المدارس الدينية.. عودة «طالبان» تجدد آمال المتطرفين
الخميس 18/نوفمبر/2021 - 06:51 م
دعاء إمام
على مدار عقود شكّلت المدارس الدينية في كل من أفغانستان وباكستان الروافد الأولى لتخريج الجيل الأول من قيادات حركة طالبان، إذ مُلئت المناهج التعليمية التي تقدم للدارسين بالكثير من الأفكار المغلوطة والغلو الديني الذي يتمثل في تحريف المفاهيم، وإفراغ الأحكام الشرعية من مضامينها، والابتعاد عن مقاصد الدين، وروجت لكراهية الآخر وإقناع الطلاب بالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الولاء والبراء، الحاكمية والخلافة.
وساهمت المدارس الدينية في غرس فكرة الأحادية المعتقدية، والتي كان لها دور كبير في تنامي المجموعات المتطرفة؛ لأن الاعتقادات الأحادية المطلقة هي المسؤول الأساسي عن إيجاد مناخ التطرف والعنف المجتمعي، وكذلك تحريم المعازف والفنون المختلفة مثل الموسيقى والتصوير والنحت، وتعنيف المرأة والنظر لها بأنها مصدر للغواية والفتنة، إضافة إلى رؤيتها عن الحداثة والتجديد بأنها من البدع.
وأعادت التفجيرات التي شهدتها إحدى المدارس الدينية بولاية خوست، الحديث عن دورها والمناهج التي يدرسها الطلاب، خاصة في ظل عودة حركة «طالبان» المتشددة للحكم، بعد عقدين من السيطرة الأمريكية على البلاد، وهي الفترة التي شهدت إحكام الرقابة على المدارس الدينية وطلابها ومعلميها.
وأدى الانفجار الذي وقع الأربعاء 6 أكتوبر الجاري، إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف طلاب كانوا يتلقون العلوم الدينية في المدرسة شرقي أفغانستان، دون أن تتبنى أي جهة مسؤوليتها عن الحادث الإرهابي.
استهداف الفقراء
تستهدف المدارس الدينية الطلاب المنحدرين من أسر فقيرة وتوفر لهم نظام إقامة دائمة بمقراتهم؛ وبالتالي يسهل السيطرة عليهم فكريًّا وتشكيل وعيهم بما يتفق مع مبادئ الحركة المتطرفة، كما عجزت الحكومة الأفغانية على مدار تاريخها عن توفير الموارد اللازمة للتعليم في المناطق الريفية، ما مكّن المدارس الدينية من زيادة نفوذها هناك.
ووفق مرصد الأزهر الشريف، فشلت المدارس المدارس الدينية في نشر الوسطية، وأصبحت الأساس لقيادات الإرهاب والتطرف لتوريد المسلحين والمقاتلين وذلك عبر نشر أفكار وأيديولوجيات متطرفة.
ودفعت المذبحة -التي ارتكبتها طالبان في مدرسة يديرها الجيش في مدينة بيشاور، والتي راح ضحيتها أكثر من 150 شخصًا في ديسمبر عام 2014 معظمهم من الأطفال- الحكومة الحالية إلى شن حملة للقضاء على المسلحين، وأطلقت اقتراحات بتشديد الرقابة على المدارس الدينية؛ لأنها تقوم بتخريج طلاب متعطشين للقتال.
ولفت المرصد إلى أن عددًا كبيرًا من قادة حركة طالبان تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية، ويتخذهم الطلاب قدوة لهم؛ لذا يعلقون صورهم على جدران المدارس إلى جانب صورة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ويتخرجون من تلك البيئة محملين بالأفكار المتطرفة.
ويُشار إلى أن طالبان بدأت نشاطها أساسا في المدارس الدينية المحافظة، حيث كانت تجند عناصرها في بداية التسعينيات وحتى استولت على السلطة في كابول عام 1996.





