الاضطرابات السياسية في «مالي» تعصف بأمن الساحل الأفريقي
تختبر اضطرابات سياسية كبيرة، خلال المرحلة الحالية، جمهورية مالي الواقعة فى غرب أفريقيا، إذ اعتقل، الثلاثاء 25 مايو 2021، كل من الرئيس باه انداو، ورئيس الوزراء مختار عوان، ووزير الدفاع سليمان دوكوريه إثر استقطابات داخلية حادة، ما يؤثر على الاستقرار الأمني للبلاد ويخلق بدوره فراغًا للجماعات الإرهابية لبسط مزيد من النفوذ بالمنطقة.
تتسارع وتيرة الأحداث السياسية في مالي منذ عزل الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا في أغسطس 2020 ،وما أعقب ذلك من توترات فتحت المجال لتنامي الجماعات المتطرفة ودخولها في منافسة مع بعضها البعض لفرض السيطرة على نطاقات جغرافية أوسع، ووسط مزيد من الاضطرابات الأخيرة يحتمل أن يزداد نفوذ تنظيمي «القاعدة» و«داعش» بالبلاد ما يؤثر على أمن الساحل الأفريقي.
الإرهاب يتغذى على الصراعات السياسية في الساحل
تخلق الاستقطابات السياسية الحادة بؤرًا لتنامي الجماعات المتطرفة، فطبقًا لمؤشر الإرهاب الدولي لعام 2020 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام في سيدني الأسترالية، احتلت الدول صاحبة الاضطرابات السياسية النسب الأولى لعدد الضحايا الناجمين عن الهجمات الإرهابية بداخلها مثل مالي وأفغانستان ونيجيريا والصومال والعراق واليمن وغيرها من الدول غير المستقرة.
ويشير ذلك إلى الارتباطية ذاتها، بأن الاستقرار السياسي واستتباب نظم الحكم يؤثر على قدراتها الأمنية، ومن ثم فرص انتشار الإرهاب بداخلها، ومن جهة أخرى تفتح الاستقطابات والتعصب السياسي الأبواب أمام التمرد المسلح، ما ينذر بتعاون بين الخارجين عن القانون لتهريب السلاح والبشر والمخدرات لخلق مصادر تمويل متنوعة تمنحهم القدرة على الاستمرار في أنشطتهم.
التعاون الدولي يدعم مواجهة الإرهاب
«مالي» بما تعانيه من توترات سياسية مستمرة وسط وجود فعلي لتنظيم القاعدة بداخلها، قد يعمق الأزمات الأمنية ويزيد من الإنفاق العسكري الخارجي تجاه البلاد، فمن جهتها أعلنت الحكومة الفرنسية في 23 مايو 2021 أن الوجود الأوروبي في الساحل الأفريقي سيستمر 10 سنوات مقبلة.
وأشار رئيس أركان الجيوش الفرنسية، فرانسوا لوكوانتر، إلى أن أوروبا تكفل النفقات الخاصة ببعثة عسكرية لتدريب جيش مالي، موجهًا بضرورة الانتقال من المساعدات التدريبية إلى المساهمة في إعادة بناء الجيش والقوات الأمنية، مشددًا على أنه من دون التعاون المشترك لحفظ الأمن في منطقة الساحل ستعم الفوضى مخلفة موجات هجرة غير شرعية تهدد استقرار الاتحاد الأوروبي.
وأضاف «فرانسوا» أن تعاون الاتحاد الأوروبي سيخفف من التبريرات التي تصيغها الجماعات الإرهابية حول الوجود الفرنسي بالداخل من جهة السيطرة الجغرافية الجديدة، وبالتالي سيفقد الخطاب الإعلامي لجماعات التطرف جزءًا كبيرًا من سياقه الإيديولوجي المحفز لمضطربي الهوية، مؤكدًا أن مساعدة أوروبا لمالي يجب أن تركز على دعم الدولة لتقود نفسها بنفسها خلال السنوات المقبلة وتكون قادرة على تأمين أرضها أحاديًا.
الجماعات المتطرفة والمواجهة العسكرية في مالي
حرص قادة الجيوش بمنطقة الساحل الأفريقي على الاجتماع في العاصمة المالية «باماكو» الثلاثاء 25 مايو 2021 على الرغم من الاضطرابات الواسعة التي تضرب البلاد، ما يعطي رسالة بأن مواجهة الإرهاب ستستمر بغض النظر عن الانفلات السياسي، ولكن إلى أي مدى سيفرض كل طرف قبضته على المشهد العنيف بالبلاد؟.
وعقد في «باماكو» الدورة 11 لاجتماع لجنة الدفاع والأمن لدول مجموعة الساحل، والتي ترتكز مناقشاتها على مكافحة الجماعات الإرهابية وتطوير القدرات القتالية والمالية للقوات المشتركة للدول الخمس بالساحل الأفريقي إلى جانب تعزيز قدرات الجيوش الوطنية.
المزيد.. المساعدات الدولية لموزمبيق.. طوق نجاة في مواجهة مد «داعش»





