ad a b
ad ad ad

الإعلام والإرهاب.. زاوية التغطية وعدم الحياد

الأحد 15/أغسطس/2021 - 09:21 م
المرجع
محمد عبدالغفار
طباعة

تساهم وسائل الإعلام بمختلف أشكالها في صناعة الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي وغيرها لدى المتلقي، ويرجع ذلك إلى قدرة الإعلام على إيصال المعلومة إلى المتلقي بصورة سلسة وبسيطة، وتمثل هذه المعلومة السياسات التحريرية للقائمين بالاتصال عليها، وتشكل المعلومات الواردة إلى المتلقي رؤيته واتجاهاته نحو مختلف الأحداث، وقد لا يستطيع أن يفهم أن هذه الرؤية متأثرة بصورة أو بأخرى بمصدر المعلومة.


ومع ظهور الجماعات الإرهابية وسيطرتها على عدة مناطق حول العالم مثل مناطق في سوريا والعراق، وبعض المناطق في الدول الأفريقية، كان من المتوقع أن تلعب وسائل الإعلام دورًا في مواجهة هذه التنظيمات المتطرفة، وتساهم في رفع الوعي لدى الشباب حتى لا يقعوا فريسة لدعوات التجنيد لدى هذه الجماعات، إلا أنه، وبدلًا من تحقيق ذلك، لعبت وسائل الإعلام دورًا في تحقيق أهداف الدول الباثة لها، والتي تخدم في بعض الأحيان التنظيمات الإرهابية لتحقيق أهداف سياسية. 


القنوات التلفزيونية والإرهاب


الإعلام والإرهاب..

لا يكتب القائم بالاتصال المضمون الإعلامي الذي يقدمه إلى الجمهور بصورة اعتباطية، حيث إن ترتيب الأحداث، وانتقاء الألفاظ، وقوة الكلمات، كلها تؤثر في إيصال الفكرة إلى الجمهور، وتساهم في بناء صورة ذهنية محددة لديه عن الأحداث.


وركزت دراسة يوسف حسن المعنونة بـ«معالجة التقارير الخبرية في موقع قناة فرانس 24 عربي للصراع في سوريا: دراسة على وفق نظرية الأطر الخبرية»، والمنشورة في مجلة كلية آداب الكوفة مجلد رقم 11 عدد رقم 40 بالعراق في عام 2019، والتي تناولت معالجة القناة الفرنسية للصراع في سوريا.


وأشارت الدراسة إلى أن القناة وصفت الصراع السوري بأنه مواجهة ما بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة بكل أشكالها، وذلك ضمن معالجتها الإخبارية للأحداث في سوريا، والتي اشتعلت في عام 2011، كما وصفت القناة الإرهابيين في سوريا بلفظ الجهاديين، لإعطائهم صفة دينية عقائدية، ولم يتم وصفهم بالصورة الصحيحة.


كما ركزت القناة على بعض المصطلحات مثل فصائل المعارضة المسلحة، وفصائل المعارضة والجهاديين، ولم يمنعها ذلك من تخصيص بعض الأخبار للتركيز على بعض الفصائل، والتعامل معها ليس بوصفها جماعات إرهابية، بينما وصفت روسيا بالدولة الداعمة لنظام بشار الأسد، كما أيدت القناة في تقاريرها فكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح.


وبالنظر إلى الألفاظ التي استخدمتها القناة، نجد بأنها تتشابه وتتطابق مع الموقف الفرنسي تجاه الأزمة السورية، وهو أمر طبيعي، إلا أن استخدام القناة لبعض الألفاظ يمكن أن يكون مساهمًا في دفع الشباب للاقتناع بأفكار هذه الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا، خصوصًا أن القناة لم تركز على الفظائع والعمليات الإرهابية التي تشنها هذه التنظيمات.


هوليوود والإرهاب


زاد اهتمام القائمين على إنتاج الأفلام الأمريكية في هوليوود بمعالجة وضع التنظيمات الإرهابية حول العالم، للترويج للفكر الأمريكي تجاه هذه التنظيمات من جهة، واستغلال شغف الشعب الأمريكي بهذه الموضوعات من جهة أخرى، إلا أن هذا الاهتمام شابه خطأ كبير، حيث لم تفرق جهات الإنتاج الأمريكية ما بين الشعوب العربية الرافضة للإرهاب من جهة، والتنظيمات الإرهابية التي توجد في بعض الدول العربية وتهاجم شعوبها.


ويمكن اعتبار الفيلم الأمريكي قواعد الاشتباك Rules of Engagement والذي تم إنتاجه في عام 2000، ويتناول عملية مواجهة القوات الأمريكية لمتظاهرين في اليمن أمام السفارة الأمريكية، والذي تم استخدام القوة به بصورة كبيرة، مع إبراز الجانب الإنساني للجنود الأمريكيين من قبل المخرج.


وبدلًا من جلب التعاطف مع المصابين من الأطفال والنساء جراء رصاص الجنود الأمريكيين المتظاهرين أمام السفارة الأمريكية في اليمن، يركز مخرج الفيلم على أن هؤلاء الأطفال حملوا الحجارة أمام مبنى السفارة، لذا فهم لا يستحقون التعاطف، بل هم الذين بادروا بالهجوم دون النظر إلى سياق الأحداث الأخرى.


وأوضحت دراسة هالة شي يوية بعنوان «صورة العرب في الفيلم الهوليوودي قبل أحداث 11 سبتمبر: فيلما الحصار وقواعد الاشتباك نموذجًا" والمنشورة في مجلة الاستعراب الآسيوي الصادرة عن مركز البحوث والتواصل المعرفي، أنه بعد أحداث 11 سبتمبر وخروج العديد من الأفلام التي تركز على التنظيمات الإرهابية، صارت صورة العرب في هذه الأفلام بأنهم جماعات داعمة للإرهاب، بهدف دعم الأيديولوجيا السائدة آنذاك، ولكنها من جهة أخرى ساهمت بصورة كبيرة في صنع صورة ذهنية سلبية عن العرب في عقول الشعب الأمريكي، وهو ما ساهم في خلق شرخ كبير في بناء المجتمع الأمريكي متعدد الأعراق والقوميات.


لذا يتضح أن وسائل الإعلام بمختلف صورها، لم تقم بدورها الأخلاقي في حث الشباب على تجنب الجماعات الإرهابية، والتفريق ما بين الشعوب المسالمة والتنظيمات المتطرفة، ولكنها ساهمت في زيادة معدلات العنف والاقتتال والخلاف داخل الشعوب وبين بعضها البعض حول العالم، وهو ما يكشف عن أخطاء واضحة في المعالجة الإعلامية لقضية الإرهاب وانحيازات كبيرة.

"