خانوا وطنهم فتسولوا لقمتهم في الغربة.. قنوات الإخوان في تركيا هكذا بدأت ثم انهارت
الأربعاء 30/يونيو/2021 - 06:32 م
مصطفى كامل
عقب ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، ضد جماعة الإخوان في مصر، لجأت قيادات الجماعة الإرهابية وعناصرها للهرب للخارج، وإنشاء قنوات فضائية تحرض على القتل والعنف، وهدم مؤسسات الدولة المصرية، وتلقي التمويلات من جهات معادية للأمن المصري والعربي في المنطقة بهدف تحقيق المصالح المشتركة للطرفين، وبث الفتنة، واشتعال المنطقة العربية بأسرها لصالح الجماعة الإرهابية، إذ كان من أهدافها الأساسية التشكيك في الثوابت، وبث الشائعات والفرقة، ودعم الإرهاب بظهير إعلامي، وتعزيز الانقسام المجتمعي.
ملاحقات دولية
بعد أن أعلنت الخارجية المصرية قيامها بإجراء اتصالات دولية لغلق الفضائيات التابعة لجماعة الإخوان، والتي تحرض على القتل وهدم مؤسسات الدولة، انطلقت فضائيات عدة بعد ثورة الشعب المصري على الإخوان في 30 يونيو 2013 بعضها استمر لفترة وجيزة واختفى، ثم انطلق مجددًا ليواصل مهمته من دون توقف وفضائيات أخرى انطلقت لتعوض غياب من اختفى بعد تغيير مقر ومكان البث، هربًا من الملاحقة الدولية والقضائية للسلطات المصرية.
منابر الإخوان
كانت بداية انطلاق قنوات الإخوان قناة «مصر الآن» والتي بثت في 6 أغسطس 2014 من تركيا، وهي مملوكة فعليا لشركة تابعة للتنظيم الدولي للإخوان، ويحرض مذيعوها على قتل الضباط، وفور بثها وانطلاق برامجها أقام المحامي سمير صبري أيضًا دعوى أمام القضاء بوقف بثها وتحدد لها جلسة 8 فبراير الحالي.
قناة «مكملين»، تعد أحد أبرز القنوات التحريضية للجماعة، إذ انطلقت في 6 يونيو عام 2014 من تركيا، حاملة شعار «رابعة» وتبث القناة برامج تحريضية ضد الجيش والشرطة، وتصف ما حدث في مصر في 30 يونيو بأنه غير ثورة ضد الجماعة، حيث تبث أخبارًا كاذبة ومضللة ضد مصر، الغرض منها تأجيج التظاهرات وتحريض الطلاب للتظاهر والقيام بأعمال العنف لإعاقة العملية التعليمية، والتحريض على تهديد أمن واستقرار الوطن.
قناة «رابعة» تعتبر الأقدم من حيث الانطلاق، حيث بدأ بثها عام 2013، واستضافتها تركيا على أرضها، وحملت هذا الاسم، بعد فضّ اعتصام الإخوان في ميداني «رابعة والنهضة»، وقيام الرئيس التركي أردوغان بإطلاق هذه الإشارة، حيث أكدت بوابة حزب «الحرية والعدالة» التابعة لجماعة الإخوان أن فضائية «رابعة» تبث من إسطنبول، ويمولها عدد من رجال الأعمال المنتمين للإخوان، وانطلق بث القناة بعد توتر العلاقات المصرية التركية وطرد السفير التركي من القاهرة.
وفور انطلاقها، لاحقتها السلطات القضائية المصرية، حيث قضت محكمة القضاء الإداري «دائرة الاستثمار»، برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف بث القناة، وقالت المحكمة إن القناة تحرض على القتل والعنف وإزهاق الأرواح، وقد خانت الأمانة الإعلامية، وابتعدت عن الحياد، وأخذت على عاتقها بث أكاذيب بعد ثورة الشعب على حكم الإخوان.
فيما تعد قناة «الحوار»، المملوكة للقيادي بالتنظيم الدولي للإخوان عزام التميمي، والتي بدأت بثها من لندن في عام 2006، وكانت تنقل اعتصامي الجماعة وأنصارها، ونجح قراصنة مصريون في اختراقها عدة مرات ووقف بثها لفترات طويلة بعد اختراق السيرفر الخاص بها على القمر الصناعي، كما أغلقت قناة «الشرعية» التي انطلقت عام 2013، وكانت من أوائل القنوات التي يتم بثها بعد إزاحة الإخوان عن الحكم، وحملت الشعار الذي دائما ما ردده الإخوان، والرئيس الأسبق محمد مرسي، ولم يعد للقناة وجود الآن.
بينما تعتبر قناة «الشرق» التي انطلقت في أبريل 2014، من تركيا هي الأحدث في تلك الفضائيات التابعة للإخوان، واتخذت أيضًا من تركيا مقرًّا لها ويمتلكها القيادي الإخواني باسم خفاجي، حيث تبث القناة عدة برامج تحريضية ضد الجيش والشرطة المصرية، والتحق بها عدد من الإعلاميين المرتزقة المحسوبين على الجماعة الإرهابية، ويعملون لصالحها مقابل المال.
التحريض ضد الأمن المصري
عقب خلع الجماعة الإرهابية عن الحكم في 30 يونيو 2013، وهرب العديد من عناصرها وأنصارها خارج البلاد، بدأت الجماعة في تنفيذ مخططاتها للتحريض ضد الأمن المصري عبر استخدامها القنوات التلفزيونية لتنفيذ المخطط التحريضي، حيث وضعت مخططات كبرى لإثارة القلاقل ضد مصر وإثارة الرأي العام، إذ تحاول الجماعة استخدام جميع الطرق لمواصلة التحريض ضد مصر، وذلك من خلال خطة تعتمد على تقديم أسماء وشخصيات غير معروف للرأي العام انتمائها لجماعة الإخوان الإرهابية، وتتحدث عنها بطرق غير مباشرة، كما تقوم بالتحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي بكافة السبل والطرق.
عبر قناة «مكملين» أطلقت الجماعة برنامجًا تلفزيونيًا للمدعو أحمد فريد مولانا، الباحث المقرب من الجماعات الإرهابية والهارب خارج مصر، والذي يسعى لتلميع وجه الجماعات الإرهابية منها والمحرضة ضد مصر، حيث كثيرًا ما يظهر عبر المواقع الإخبارية التي تمتلكها الجماعة لتلميع وجه الجماعات الإرهابية، على رأسها الإخوان والسلفية الجهادية، لكونه أحد داعميها خلال السنوات الماضية؛ يحمل اسم «منظومة الأمن»، والذي يضع فيه خطط عدة لمواجهة قوات الأمن المصري في الداخل عبر أنشطة إرهابية تمارسها العناصر الإخوانية التي لا تزال قابعة في مصر.
وخلال الحلقات التي بثتها القناة، تحدث المدعو «مولانا» هذا، عن المنظومة الأمنية في مصر، وبث مزاعم العنف والاضطهاد ضد عناصر الجماعة الإرهابية، واستخدم عدة كلمات تحريضية تتحدث عن المنظومة الأمنية وتحرض في نفس الوقت على المناطق التي تستخدم العنف، كما استعرض المنظومة الأمنية منذ عهد «محمد علي» وحتى الآن، وكذلك العمليات الإرهابية والتنظيمات والمخططات الكبرى التي وضعت ضد مصر خلال هذه السنوات، والتي يحاول من خلالها تشويه صورة الأمن وطرق مواجهته الإرهاب.
منظمات وهمية
ومن ضمن المخططات التحريضية التي لجأت لها الجماعة لممارسة التحريض والتحدث باسمها، استضافتها شخصيات إخوانية تابعة لها عبر قنواتها التحريضية تترأس منظمات وهمية بهدف الانتشار في الغرب للضغط على مصر والتحريض ضدها، حيث تعمل على تسويق مصطلحاتها ذلك في أوروبا، وتجد من نفسها مادة خصبة للتداول بين القنوات الأوروبية.
وبدأت الخطة في سبتمبر 2019، واستضافت القنوات الإخوانية المدعو «أشرف توفيق» عبر قناة مكملين ليزعم ترؤسه منظمة وهمية باسم «منظمة نجدة لحقوق الإنسان»، حيث تحدث خلال لقاءاته عن عدد من المعلومات الخاطئة التي ليس لها أي أساس من الصحة، ومزاعم الاختفاء القسري لعدد من شباب الإخوان والذين يتفاجأ الجميع بظهورهم فيما بعد بتنظيمات وجماعات مسلحة، مثلما حدث مع المدعو «عمر الديب»، الذي ظهر في أحد إصدارات تنظيم داعش الإرهابي.
وأسست الجماعة للمدعو «توفيق» الهارب من مصر منذ 2013، منظمة تتحدث عن ملفات حقوق الإنسان، لخدمة أجندة الجماعة، إذ لم تكتف قنوات الإخوان بذلك فقط، بل انتقل الأمر إلى استخدام تصريحاته كدعاية ضد مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت تطلق مصطلح الاختفاء القسري على مجموعة من الشباب داخل الإخوان، وتسويقها عبر هذه المواقع، رغم نفي وزارة الداخلية حبس أي متهم دون قضية.
فضائح وتجاهل
في الجهة المقابلة، توالت الفضائح على الجماعة في الخارج منذ أبريل 2018، داخل القنوات الموالية لها، حيث نشر عدد من العاملين بقنوات الإخوان في الخارج، مجموعة من الفيديوهات على خاصية «البث المباشر»، بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لكشف أكاذيب قناة «الشرق» الإخوانية، ورئيس مجلس إدارتها أيمن نور، ونشر فضائحه والعلاقة الخبيثة بينه وبين معتز مطر المذيع بالقناة.
جاء البث الأول من أحد مقدمي برامج قناة الشرق الإخوانية محمد طلبة رضوان، وقال فيه: «شعور صعب أن تُظلم أو يُهضم حقك في الخارج عيانًا، ولا تجد من يقف إلى جوارك»، كاشفًا عن أن المدعو «معتز مطر» انضم لجبهة أيمن نور في التجسس على العاملين بالقناة، مشيرًا إلى أن «أيمن نور» لديه ملفات لكل العاملين بالقناة لتهديدهم بها في الوقت المناسب، فهو شخص كاذب ويمتص دماء العاملين بالقناة، وينصب عليهم في الخارج.
بينما جاء البث الثاني من عبدالله الماحي، مقدم أحد البرامج بقناة الشرق الإخوانية، والذي أكد خلاله أنه تعرض للظلم داخل القناة، ولم يقف أحد من قيادات الجماعة معه، قائلًا: «إن العاملين بقناة الشرق الإخوانية يتقاضون مرتبات قليلة للغاية، مقابل تبذير وبذخ أيمن نور وإنفاقه ملايين على فنادق تركيا وعقد المؤتمرات، مشيرا إلى أن أيمن نور ومعتز مطر تجسسا على العاملين بالقناة، وراقبا تحركاتهم».
لم يتوقف «الماحي» عن ذلك، بل كشف عن أن أيمن نور هدد أحد حلفاء الإخوان بنشر وتسريب فضائح له على مواقع التواصل إذا تدخل لحل أزمة العاملين بالقناة، مشيرًا إلى أن معتز مطر انحاز لأيمن نور ضد العاملين بالقناة، وخرج ليكذب على أنصار الإخوان ويزعم أنه لا توجد أزمة، بل تورط مع أيمن نور في التجسس على العاملين بالقناة، وتقاضى مرتبات كبيرة له مقابل مرتبات قليلة للعاملين بالقناة.
وعن الأموال ومصادر صرفها، يقول أحد مقدمي البرامج على القناة الإخوانية: «إن أيمن نور يربي كثيرا من الكلاب داخل منزله، فهو خبير في تربية الكلاب، كما أن لديه «بودي جاردات» برواتب فلكية، ينفق عليهم أموالا طائلة، ثم يزعم أمام العاملين بالقناة أن القناة فقيرة، وكان يهدد العاملين بها ويصفهم بأنهم مجرد «جعانين»، وأن هذا أفضل لهم بدلا من أن يتم إلقاؤهم في الشارع».
وفيما يتعلق بتجاهل فضائح الجماعة عبر قنواتها، تجاهلت قنوات جماعة الإخوان الإرهابية التعليق على التسريبات التي خرجت في يوليو 2019، والتي فضحت قيادات الجماعة الهاربين في تركيا، والتي كشفت عن اختلاسات مالية وسرقة ونصب وجمع أموال تبرعات لوضعها في جيوبهم الخاصة، حيث لم تتحدث أي من قنوات الإخوان عن التسريبات.
فبحسب التسجيل الصوتي الذي استمر لأكثر من 4 دقائق، تحدث المدعو «أمير بسام»، أحد قيادات جماعة الإخوان وعضو مكتب الإرشاد، إلى محمد الدسوقي، عن أزمات وفضائح ضربت قيادات الجماعة الإرهابية، وذلك بسبب الأموال التي اختلسها قادة الجماعة عقب سقوط التنظيم بعد ثورة 30 يونيو، وهروب قيادات الجماعة الإرهابية إلى تركيا.
وهاجم «بسام» محمود حسين على خلفية اجتماع لقادة الإرهابية، بسبب اعتراف الأخير بالحصول على مبالغ مالية كبيرة ليست من حقه هو ونجله، شملت شققا سكنية استولى عليها هو والقيادي الإخواني إبراهيم منير، بالإضافة إلى سيارة فاخرة، مقدرا قيمة ما تم تبديده من أموال الجماعة بالملايين، كاشفًا عن الانقسام الحاد الذي قاده إبراهيم منير، ومحمود حسين، للانقلاب على محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الجماعة الإرهابية، واستطاعا السيطرة على كافة أموال الجماعة، وكذلك التمويلات المالية التي تأتي إليهما من الدول الممولة، تاركين شباب الجماعة الذين غرروا بهم يتسولون في شوارع تركيا.
وقبل نهاية التسجيل، أكد "بسام" أنه لا يدين بالبيعة سواء للمرشد محمد بديع أو محمود عزت، منتقدا استيلاء هؤلاء القادة على الملايين في حين أن شباب الإرهابية الهاربين إلى تركيا يتجرعون ويلات الغربة مقابل 200 ليرة شهريا يحصلون عليها بصعوبة بالغة.
تطور إيجابي
بعد فترة من الصمت السياسي بين مصر وتركيا، أعادت تهنئة وزير الخارجية التركي لنظيره المصري بحلول شهر رمضان الكريم، الحديث مرة أخرى عن العلاقات بين البلدين، وهو ما تبعه تطورات أخرى بوقف بعض البرامج والقنوات الإعلامية التي تُهاجم الدولة المصرية، وهو ما وصفته القاهرة بالتطور الإيجابي، إذ يعد هذا الأمر خطوات جدية من أنقرة لعودة العلاقات مع مصر، وهو يظهره الاتصال الأخير من قبل وزير الخارجية التركي مع نظيره المصري، وكذلك وقف بعض البرامج المعادية للقاهرة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن الدولة المصرية تُقدر تصريحات الجانب التركي بضرورة تغيير المسار، مضيفا «هناك اهتمام لانتقال العلاقات إلى مرحلة الانفتاح السياسي، والقاهرة في انتظار تحول هذه التصريحات إلى أفعال سياسية».
وكانت تقارير إعلامية، ذكرت أن السلطات التركية طلبت من قنوات إخوانية تعمل على أراضيها، أن تحد من خطابها العدائي تجاه مصر ومؤسساتها، حيث بادرت بعض هذه القنوات بالفعل، إلى الإعلان عن تغيير في شبكة البرامج، تماشيا مع ما طولبت به من السلطات التركية.
وعاود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث عن رغبته في استعادة العلاقات مع مصر، قائلا إن «الشعب المصري لا يختلف معنا.. وتعاون تركيا مع مصر في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية والاستخبارات مستمر، ولا توجد أي مشكلة في ذلك».
وفي أبريل 2021، أعلن اثنان من أبرز مقدمي البرامج في قنوات جماعة «الإخوان» في تركيا توقفهما عن العمل ووقف برنامجيهما، حيث أكد المدعو «محمد ناصر» مقدم برنامج «مصر النهاردة» على قناة «مكملين» في إسطنبول، أنه سيكون في إجازة طوال شهر رمضان.
وكان «معتز مطر»، مقدم برنامج «مع معتز» على قناة «الشرق»، أكثر وضوحا، حيث أعلن عن تقديم حلقة قصيرة وأخيرة من برنامجه استغرقت أقل من ربع ساعة فقط، أعلن فيها أن هذا هو آخر ظهور له عبر القناة، وأنه «في إجازة مفتوحة لم يكن يتمناها بالمرة».





