ad a b
ad ad ad

الفرار من جحيم «طالبان».. قلق أممي من تعرض اللاجئين الأفغان للعبودية

الثلاثاء 31/أغسطس/2021 - 04:23 م
المرجع
دعاء إمام
طباعة

 في عام 1979، فرّ الشاب الأفغاني خان محمد، من بلاده إلى باكستان، بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان، وبعد مرور 4 عقود تواصل «خان» مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ لإعادة توطينه في بلاده برفقة أسرته وأبنائه الذين ولدوا في غير موطنهم.


الفرار من جحيم «طالبان»..

ولكن حلم العودة إلى الديار، تبدد، بعد إعلان حركة طالبان استيلاءها على مقاليد الحكم في افغانستان، وهروب الرئيس أشرف غني. 


وحينها تيقن «خان» وغيره من آلاف اللاجئين الأفغان أنهم لن يعودوا الآن، لكنهم يتجهزون لرؤية آخرين يواجهون نفس مصيرهم أو سيناريوهات أسوأ تتمثل في الاتجار بهم واستغلالهم على أيدي عصابات الاتجار بالبشر.


قبل أيام، أحدثت لقطات تم تداولها من مطار كابول وتكدس حشود الأفغان داخل إحدى الطائرات؛ بحثًا عن النجاة من «طالبان»، ضجة في أنحاء العالم ودقت ناقوس الخطر أن الآلاف من اللاجئين أصبحوا في الطريق إلى أوروبا وغيرها من الدول التي يمكن أن تستضيفهم، بيد أن دول كتركيا واليونان عززت حماية حدودها بجدار عازل، وأخرى مثل النمسا رفضت استضافة الفارين من أفغانستان.


ما يقلق المنظمات الدولية ليس أولئك الذين فروا إلى الغرب عبر الطائرات، إذ أعلنت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شابيا مانتو، أن الغالبية العظمى من الأفغان غير قادرين على مغادرة البلاد من خلال القنوات النظامية؛ مطالبة بأن تتكاتف الدول لحماية المواطنين الأفغان المعرضين للخطر من خلال برامج الإجلاء الثنائية، دون أن يعيقهم من أن يلتمسوا اللجوء في بلدان أخرى داخل وخارج المنطقة على حد سواء، وحماية الذين يصلون من خلال طرق نظامية أو تلقائية.


الفرار من جحيم «طالبان»..

تصاعد المخاوف من عمليات اتجار بالبشر 


وتتصاعد المخاوف من عمليات اتجار بالبشر، تتزامن مع عدم استقرار الأوضاع في البلاد أو صعود تيارات متشددة، وينطبق هذا الأمر على ما حدث بأفغانستان وسيطرة «طالبان» على الحكم.


واعتبرت مفوضية شؤون اللاجئين أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية ويتحركون بصورة غير نظامية أو من هم في أوضاع لجوء مطولة يتعرضون بشكل خاص للاتجار بهم وقد لا يكونون قادرين على طلب المساعدة من سلطات الدولة للهروب من حالة الاستغلال.



الفرار من جحيم «طالبان»..

عبودية العصر الحديث

يصنف الاتجار بالبشر كأحد أشكال عبودية العصر الحديث، وتجد تلك الجريمة في الصراع وانعدام الاستقرار واللامساواة مرتعًا لها، ولفت الأمـين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إلى أن المتاجرين بالبشر، يتكسبون من استغلال آمال الإنسان ويأسه ويتخذون من الضعفاء فريسة لهم، مضيفًا أن الأطفال والشباب والمهاجرين واللاجئين أكثر عرضة للوقوع ضحايا للاتجار بالبشر، أما النساء والفتيات فيستهدفن بلا هوادة.

مقررة الأمم المتحدة المعنية بقضية الاتجار بالبشر ماريا جيامارينارو، شددت على ضرورة أن تعمل الدول بأنحاء العالم لتعزيز جهود منع الاتجار والتصدي له، وقالت إن الكثيرين يقعون ضحية للاتجار بالبشر، من المهاجرين بمن فيهم اللاجئون وطالبو اللجوء، الذين قرروا ترك ديارهم لأسباب مختلفة مثل الصراعات والكوارث الطبيعية والاضطهاد والفقر المدقع.

وفي ظل الحديث عن إجراءات تضمن حماية المهاجرين الأفغان، يتخوف البعض من أن يساء استخدام محاربة الاتجار بالبشر لتبرير سياسات فرض القيود على الهجرة، بدلًا من التصدي لكراهية الأجانب والنهج العنصري والتمييز والعنف.

وتتطلب الجهود الرامية إلى التصدي للاتجار بالأشخاص نهجًا متعدد الوكالات، وتنطوي على تنسيق وثيق بين الوكالات الحكومية المعنية والمنظمات الدولية والوطنية عبر مجموعة واسعة من الأنشطة التي تشمل العدالة الجنائية والمشاركة القضائية وحقوق الإنسان والتنمية.

وتشمل هذه الإجراءات إنشاء مسارات آمنة ومنتظمة للأطفال المتنقلين؛ وتعزيز الخدمات لحماية المهاجرين واللاجئين من الأطفال سواء في بلدان المنشأ أو العبور أو المقصد؛ بإيجاد بدائل لاحتجاز الأطفال المتنقلين؛ والعمل عبر الحدود لمكافحة الاتجار بالبشر والاستغلال؛ ومكافحة كراهية الأجانب والعنصرية والتمييز ضد جميع المهاجرين واللاجئين.


الفرار من جحيم «طالبان»..

تاريخ الأفغان مع العبودية


وتعتبر حالة اللجوء الأفغانية أحد أطول أوضاع اللاجئين أمدًا في العالم، إذ يعد الوضع الأمني في بلادهم مصدر القلق الرئيسي لغالبية اللاجئين ويمنع عودتهم الطوعية.


ورغم المخاوف والقلق الأممي من زيادة معدلات الاتجار بالبشر والعبودية بين صفوف المهاجرين واللاجئين، يعلم الأفغان جيدًا أن البقاء داخل بلادهم لن يحميهم من الوقوع بين أيدي عصابات الاتجار بالبشر الموجودة في أفغانستان منذ عقود طويلة، لا سيما أن القانون الأفغاني لم يكن يحتوي على أي نصوص تجرم هذا الفعل غير الإنساني.


في عام 2008، سجلت شبكة الانباء الانسانية «أيرين» القبض على 10 عصابات للاتجار بالبشرمن الأطفال والشباب الذين يتم نقلهم إلى دول مجاورة لإجبارهم على الخدمة أو استغلالهم جنسيًّا أو في أنشطة أخرى غير شرعية.


ونقلت «أيرين» عن مسؤولين في الشرطة  قولهم بأن تجار البشر يستغلون ضحاياهم من صغار السن داخل أفغانستان في تهريب المخدرات والقيام بالأعمال الشاقة، ولا يقتصر الأمر على الصغار بل يقع الراشدون أيضًا ضحية للاتجار بسبب الفقر المنتشر والبطالة.


وصرحت وزارة الخارجية الأفغانية آنذاك بأنه يتم الاتجار بالمئات من الشباب سنويًّا، إذ يتم نقلهم إلى عدد من الدول ويتم استغلالهم في أشكال متعددة من الخدمة الإجبارية.


وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها حول الاتجار بالبشر في العالم لعام 2007، طالبت الحكومة الأفغانية بتطبيق قانون شامل لمكافحة الاتجار بالبشر وزيادة الجهود الرامية إلى تعزيز تطبيق واحترام القوانين الداخلية المتعلقة بهذا الموضوع. 

"