آثار كارثية لسد «اليسو» التركي على العراق.. و«أردوغان»: «لن نفرط في قطرة ماء»
الأربعاء 10/نوفمبر/2021 - 05:49 م
محمود البتاكوشي
«الحفاظ على الموارد المائية في تركيا، لم يَعُد خيارًا بل أصبح ضرورة، نحن لا نتسامح مع إهدار ولو قطرة واحدة من موارد بلادنا المائية».
هذا ما أكده الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال حفل افتتاح سد إليسو، السبت 6 نوفمبر 2021، غير عابئ بما يسببه هذا السد من أضرار جسيمة على دول الجوار، لاسيما العراق الذي أفقده هذا السد أكثر من نصف حصته من المياه، إذ تم إنشاؤه على نهرى دجلة والفرات، اللذين ينبعان من هضبة الأناضول، ويمثلان المورد الرئيسي للمياه إلى العراق.
عبث تركى بمقدرات الشعب العراقي
وكان لضعف العراق، خلال السنوات التالية للغزو الأمريكى وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين في عام 2003، أثر سلبي، في العبث بمقدرات الشعب العراقي دون رادع، إذ تستغل تركيا تحكمها في مياه نهري دجلة والفرات في إقامة السدود والمشاريع المائية والري، على النهرين.
ويبلغ طول نهر الفرات 2784 كيلومترًا، وينبع من تركيا ومن ثم يدخل أراضى سوريا ثم الأراضى العراقية، بينما يدخل نهر دجلة بصورة مباشرة إلى العراق، ويبلغ حجم المياه المتدفقة من النهرين سنويًّا ما يقرب من 80 مليار متر مكعب من المياه العذبة.
ويحتاج العراق سنويًّا إلى 50 مليار متر مكعب لتغطية احتياجاته من المياه، ويمثل «دجلة» المصدر الرئيسي لحاجات بلاد الرافدين من المياه بنحو 60%، وتأتى النسبة الباقية من نهر الفرات.
وتزعم تركيا أن السد ليس له آثار سلبية على العراق، لأنه يسمح بمرور المياه، لكون المشروع كهرومائي، وبالتالي فليس له أي خطورة على حصة العراق من كميات المياه المتدفقة من نهر دجلة، وأن بناء السد لن يلحق ضررًا بحقوق ومصالح بلاد الرافدين.
ويعد سد إليسو من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويقع جنوب شرقي تركيا على مقربة من الحدود العراقية، إذ يبعد 65 كم عنها، ويبلغ طول السد 1820 مترًا بارتفاع 135 مترًا وعرض 2 كم، ومساحة حوضه تقدر بـ 300 كم مربع، ويستوعب في حالة امتلائه كليًّا بالمياه ما يقارب 20,93 بليون متر مكعب.
تشريد 80 ألف شخص
تسبب سد إليسو في تشريد نحو 80 ألف شخص من 199 قرية، إذ حظر العراق زراعة الأرز، بسبب نقص المياه، ما دفع المزارعين إلى هجر أراضيهم، كما شهدت مدينة البصرة احتجاجات استمرت شهورًا بسبب عدم توافر مياه صالحة للشرب.
كما حذر تقرير صادر من جمعية المياه الأوروبية، أن العراق قد يفقد بالكامل مياه النهرين بحلول عام 2040، وسلط التقرير الضوء على نهر دجلة، الذي يفقد 33 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا بسبب سياسة تقليل المياه التي تتبعها تركيا.
وسيكون لتخفيض كمية المياه في مجرى النهر تأثير كبير على المنشآت الهيدروليكية الحالية على نهر دجلة، وسيؤدي إلى تغيير النمط الطبيعي لتدفق مياه النهر، مع انعكاسات على إمدادات الطاقة المتولدة من نظامين رئيسيين لتوليد الطاقة المائية.
ووفقًا لتقرير جمعية المياه الأوروبية؛ انخفضت حصة المياه المتدفقة إلى العراق بمقدار الثلثين في السنوات الماضية، ومع استمرار هذا الانخفاض فقد بدأت مشكلة الجفاف في الظهور في السنوات القليلة الماضية.
العراق يواجه كارثة حقيقية
ويحذر تقرير جمعية المياه الأوروبية من أن العراق يواجه كارثة حقيقية، إذ يعتمد بدرجة كبيرة على المياه السطحية من النهرين، التي يتشاركها مع دول أخرى تركيا وسوريا، وهذه الدول لديها خطط تشغيلية خاصة بها لتخزين المياه واستخدامها، إذ تعتبر السدود ومحطات تخزين تركيا وسوريا وإيران للمياه على النهرين وروافدهما، السبب الرئيسي لنقص المياه في العراق.
ومن آثار السد السلبية على العراق تعرض منطقة الأهوار للجفاف لتصبح صحراء نتيجة حرمانها من تدفق المياه إليها، وهي المنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، كونها تتمتع بتنوع بيولوجي وتاريخ متعدد للثقافات، فضلًا عن الأضرار الجسيمة على الحياة البيئية والمتمثلة في انخفاض منسوب المياه المتدفق إلى نهر دجلة، وهو ما يترتب عليه أزمة في مياه الشرب والزراعة داخل العراق.
إلى جانب زيادة ظاهرة التصحر والتلوث النوعي للمياه، التأثير على الصناعات العراقية، بسبب انخفاض الطاقة المتولدة عن محطات توليد الطاقة الكهربائية، التي تعتمد على المياه مع عدم توافر الظروف البيئة الملائمة لنمو الثروة السمكية ما سيؤدي إلي انخفاضها، الأمر الذي تنتج عنه أضرار اقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة، مع إمكانية تشكيل موجة نزوح كبيرة، وانخفاض ملحوظ للثروة الحيوانية.





