للمتطرفين





