«طالبان» بين صعودين.. تحالف الشمال حجر عثرة أمام هيمنة الحركة
مع صعود حركة «طالبان» مجددًا وسيطرتها على مفاصل الدولة في أفغانستان، يبقى التحالف الشمالي حجر عثرة أمام الحركة ومنعها من السيطرة على كامل الأراضي الأفغانية، وهو الأمر نفسه الذي حدث في الصعود الأول للحركة 1996 – 2001، حيث فشلت الحركة في السيطرة على معقل التحالف وبقيت عاجزة عن دخوله أو الهيمنة عليه.
وادي بانجشير
تردد اسم وادي بانجشير مؤخرًا بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وهيمنة حركة طالبان ودخولها القصر الجمهوري، بسبب الدور الذي تلعبه المنطقة في مواجهة «طالبان» والذي يعد نواة للمقاومة ضد الحركة.
وليست هذه المرة الأولى التي يلعب فيها الإقليم هذا الدور ضد الحركة، حيث تلقت الحركة هزيمة على يد مقاتلي الإقليم في صعودها الأول، كما لعب الإقليم دورًا كبيرًا ضد الجنود الروس خلال الغزو السوفييتي للبلاد في فترة الثمانينيات.
وخلال مراحل متفرقة، نجح الإقليم في الحفاظ على استقلاليته، حيث نجح في تحقيق الاستقلال أثناء التدخل السوفييتي «1980-1985»، إضافة إلى الصمود أثناء فترة حكم طالبان الأولى في عام «1996 – 2001»، وكذلك وفي فترة وجود قوات الناتو والحكومة المدعومة من الغرب «2001 – 2021».
ويبدو أن الإقليم الذي يقع على بعد 130 كيلومترًا شمال شرقي العاصمة كابل، بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية، سيشكل نواة مقاومة تضم كل الحركات المناوئة لحركة «طالبان» والرافضة لهيمنتها على الحكم، حيث لجأ إليه مؤخرًا، نائب الرئيس الأفغاني السابق، أمر الله صالح، رفقة أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، الذي يقود المقاومة ضد طالبان، مطالبًا الشعب الأفغاني بالانضمام إليه لمواجهة هيمنة الحركة على السلطة، والسعي لتحقيق نظام يضمن العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع أبناء الشعب الأفغاني.
وعلى الرغم من محاولات حركة طالبان، احتواء الإقليم الذي تبلغ مساحته 3610 كيلو مترات مربعة، وعدد سكانه 173 ألف نسمة وغالبيتهم من قومية الطاجيك التي ينتمي إليها أحمد مسعود، فإنها فشلت في ذلك، وربما يرجع سبب هذا الفشل إلى خلفيات عرقية، خاصة أن الحركة تنتمي إلى عرقية البشتون، بينما ينتمي أغلبية سكان الإقليم إلى عرقية «الطاجيك».
ثأر قديم
جاءت سيطرة «طالبان» على الحكم لتفجر عداوات قديمة بين التحالف الشمالي وطالبان، حيث بدأت هذه العداوات في الفترة من عام 1996-2001، والتي قاد خلالها شاه مسعود مقاومته لحركة طالبان، وتمكن خلال هذه الفترة من حشد مختلف الفصائل الأفغانية، ونجح في تشكيل مايعرف بـ«التحالف الشمالي»، ومنع حركة طالبان من السيطرة على هذه المنطقة طوال فترة حكمها الأولى.
ويبدو أن اغتيال «شاه مسعود» يمثل ثأرًا قديمًا بين تحالف الشمال وحركة طالبان المتهمة بالوقوف خلف اغتياله في عام 2001، حيث كشفت تقارير أنه في عام 2001 تم اغتيال «أحمد شاه مسعود»، من قبل شخصين ادعيا أنهما صحفيان وكانا يخبئان قنبلة في كاميرا، ويعتقد أن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن قد جندهما وأرسلهما لاغتيال مسعود، ليسدي بذلك خدمة لحركة طالبان، التي وفرت له ملاذًا آمنًا في أفغانستان، حيث من هناك خطط لهجمات 11 سبتمبر عام 2001.





