ad a b
ad ad ad

داعش ينافس طالبان.. أفغانستان لقمة سائغة بين فكي الإرهاب والتطرف

الأربعاء 22/سبتمبر/2021 - 02:23 م
المرجع
أحمد عادل
طباعة
بعد سلسلة التفجيرات التي وقعت فيها أفغانستان، خلال الفترة الأخيرة، على إثر الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي، وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم في 15 أغسطس 2021، يهدد الصراع بين الحركة والتنظيم المتطرف إذ يختلفان معًا في رؤيتهما للشريعة الإسلامية وطريقة تنفيذها، وكيفية التحديات الأمنية للحركة.
داعش ينافس طالبان..
طالبان والتحدي الأمني

ومن أبرز التحديات التي تواجه طالبان الآن، التحدي الأمني، مع الانسحاب الأمريكي السريع والبدء بتنفيذ أكبر جسر جوي لنقل الأجانب والمتعاونين مع القوات الأجنبية خارج كابول، شنت عناصر داعش تفجيرات انتحارية وهجمات أسفرت عن مقتل العشرات بينهم ١٣ جنديًا أمريكيًّا في نهاية أغسطس في هجوم وصف بأنه الأكثر دموية منذ سنوات في البلد الذي مزقته الحرب على مدار ٤ عقود.

عقب اتمام الانسحاب نفذ داعش سلسلة هجمات بعبوات ناسفة استهدفت عناصر طالبان في مناطق مختلفة في البلاد، بداية الأسبوع الجاري، شرق أفغانستان، مما أثار شبح صراع أوسع بين طالبان وداعش.

داعش ينافس طالبان..
التفجيرات المستمرة تأتي في الوقت الذي تواجه طالبان مهمة صعبة متمثلة في حكم بلد مزقته الحرب، واقتصاد منهار، وهروب الآلاف من النخبة المثقفة في البلاد، وسط توقعات من منظمات الإغاثة الدولية بتفاقم الجفاف والجوع والفقر.

أحداث العنف الأخيرة في البلاد، عززت مخاوف الأفغان، إذ يستغل تنظيم داعش، ضعف حكومة طالبان المنهكة التي تواجه تحديات أمنية هائلة وانهيارًا اقتصاديًّا.

سيناريو التسعينيات

ويبدو أن طالبان في طريقها لمواجهة «سيناريو التسعينيات»، عندما كانت تخوض معارك مع معارضيها الذين يرفضون سياساتها المتشددة، وفق مراقبين يتوقعون اندلاع صراع بين الحركة والذين يعارضونها، خاصة مع المكونات القومية الأخرى في أفغانستان.

داعش ينافس طالبان..
تضاف التهديدات الأمنية إلى جملة التحديات التي تواجهها حكومة طالبان الجديدة؛ حيثُ وضعت سلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدتها مدينتي كابول وجلال آباد خلال اليومين الماضيين حركة طالبان أمام اختبار حقيقي حول مدى قدرتها على بسط سيطرتها على الأوضاع الأمنية داخل أفغانستان، وهو أمر لا تستطيع طالبان تحقيقه كحركة مسلحة غير نظامية، فمن المستحيل تحقيق الأمن الداخلي في دولة بحجم أفغانستان دون وجود منظومة أمنية تمتلك أجهزة قوية مُتناغمة من جيش وشرطة واستخبارات وغيرها، وهو ما يثير الشكوك حول قدرة حكومة طالبان الجديدة على انشاء مثل هذه المنظومة.

ويمكن تفسير عدم قدرة حكومة طالبان على إنشاء أجهزة أمنية قوية من خلال ثلاثة عوامل:

العامل الأول، هو أن رؤية الحركة حول إنشاء جيش نظامي ومنظومة أمنية متكاملة غير واضحة. 

العامل الثاني، هو افتقار طالبان إلى الموارد المادية اللازمة لإنشاء هذه المنظومة، فما تمتلكه طالبان من موارد مادية يكفي فقط لبقائها كحركة مسلحة على الساحة الأفغانية، لكنها لا تكفي بالتأكيد لتمويل إنشاء جيش وأجهزة امنية نظامية.

العامل الثالث، وهو أن الحركة لا يمكنها إنشاء جيش نظامي دون الاستعانة بالقيادات والعناصر السابقة في الجيش الأفغاني المُنهار، ولكن يبدو من الصعوبة بمكان قدرة حكومة طالبان على إقناع هؤلاء بالانضمام إلى جيش جديد يعمل تحت لوائها في ظل تخوفهم من بطش الحركة؛ إذ كشفت وثائق سرية للأمم المتحدة عن أن طالبان وضعت قوائم سوداء لاعتقال وتصفية بعض الأشخاص الذين كانوا يشغلون مناصب مسؤولية في صفوف القوات المسلحة الأفغانية وقوات الشرطة ووحدات الاستخبارات.


لمن النفوذ الأقوى؟

قبل الحديث عن التنافس على النفوذ في أفغانستان بين تنظيم داعش وحركة طالبان تجدر الإشارة إلى أن الأول تأسس في أفغانستان باسم «ولاية خراسان» في عام (2015) على أيدي عناصر متطرفة من حركة «طالبان باكستان» فروا إلى أفغانستان بعدما شنت قوات الأمن الباكستانية حملة عليهم.

ومنذ نشأته كان التنظيم مسؤولًا عن شن أفظع الهجمات الدامية على الأراضي الأفغانية، مُستهدفًا بها قوات الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية إلى جانب حركة طالبان والتي يصفها بـ«الكافرة» ويتوعدها بالمزيد من الهجمات.

وعلى الرغم من الخسائر العامة لولاية «داعش خراسان» خلال عام 2020، لايزال التنظيم يُشكل تهديدًا للبلاد والمنطقة بشكل أوسع، من خلال قيامة بشن 77 هجومًا في أفغانستان خلال الربع الأول من عام 2021، ويمثل ذلك زيادة كبيرة عن الفترة نفسها من عام 2020، حيث بلغ عدد الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها أو نسبت إليه 21 هجومًا، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو (2021).

ويُمثل صعود نجم تنظيم «داعش خراسان» في أفغانستان تحديًا كبيرًا أمام حركة طالبان، حيث يسعي الأول إلى توجيه ضربات استراتيجية للأخير، حتى يتسنى له بسط نفوذه وسيطرته في أفغانستان بعد تراجعه في معاقله التقليدية في سوريا والعراق. آخر مُؤشرات ذلك، تبني «داعش خراسان» تفجيري مطار كابول في 26 من أغسطس (2021)، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 72 شخصًا، من بينهم 13 جنديًا أمريكيًّا، فضلًا عن تبنيه سلسلة من التفجيرات الدامية يومي 18 و19 سبتمبر (2021)، في مدينة جلال آباد بشرق أفغانستان، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 35 عنصرًا من ميليشيا طالبان بين قتيل وجريح.

وهو الأمر الذي يمكن تفسيره في إطار التنافس المستمر بينه وبين حركة طالبان، فمن خلال تنفيذ مثل هذه الهجمات الدامية يستطيع داعش من ناحية إرسال رسالة إلى الحركة بأنه سينازعها النفوذ في أفغانستان، ومن ناحية أخرى يرسل برسالة إلى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بأنه قادر على العودة مرة أخرى في مناطق نفوذ جديدة في أفغانستان، حتى وإن تحققت هزيمته في معاقله التقليدية بسوريا والعراق.

الكلمات المفتاحية

"