تأثير اعتقال عثمان كافالا على الاقتصاد التركي
الخميس 09/ديسمبر/2021 - 05:24 م
محمود البتاكوشي
يدفع الاقتصاد التركي نتيجة قرارات رجب طيب أردوغان، ولا سيما تلك التي قيدت الحريات واعتقلت الآلاف من الأبرياء على مدار السنوات الماضية، لمجرد الخلاف في وجهات النظر، ولعل أبرزهم رجل الأعمال عثمان كافالا الذي أصبح واجهة ملف المعتقلين، وفتح أبواب جهنم على النظام التركي.
اعتقال نظام أردوغان لعثمان كافالا، جر المشاكل والأزمات على البلاد، إذ تسبب في أزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول غربية على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وفرنسا، لمطالبتها بالإفراج الفوري عن الرجل، الأمر الذي رفضتها تركيا، وكاد الأمر أن يصل إلى طردهم.
كما اتخذ المجلس الأوروبي قرارًا غاية في الصرامة بتأديب تركيا إثر رفضها الإفراج عن المعارض البارز عثمان كافالا، رغم صدور حكم قضائي عام 2019 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقضي بإطلاق صراحه، عبر تهديدها بالطرد، وتعليق العديد من المعاملات الاقتصادية.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها مجلس أوروبا هذه الإجراءات ضد أحد البلدان الـ47 المنضوية فيه، وكانت المرة الأولى عام 2017 عندما أطلق إجراء مشابها ضد أذربيجان لرفضها إطلاق سراح معارض.
بأتي ذلك بالتزامن مع مخاوف المستثمرين من انخفاض سعر الليرة التركية إلى مستوى قياسي بعد أن خفض البنك المركزي، تحت ضغط من أردوغان لتحفيز الاقتصاد، أسعار الفائدة بشكل غير متوقع بمقدار 200 نقطة الأسبوع الماضي، وتراجع الليرة التركية إلى مستويات قياسية، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد تركيا بنسبة 9٪ هذا العام، يزيد التضخم عن ضعف ذلك، فقد انخفضت الليرة بنسبة أكثر من 50٪ مقابل الدولار منذ آخر فوز لأردوغان في الانتخابات عام 2018.
يشار أن عثمان كافالا رجل أعمال تركي من أصول يونانية، قرية كافالا، لعائلة تمتهن تجارة التبغ حين انهارت الدولة العثمانية اختارت عائلته الحياة في تركيا بدلًا من اليونان أو باريس حيث الأخيرة هي مسقط رأس عثمان، نشأ في تركيا ودرس إدارة الأعمال في جامعة الشرق الأوسط في أنقرة، ثم أكمل دراسته في جامعة مانشتسر في بريطانيا، ودرس الدكتوراه في نيويورك، لكنه توقف عنها وعاد لتركيا عام 1982 بعد وفاة والده، وأصبح مسؤولًا عن تسيير أعمال العائلة، فخصص عددًا من الأصول لمناصرة المنظمات غير الربحية بخاصة التي تعمل من أجل الديمقراطية، كما بات نصيرًا للأقليات مثل الأرمن والأكراد.
صار كافالا قيد الحجز منذ أكتوبر 2017، ما يعني أنه في أكتوبر 2021 قد أتم أربع سنوات بالفعل في الاحتجاز بعدة تهم حتى برأته المحكمة في فبراير 2020، وأُفرج عنه لكنه بعد عودته لبيته بساعات قلائل أعادت السلطات التركية القبض عليه بتهم جديدة متعلقة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، ولا تظل تلك المحاكمة جارية حتى الآن.
السياسات القمعية للرئيس التركي أدت إلى هروب المستثمرين وتقلصت قدرة تركيا على جذب الاستثمارات الأجنبية، وقد بدأت أثار ذلك تظهر جليًا فى النصف الثانى من عام 2018 إذ دخل الاقتصاد التركي مرحلة خطرة للغاية، في ظل تسارع انهيار الليرة أمام الدولار، عقب قرار الولايات المتحدة الأمريكية بمضاعفة رسوم وارداتها من منتجات الصلب والألومنيوم التركي، فهبطت الليرة التركية أمام الدولار بمعدل بلغ 49% وسط تفاقم المديونيات التركية، التي بلغت بحسب البنك المركزي التركي 452.7 مليار دولار، تمثل 53.2% من الناتج الإجمالي، 57% من هذه القروض على الشركات، ومنذ هذه اللحظة أصبح الوضع يزداد سوءًا يوما بعد يوم.
بالإضافة إلى تراجع مساهمة قطاع السياحة في الدخل القومى التركي، بسبب انخفاض أعداد السياح القادمين إلى تركيا، ويعود ذلك إلى أكثر من سبب أبرزها جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، كثرة الاعتقالات والاغتيالات السياسية التي جعل الكثيرون يعزفون عن القدوم إليها.
يشار أن انهيار قيمة الليرة على مدى العامين الماضيين، أدى إلى ارتفاع تكاليف إنتاج السلع داخل السوق التركية، ما أثر بشكل سلبي على القوة الشرائية للمواطنين، وخلق حالة من الركود، وهبوط مؤشرات اقتصادية مثل العقارات والسياحة والقوة الشرائية، وفي الوقت الذي قفزت فيه نسب التضخم تراجعت ثقة المستثمرين والمستهلكين بالاقتصاد المحلي.





