ad a b
ad ad ad

تركيا وأفغانستان.. أذرع للتوغل ومطامع في إدارة المطار

الأربعاء 18/أغسطس/2021 - 03:14 م
المرجع
محمد عبدالغفار
طباعة

وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نصب عينيه هدفًا أساسيًّا ممثلًا برغبته في إعادة إحياء ما يعرف باسم الخلافة التركية، وذلك منذ توليه منصب رئيس الجمهورية التركية، واستغل الاضطرابات الواقعة في دول المنطقة كي يجد لنظامه موطئ قدم بها مثلما فعل في سوريا والعراق وغيرهما.


ولم يعتمد نظام «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، على القوة العسكرية لتحقيق أحلامه التوسعية، ولكنه لجأ أيضًا إلى السيطرة الثقافية والاجتماعية، وزراعة أذرع إعلامية وفكرية في هذه الدول كي تمهد له تحقيق أحلامه، ولم تكن الدولة الأفغانية، بعيدة عن أهداف نظام أردوغان، الذي سعى أن يقدم نفسه بديلًا محتملًا أمام المجتمع الدولي للوجود الأمريكي بكابول.


تركيا وأفغانستان..

تيكا وأفغانستان

اعتمد نظام رجب طيب أردوغان على طريقة التغلغل الثقافي والاجتماعي مع الوضع في أفغانستان بصورة أساسية، وذلك عن طريقه ذراعه الأبرز وكالة «تيكا»، التي تم إنشاؤها في يناير عام 1992، وتهدف المنظمة التركية إلى تقديم المساعدات وتنسيق العلاقات بين أنقرة ودول وسط آسيا، إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة في عام 2002، ساهم في تغيير نشاط المؤسسة، حيث لم يقتصر نشاطها على آسيا فقط، ولكنه امتد ليشمل القارات كافة.


ولم تكن أفغانستان بعيدة عن التحركات المشبوهة لمؤسسة تيكا التركية، حيث عملت المؤسسة على استغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي نشأت في محافظات ومدن أفغانستان نتيجة الصراع الدائر بين حركة طالبان من جهة وبين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الأفغانية من جهة أخرى، وزادت من نشاطها كي تغطي هذه الفجوة بما يخلق موطئ قدم لدولتها الأم في أفغانستان.


ووفقًا للبيان الصادر عن الوكالة والمنشور عبر موقعها الرسمي في 29 يوليو 2021، فإن تيكا قامت بتقديم مساعدات غذائية لـ1500 أسرة محتاجة في عدة مدن شمالي أفغانستان، وأرجعت الوكالة أن هذه المساعدات تأتي «بسبب نزوح العديد من الأسر الأفغانية خلال الفترة الأخيرة نتيجة تصاعد الاشتباكات»، وأوضحت الوكالة أن هذه المساعدات تعد جزءًا من تضامنها المستمر مع الشعب الأفغاني في محنته.


كما أسست الوكالة التركية للتعاون والتنسيق تيكا مشروعًا تحت مسمى «كل شيء من أجل بسمة» بهدف تقديم المساعدات إلى الأطفال والأيتام وغيرها من الجهات.


وخلال عيد الفطر الماضي، قدمت «تيكا» هدايا لـ350 يتيمًا في إقليمي بلخ وبداخشان الأفغانيين، وأوضح بيان صادر عن الوكالة أن هذه الاحتفالية شارك فيها سميح لطفي طورغوت، القنصل العام التركي في مزار شريف، بالإضافة إلى مسؤولين محليين مثل محمد أفضل حديد، رئيس مجلس الشورى في الإقليم، ومطيع الله متين، مدير العمل والشؤون الاجتماعية بالإقليم.


تركيا وأفغانستان..

ملء فراغ متوقع


ومع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن في أبريل الماضي عزمه سحب جنود بلاده من أفغانستان قبل حلول 11 سبتمبر 2021، زادت وتيرة التساؤلات حول الوضع السياسي والعسكري المتوقع في كابول، خصوصًا أن التجربة الأمريكية المشابهة في العراق نتج عنها ظهور تنظيم داعش الإرهابي.


وسعى النظام التركي إلى أن يجعل نفسه بديلًا لمهمة الدعم الحازم التي أطلقها حلف شمال الأطلسي «الناتو» في وقت لاحق في أفغانستان، وهو ما أكده خلوصي آكار، وزير الدفاع التركي، في 13 يوليو 2021، حيث أشار في مؤتمر صحفي إلى أن بلاده تواصل المحادثات مع الحكومة الأمريكية من أجل تشغيل وتأمين مطار حامد كرزاي في العاصمة الأفغانية كابل، وهو المطار الذي تتولى أنقرة إدارته منذ 6 سنوات في إطار بعثة الناتو، خصوصًا أن تركيا تمتلك 500 جندي في أفغانستان.


هذا الدور الذي حاولت تركيا رسمه لنفسها في أفغانستان قابله ترحيب أمريكي، حيث اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن تركيا تلعب «دورًا بناءً في عملية انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان»، وذلك بعد لقاء الرئيسين التركي والأمريكي على هامش قمة الناتو الأخيرة في بروكسل، يوليو 2021.


إلا أن حركة طالبان لم تقابل الدعوة التركية بترحيب كبير، حيث أصدرت بيانًا، في يوليو 2021، قالت خلاله إن قرار القادة الأتراك ليس حكيمًا، لأنه يعد انتهاكًا لسيادة الشعب الأفغاني ووحدة وسلامة أراضية، وهو ما يعد مخالفة واضحة لمصالحه الوطنية، لذا تطالب أنقرة بالتراجع عن هذا القرار.


وسارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرد على هذا البيان قبيل مشاركته في الذكرى الـ 47 لـ «عملية السلام» العسكرية التي أطلقتها تركيا في قبرص، قائلًا إن طالبان تدرك جيدًا موقف أنقرة من هذا الخصوص، وندرس إمكانية إجراء لقاءات مع طالبان حول هذا الجانب، وأضاف: «نحن بدورنا نتوجه بالنداء إلى طالبان من تركيا، يتعين عليها التوقف عن عملية الاحتلال هذه والاستيلاء على أراضي أشقائها، وإظهار أن السلام يسود عموم أفغانستان للعالم بأسرع وقت».


وعلى الرغم من هذه التوترات، فإن التصريحات الإيجابية تصدر من الحين والآخر بين الطرفين، حيث صرح ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان، خلال مقابلة مع التلفزيون التركي «تي آر تي» عربي، بأن طالبان تريد إقامة علاقات جيدة مع تركيا، ولكنها تريد أن تأتي تركيا بالمهندسين والأطباء والعلماء والتجار وليس الأسلحة والحروب، وأضاف أن مسؤولية أمن المطار والمراكز الدبلوماسية هي مسؤولية الأفغان فقط.

الكلمات المفتاحية

"