من قبريهما.. «بلعيد» و«البراهمي» يحاكمان القتلة وإخوان تونس «إرهابية» قريبًا
يكسر الرئيس التونسي، قيس سعيد، قواعد اللعبة السياسية التي تعرفها تونس منذ 2011، فبينما وقف رد الساسة التونسيين على تحكم حركة النهضة (الذراع السياسية لإخوان تونس) في المشهد، عند حد الاستنكار والتنديد، حل «سعيد» بقراراته الاستثنائية في 25 يوليو 2021، التي ردعت هذا النفوذ، بل ذهب إلى محاسبة الحركة وفتح ملفاتها المشبوهة.
ملف القوائم البرلمانية
أحدث ما تجرأ سعيد على فتحه كان ملف التمويلات الأجنبية للقوائم الانتخابية في الانتخابات التشريعية 2019، والتقى «سعيد» الجمعة 2 أكتوبر 2021، برئيس محكمة المحاسبات التونسية، نجيب القطاري، بقصر قرطاج، للتباحث حول ملف القوائم البرلمانية التي توجد دلائل على حصولها على تمويلات أجنبية خلال الانتخابات. وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية والتشريعية، رصدت محكمة المحاسبات عددًا من المخالفات تتعلّق بأحزاب «قلب تونس» و«حركة النهضة» و«عيش تونسي».
تمويل أجنبي
وبينما يسفر إثبات تهمة التمويلات الأجنبية عن فقد القوائم الانتخابية المتورطة لعضويتها بالبرلمان، بحسب الفصل 163 من الدستور التونسي، يبقى ملف الكشف عن قتلى السياسيين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، هو أحد الملفات المسكوت عنها.
ويعد هذا الملف الأخطر من بين ملفات حركة النهضة، لذا تتوقف حدود كشفه عند تلويح السياسيين به كورقة ضغط على حركة النهضة دون الخوض في حسمه. فعل ذلك الرئيس التونسي الحالي عندما التقى وفد عن مؤسسة الشهيد محمد البراهمي بقصر قرطاج، يوليو2020، ضمن تصعيده ضد النهضة. وتعهد بمحاسبة قتلة محمد البراهمي وشكري بلعيد وغيرهما، مؤكدا أن دماءهم لن تذهب هباء، وأنه حريص على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
سبقه في ذلك الرئيس التونسي الراجل الباجي قائد السبسي، الذي لم يكف في الفترة الأخيرة من حكمه عن التلويح بملف قتلة البراهمي وشكري، مستخدمه في مساومة النهضة على تقسيم النفوذ السياسي.
نطاق الضغط
عقب القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو الماضي، والتي أسفرت عن تسلم قيس سعيد النيابة العامة في البلاد، أبدت هيئة الدفاع التونسية عن المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عن ترحيبها بالخطوة، مطالبة الرئيس بفتح تحقيق مع حركة النهضة بسبب «عرقلتها لسير التحقيقات والكشف عن المتورطين».
وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي قد أكدت في وقت سابق أنها قدمت الأدلة الكافية منذ فبراير 2019، التي تثبت تورط راشد الغنوشي في الوقوف وراء عمليات الاغتيال السياسي في تونس سنة 2013. ورغم ذلك لم تسفر التحقيقات عن أي جديد، ما اعتبرته الهيئة عرقلة متعمدة من قبل النهضة.
تصنيف الإخوان كيانًا إرهابيًّا
أمام المعطيات الجديدة بالمشهد، وتغيير موازين القوة، يبدو أن ملف قتلى شكري بلعيد والبراهمي يقترب من الحسم، وهو ما توقعه الكاتب السياسي التونسي، نزار الجليدي، الذي قال في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، إن «كل الملفات جاهزة للفتح وعلى رأسها ملف البراهمي وبلعيد»، متابعًا أن قيس سعيد أخذ على عاتقه الكشف عن كل أنواع الفساد.
ولفت إلى أن الملف ينتظر فقط اجتماع مجلس الأمن القومي للنظر فيه، معتبرًا أنه يحل على رأس الأولويات.
واعتبر الجليدي أن خطوة إدراج النهضة كيانًا إرهابيًّا باتت قريبة، في ظل ملفات الفساد المالي والسياسي التي تفتح، فضلًا عن ملف الاغتيالات,
بدورها توقعت سارة نجلة السياسي المغتال محمد البراهمي، أن يقدم الرئيس على فتح الملف قريبًا، قائلة لـ«المرجع»: إن الدلائل تشير إلى جدية الرئيس في القضاء على أخر حصون الإخوان بالمنطقة، ونيته في محاكمتهم على كل الجرائم من اغتيالات وحتى تسفير الشباب إلى سوريا وغيره.
وأضافت أنه من المبكر الحكم على سعيد فيما إذ كان سيفتح الملف أم سيتجاهله، مؤكدة أن حادثتي الاغتيال لهما أبعاد محلية وإقليمية وعالمية، ما يصعب قرار حسمهما.
وأضافت أنه لهذا السبب ظل الملف مجرد ورقة ضد «النهضة» في أيدي النافذين، حتى اليسار التونسي الذي استخدمه لمساومة النهضة على تحسين شروط التفاوض.
وتوقعت سارة إدراج النهضة على قوائم الإرهاب، مشيرة إلى أن مسببات الإدراج موجودة من اغتيالات سياسية، وغسيل الأموال، ودخول السلاح، فضلًا عن تهريب الإرهابيين. وشددت على أن ما توصلت إليه هيئة الدفاع عن السياسيين البراهمي وبلعيد توصلت بعد بحث استقصائي وتدقيق إلى تورط زعيم النهضة راشد الغنوشي، في إدارة وتمويل جهاز سري، مكلف بعمليات تصفية والتجسس على الشخصيات والسفارات الأجنبية.
وأضافت أن النهضة كانت مسؤولة عن الحكومة ووزارة الداخلية تحديدًا، زمن الاغتيالات، متابعة: «إن كانت الدولة تحترم نفسها، فتلجأ إلى محاكمتهم محاكمة عادلة، وإدراج المسؤولين عن الحركة على الأقل، على قوائم الإرهاب».
للمزيد.. محاولة لطمس الجريمة.. سرقة وثائق تدين «النهضة» في قضية «بلعيد والبراهمي»





