دلالات تقارب الحكومة الهندية مع حركة طالبان
تشهد آسيا تغيرات سياسية معقدة تفرضها الأوضاع الجديدة في أفغانستان، وذلك على خلفية الانسحاب العسكري الأمريكي من البلاد، إذ يُحتمل أن يخلف صراعًا على السلطة قد يغير من هوية الحكم، وبالتالي من السياسة الخارجية لكابول.
وتظهر هذه التحولات بوضوح في مسار العلاقة بين قادة حركة طالبان وبين حكومة الهند التي طالما نعتت الأولى بالجماعة الإرهابية، فضلًا عن سياستها الصارمة مع الحركات المتطرفة والإسلاموية، إذ يشير ما نشرته شبكة الأخبار الألمانية (DW) في 15 يونيو 2021 حول محادثات حالية تجريها الاستخبارات الهندية مع «طالبان» لاستيضاح سبل التعاون بعد الخروج الأجنبي، إلى تغيرات إقليمية بالمنطقة.
دلالات التحولات الهندية نحو أفغانستان
أولا: مستقبل الأوضاع الداخلية وفرص طالبان
تمثل المحادثات الهندية مع حركة طالبان تحولًا في السياسة الخارجية للأولى ما يعطي دلالات حول مستقبل المشهد الأفغاني والملفات المتشابكة بين دول المنطقة، فالوضع في أفغانستان قبل الانسحاب العسكري للقوات الأمريكية وقوات حلف الناتو كان يشمل الحكومة الأفغانية برئاسة عبد الله غني وفريقه من السياسيين، وحركة طالبان التي تسيطر فعليًّا على الأرض والتي دخلت المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل آحادي متفرد، ووصلت بالتفاوض إلى اتفاق فبراير الذي أقر بإنهاء الوجود الأمريكى في البلاد إلى جانب بنود أخرى.
ولكن بعد الانسحاب الذي قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يتم في سبتمبر 2021 يحتمل أن تزيد فرص طالبان في السيطرة على الأوضاع بما يتطلب تغييرًا في الرؤى الإقليمية.
وتقارب الحكومة الهندية مع طالبان وبالرغم مما هو معلن من أن المباحثات أجريت مع الفريق المحلي للحركة وغير المتعاون مع باكستان، فإن هذه التفاهمات الأخيرة تعطي مؤشرًا بأن السيطرة شبه الكاملة لحركة طالبان على أوضاع أفغانستان باتت قريبة جدًّا إلى الدرجة التي جعلت الهند تقيم معها علاقات.
ومن شأن ذلك أن يزيد من حضور طالبان على الساحة الدولية مقابل تضاءل فرص حكومة الرئيس الافغانى أشرف غني أو غيره من التيارات الداخلية.
ثانيًا: الوضع الإقليمي المعقد في محيط أفغانستان
فيما يخص الحكومة الهندية ودوافعها نحو التقارب مع حركة طالبان، فيرتكز على ملفاتها المعقدة مع كل من الصين وباكستان واللذين يمتلكان علاقات جيدة مع زعماء الحركة، إذ لا تريد نيودلهى أن تخسر كابول الجديدة لصالح إسلام آباد وبكين.
كما أنها ستحتاج للتنسيق معها لإدارة الملف الأمني خوفًا من تصاعد العنف على وقع ضعف القبضة الأمنية؛ ما قد يزيد من إمدادات ونفوذ الجماعات المتطرفة في باكستان والتي تهدد أمن الهند عبر إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.
في ذات الوقت تمتلك الهند ملفًا عدائيًّا مع الصين الحليفة السياسية المهمة لطالبان، وبالتالي تسعى نيودلهى إلى توفيق أوضاعها مع الحركة المتطرفة التي يُحتمل أن تنفرد بحكم أفغانستان؛ ما يشير إلى مصالح سياسية واستراتيجية تتحكم بمعيار التعاون السياسي بغض النظر عن الاعتبارات الإيديولوجية التي يسوقها كل طرف لمؤيديه.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة السابق «دونالد ترامب»، وقعت اتفاقًا مع حركة طالبان في 29 فبراير 2020 يتضمن الانسحاب العسكري للقوات الأجنبية من البلاد، مقابل عدم تعاون الحركة مع الجماعات الإرهابية الأخرى بالمنطقة وأبرزهم تنظيم القاعدة، إلى جانب عدم تحول البلاد لمعسكر إرهابي يهدد مصالح واشنطن وحلفائها.
المزيد.. المدنيون يدفعون الثمن.. الاضطراب الأمني يعصف بأفغانستان





