وداعًا بوتفليقة.. الجزائر تودع رئيسها الأسبق بعدما أنهى حقبة العشرية السوداء
أعلنت الرئاسة الجزائرية وفاة الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة الجمعة 17 سبتمبر 2021م، بعد صراع طويل مع المرض، ومع وفاة بوتفليقة تبرز فترة من أصعب الفترات التي مرت بها البلاد، والتي سُميت بالعشرية السوداء التي تحولت فيها الجزائر إلى بحيرة من الدماء، خلال حرب أهلية واسعة كان أبطالها الجماعات المسلحة، وما إن وصل بوتفليقة إلى الحكم، بدأ في اتخاذ إجراءات شاقة لإنهاء هذه الحقبة المريرة، وتمكن الرئيس الأسبق بالفعل من طي صفحة هذه الحقبة الدموية، بصورة كبيرة، رغم الانتقادات التي طالت إجراءاته في هذه القضية الحساسة.
سطور في حياته
عاش الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة حياة حافلة بالأحداث الكبيرة والمصيرية في تاريخ بلاده، بدءًا بانخراطه في جيش التحرير الوطني في كل من وجدة والناطور، في عهد هواري بومدين وفي عام 1958م، عمل ضابطًا في المنطقتين الرابعة والسابعة بالولاية الخامسة.
ألحق، على التوالي، بهيئة قيادة العمليات العسكرية بالغرب، وبعدها، بهيئة قيادة الأركان بالغرب، ثم لدى هيئة قيادة الأركان العامة، قبل أن يوفد عام 1960م إلى حدود البلاد الجنوبية لقيادة جبهة المالي التي جاء إنشاؤها لإحباط مساعي النظام الاستعماري الذي كان يهدف إلى تقسيم البلاد.
وخلال هذا المهمة لقب بوتفليقة باسم عبد القادر المالي.
بعد وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين لاحقت بوتفليقة عدة اتهامات، غادر على إثرها البلاد إلى منفاه الاختياري عام 1981م.
بعد مرور 20 عامًا على وفاة بومدين، عاد إلى الجزائر من منفاه الاختياري، استغل حاجة الدولة الجزائرية إلى شخصية مدنية لإنهاء حمام الدم، في العشرية السوداء ليصعد بوتفليقة إلى رئاسة الدولة عام 1999م.
إنهاء العشرية السوداء
كانت أهم المشكلات التي واجهها بوتفليقية هي كيفية وقف حمام الدم والحرب الأهلية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين، وأصدر بوتفليقة إجراءين كان لهما الأثر الأكبر في إنهاء العشرية السوداء، ووضع حد للإرهاب الأسود الذي أحرق البلاد.
الأول: إصدار قانون الوئام المدني
وتضمن عفوًا جزئيًّا عن المسلحين الإسلاميين، وتعويض أسر الضحايا، وفي 16 سبتمبر عام 1999م، بعد أشهر على توليه الرئاسة ظهر القانون إلى النور بعد استفتاء شعبي، تضمن القانون منح المسلحين حق العودة إلى المجتمع بالنزول من الجبال وتسليم أسلحتهم، خاصة تنظيم «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الذراع المسلح لجبهة الإنقاذ، التي حظرت السلطة نشاطها عام 1992، في أعقاب إلغاء نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 1991.
الثاني: ميثاق السلم والمصالحة
وكان الإجراء الثاني الذي اتخذه بوتفليقة لطي صفحة العشرية السوداء إطلاق ميثاق السلم والمصالحة الذي طرح أيضًا للاستفتاء بعد قانون الوئام، وحصل على موافقة 97.36% من الناخبين، حيث بلغ عدد الناخبين المؤهلين 79.76%، ويتضمن الميثاق الخطوات التالية:
العفو عن الإرهابيين الذين سلموا أسلحتهم، باستثناء المذنبين في جرائم القتل الجماعي والهجمات التفجيرية على المنشآت العامة والاغتصاب، ويشمل المحكوم عليهم غيابيًّا.
التبرئة الضمنية للأجهزة الأمنية من تهمة اختفاء أكثر من 7000 جزائري قسريًّا.
التعويضات المالية وغيرها لأسر القتلى والمختفين.
وصف الرئيس بوتفليقة الاستفتاء على أنه محاولة لإنهاء إراقة الدماء في البلاد، إذ حصدت الحرب الأهلية، التي اندلعت عام 1992، أكثر من 200 ألف روح وكلفت البنية التحتية للبلاد 30 مليار دولار.





