ad a b
ad ad ad

صداع في رأس أوروبا.. مخاطر نزع الجنسية عن مقاتلي التنظيمات الإرهابية

الأربعاء 15/ديسمبر/2021 - 05:54 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
صداع مزمن يشكله الأوروبيون المنضمون لصفوف داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، إذ تحاول دول القارة العجوز حماية أمنها القومي بشتى الطرق والوسائل، منها نزع الجنسية عن المقاتلين المنتمين لجماعات القتل والتخريب، وذلك في محاولة لردع الشباب من الالتحاق بالجماعات المتورطة أو الانخراط في عمليات إرهابية. 

قنبلة موقوتة

للوهلة الأولى يظهر أن هذا الإجراء يمثل حلًّا ناجعًا للقضاء على الإرهاب، ولكنه في حقيقة الأمر يمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، إذ إن سحب الجنسية من المقاتلين سيكون سببًا قويًّا في عودة التنظيم للنشاط، حيث سيبقى هؤلاء المتطرفون طلقاء وبعيدون عن مراقبة الأمن المحلي، وتعني أن يتم إرسال التهديدات لدولة أخرى، كما أن هؤلاء الإرهابيين يقعون تحت سيطرة أمراء الإرهاب مما يؤدي إلى نشاط العمليات الإرهابية.

تجريد العناصر الإرهابية من جنسياتها، من شأنه زيادة مشكلات دول الصراعات التي تشهد تصاعدًا في نشاط الجماعات الإرهابية والمقاتلين الأجانب، ولا سيما مع تمكن عدد مهم منهم من الهرب والاختباء وإعادة تنظيم أنفسهم، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للبلدان المضيفة لهم، ويزيد من خطر الإرهاب الذي يواجه المجتمع الدولي بأسره على المدى الطويل.

المخاوف الأوروبية من عودة المقاتلين الأجانب جعلت دولًا كثيرة تصر على سحب الجنسية منهم إذ إنهم يمثلون خطورة على المجتمع الأوروبي، سواء من الناحية الموضوعية أو من الناحية السياسة، لأن القدرة على الملاحقة القضائية للمقاتلين الأجانب العائدين متفاوتة إلى حد كبير بين الدول الأوروبية، يشترط أن يثبت أن الفرد قد ارتكب أعمالًا إجرامية أثناء وجوده في سوريا أو العراق، كما يرى أنه لا تحظى الإعادة إلى الوطن بشعبية بين الجماهير الأوروبية.

خطر بالغ

ترتبط عودة المقاتلين الأجانب بالمقاومة السياسية للعودة إلى الوطن، وهناك اعتراض على إنفاق الأموال على الجهود واللوجستيات لإعادة المواطنين الذين انضموا إلى جماعة إرهابية شنت حربًا ضد بلدانهم، كما أنه لا ينبغي إنفاق المال لجلب العناصر الإرهابية إلى الديار لكونهم يشكلون خطرًا بالغًا على المجتمع.

يشار أن المقاتلين الأوربيون الذين يقاتلون مع الجماعات الإرهابية يمثلون تهديدًا أمنيًّا كبيرًا لدول أوروبا، حيث يتم اختيارهم من مجموعات متنوعة من الفئات العمرية، والتعليمية، والمهنية، والاجتماعية، والاقتصادية، مما يجعل أوروبا مهددة بالتحول إلى مراكز لتفريخ المقاتلين.

لقد قدرت المفوضية الأوروبية مؤخرًا أن الجماعات الإرهابية نجحت في استقطاب نحو 5000 أوروبي من أصل 40 ألفًا من جميع أنحاء العالم يشار أن 600 طفل من مقاتلي داعش الأوروبيين وعائلاتهم محتجزين في شمال شرق سوريا منذ 30 مارس 2021، إضافة إلى 400 طفل معتقل بمدينة الحسكة السورية، مما يعني أنه عودة هولاء إلى أوطانهم بمثابة انتحار سياسي وأمني، وخاصة أن الأطفال المحتجزين في المخيمات قد يمثلون النسخة المحتملة الأكثر خطرًا من العناصر الإرهابية، فلديهم أسباب ودوافع نفسية واجتماعية تجعلهم أكثر عرضة لممارسة العنف، فضلًا عن شعورهم بالرغبة في الثأر لذويهم الذين قتلوا في المعارك.

طرق المواجهة

ولهذه المخاوف طالب عدد من قادة أوروبا بعدم السماح للمقاتلين الأجانب بالعودة، حيث وصف وزير الداخلية النمساوي هيربرت كيكل، عناصر داعش المحتجزين في سوريا بأنهم قنابل موقوتة، ويرفض عودتهم، ويطالب بمحاكمتهم هناك، وعدم إعادتهم إلى البلاد، قائلا: هناك نحو 60 نمساويا سافروا خلال السنوات الماضية لمناطق القتال في سوريا، والآن محتجزون هناك، وقد سافروا بشكل طوعي، وقاتلوا لسنوات في صفوف التنظيم الإرهابي، والآن يريدون العودة، للدولة التي كانوا يريدون تدميرها حينما انضموا للتنظيم.

تنتهج الدول الأوروبية عددًا من الطرق لمواجهة أزمة عناصرها المنضمة للجماعات الإرهابية، أولها تركهم وعائلاتهم لتحاكمهم السلطات المحلية في الدول التي تحتجزهم، فضلًا عن منعهم من العودة إلى دولهم الأصلية، إما من طريق تجريدهم من جنسيتهم أو باستخدام الحجج التقنية للطعن في وجود جنسيتهم الأولية، وبعض الدول تعترف بحق المقاتلين في العودة مع تجنب الجهود الدولية النشطة لتسهيل عودتهم إلى الوطن، ودول أخرى تعيد المقاتلين الأجانب وإخضاعهم للمحاكمة فيها، مع تكثيف جهود المراقبة أو إعادة التأهيل أو إعادة الإدماج بعد عودتهم، كما تطالب الأمم المتحدة بالتحقيق في جرائم تنظيم داعش، ودعوة الى إنشاء محكمة دولية مقاضاة المقاتلين الأجانب العائدين.
"