انفراد.. «مصطفى حمزة» يقود مراجعات متطرفي السجون
الأحد 08/أبريل/2018 - 07:21 م

مصطفى حمزة
سارة رشاد
ردود أفعال متباينة تشهدها الساحة المصرية، حول تصفية الخلافات بين الدولة وجماعة الإخوان (أُسِّسَت 1928)، وهي المطالب التي تجددت أخيرًا؛ جراء مناداة بعض الأصوات بإبرام هذه المصالحة.
وكشفت مصادر لـ«المَرْجِع» عن تفاهم من نوع خاص، يُمهَّد له في الوقت الراهن بين الأجهزة الأمنية، والعناصر المعتنقة لـ«الفكر التكفيري» الموجودين داخل السجون؛ لإقناعهم بالتخلي عن أفكارهم المتشددة، وتبني فكر وسطيّ.
المصادر أكدت أن هذا التفاهم يتم حاليًّا بتدخل ووساطة من الجماعة الإسلامية (أُسِّسَت في السبعينيات، وأعلنت عن مراجعات فكرية في يوليو 1997م)، وأن الجماعة اختارت أمير الجناح العسكري لها، مصطفى حمزة؛ للقيام بدور الوساطة، والحوار مع معتنقي الفكر التكفيري من السجناء.
ويأتي اختيار مصطفى حمزة، للقيام بهذا الدور؛ لكونه لم يتورط في عمليات إرهابية في الفترة من 2012 -عام الإفراج عنه- في أعقاب ثورة 25 من يناير 2011، وحتى القبض عليه مجددًا في عام 2013، بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان من مصر (يونيو 2013).
وأوضحت المصادر أن أمير الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، انخرط في الفترة ما بين عامي 2012 و2013، في العمل السياسي داخل حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية).
وجاءت موافقة «حمزة» على القيام بهذا الدور، بعد لقاءات جَمَعته بمحامي الجماعة الإسلامية كمال مندور، الذي تولى مهمة إقناعه.
ويعقد «حمزة»، بمقتضى هذه الموافقة جلسات مع السجناء المعتنقي أفكار العنف والتكفير، بداية من المنتمين للجماعة الإسلامية وتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وحتى شباب جماعة الإخوان الذين تبنوا خيار العنف، فيما عُرف بـ«اللجان النوعية للإخوان» التي أسسها القيادي الإخواني محمد كمال (قُتل في مواجهات مع الأمن بحي البساتين، جنوب القاهرة، أكتوبر 2016).
وتعود الوساطة التي تقودها الجماعة الإسلامية، بالنفع عليها في المقام الأول؛ إذْ تطمح في إنهاء القضية رقم 24 لسنة 1992، والمعروفة
إعلاميًّا بقضية «العائدون من أفغانستان والسودان»، التي ضمت 22 متهمًا من أعضاء الجناح العسكري للجماعة، تمت تبرئتهم جميعًا، عدا «حمزة»، ومحمد شوقي الإسلامبولي، عضو مجلس شورى الجماعة الهارب في تركيا، ورفاعي طه، القيادي بالجماعة، الذي لقي حتفه في سوريا عام 2016؛ إثر مشاركته في الحرب هناك، إضافة إلى الشيخ عثمان السمان، المُكنَّى بـ«أبي إسلام»، القيادي
بالجماعة الإسلامية بالمنيا، حيث أُخلِي سبيلهم بعد تحويل القضية من القضاء
العسكرى للمدني لإعادة محاكمتهم مرة أخرى.
وتُنظر قضية «العائدون من أفغانستان والسودان» منذ عام 2012 أمام القضاء المدني، بعدما قبل طعن المتهمين، وألغيت الأحكام الصادرة ضدهم، التي تراوحت بين المؤبد والإعدام.
وعلم «المَرْجِع»، أنه بجانب تحركات الجماعة الإسلامية، شُكِّلت لجنة تتكون من مُفكّرين ورجال دين أزهريين، تقرر الدفع بهم لفتح نقاشات مع السجناء المتطرفين، والرد على استفساراتهم.
ويتمثل دور اللجنة -التي اشترط أن يكون أعضاؤها ذوي خبرة بالجماعات الدينية- في طرح رؤية وسطية على السجناء، والحوار معهم حولها، وتحاول اللجنة الاستعانة في عملها بنتائج جلسات نقاشية بدأها شباب إخوان بالسجون في يوليو 2017، تحت مُسمَّى «تصحيح المفاهيم»، وتعقد جلساتها تحديدًا بسجون الفيوم، ووادي النطرون، والعقرب؛ إذْ يتطرق أصحابها إلى تقييم تجربتهم مع الجماعة، ومدى صحة الأفكار التي تبنوها؛ بحكم انتمائهم للتنظيم الإخواني.
وعبَّر هؤلاء الشباب، الذين يُقدر عددهم بنحو 15% من إجمالي الشباب المسجونين، وفقًا للإخواني المُتبني لفكر المراجعات الفكرية، عماد علي- لإدارات السجون عن تزعزع إيمانهم بجماعة الإخوان، وهو الاعتراف الذي دفع الأخيرة للحوار مع الجادين منهم، والسماح لهم بالاجتماع في جلسات نقاشية، يتباحثون فيها حول جدوى الانتماء للإخوان ومدى صحة أفكارهم.
وثقت نتائج هذه الجلسات، في كتابين، هما: «الصدمة.. بقلم متسلط على طريق الدعوة» للشاب حمزة محسن، المحبوس بسجن الفيوم، الذي أقر فيه بعدم الجدوى من الالتحاق بالتنظيم الإخواني، و«المواقف السياسية لجماعة الإخوان» وكتبه عمرو عبدالحافظ، وتناول فيه الأخطاء السياسية لجماعة الإخوان، التي أودت إلى الإطاحة بحكمها.
وعلى خلفية هذه المراجعات، ومع العمل على نشرها بين السجناء لتكوين رأي عام بين شباب الجماعة لدفعهم إلى مراجعة أفكارهم، تعرضت مجموعة «تصحيح المفاهيم» لاعتداء من قبل السجناء التابعين للقيادات التاريخية لجماعة الإخوان؛ إذ تعرض عمرو عبدالحافظ، الشاب الإخواني، وأحد قادة مبادرة المراجعات، للضرب، وهو ما ترتب عليه عزله، ووضعه هو وباقي أفراد المراجعات تحت الحراسة المشددة؛ لحمايتهم.
الاشتباكات داخل السجون على خلفية طرح الأفكار لم تقتصر على أفراد الإخوان؛ إذ شهد سجن الزقازيق (شرق الدلتا)، منتصف أغسطس من عام 2017، اشتباكات بين السجناء المنتمين لتنظيم «داعش» و«القاعدة»، بعد نجاح أحمد الأنصاري الجهادي المصري المنتمي لـ«القاعدة»، في تسريب فصل من كتاب «كشف الستار عن الخوارج الأغمار.. ليست باقية وتنكمش وتتفكك».
وتناول «الأنصاري»، في كتابه «فكر تنظيم (داعش)» الإرهابي، مفندًا الأخطاء التي وردت فيه، وأقر بأن التنظيم إلى الزوال، وسيشهد صراعات بين ورثته، وحمّل الإعلام الداعشي مسؤولية خلق جيل من «الحمقى».