العنف والفوضى.. لعبة أردوغان في ليبيا لإخفاق التسوية
الخميس 28/يناير/2021 - 10:08 ص
مصطفى كامل
بالرغم من التفاؤل الكبير الذي بات يغلف الأوساط الليبية في ظل التوافقات الأخيرة بين الفرقاء، والتي تعطي انطباعًا إيجابيًّا بإمكانية الوصول إلى تسوية تنهي الانقسامات وتوحد البلاد، لا تزال الانتهاكات التي تمارس في الغرب الليبي من قبل الميليشيات المسلحة تحت أعين أنقرة، الأمر الذي يثير مخاوف من فشل الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من مربع العنف والفوضى.
انتهاكات متواصلة
في مشهد جديد لسطوة وبطش الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي، أقدم مسلحون تابعون لحكومة الوفاق على الاعتداء على مواطنين في مدينة ترهونة، واستباحة منازلهم وممتلكاتهم.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض منازل بترهونة للتخريب، وإشعال النار فيها والاعتداء بالضرب على المواطنين، حجة تعاونهم مع الجيش الوطني الليبي، إذ أسفرت تلك الاعتداءات على مقتل أحد شيوخ ترهونة ويدعى مصطفى الفاندي، حيث لقي مصرعه بعد اقتحام منزله والاعتداء عليه بالضرب المبرح.
وأثارت الاعتداءات والانتهاكات المستمرة في حق مدينة ترهونة من قبل عناصر مختلطة من الميليشيات، وبمشاركة عناصر ترتبط بجماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن أغلب هذه العناصر تنتمي لمدينة مصراتة والزاوية، وكذلك بعض العناصر من مجلسي شورى درنة وبنغازي الهاربين بعد تحرير المدينتين من قبل الجيش الليبي؛ تنديدًا في الأوساط الليبية، وأعرب المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، في بيان أصدره، عن إدانته بأشد العبارات للممارسات التي يتعرض لها المدنيون في المدينة من قتل وحرق للمنازل والممتلكات.
وبعيدًا عن ترهونة، تشهد مدينة صبراتة أيضًا فوضى أمنية وانتهاكات مستمرة أكدها المجلس التسييري لبلدية صبراتة، الذي عبر عن تفاجئه بالانفلات الأمني داخل حدود البلدية منذ دخول قوات حكومة الوفاق إليها.
وأوضح المجلس في بيان وجهه إلى المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، معاناة المدينة جراء سيطرة المجموعات المسلحة على مقدرات المدينة، وبث الرعب في نفوس الآمنين.
وتأتي هذه الانتهاكات لتعكر صفو التوافقات بين الفرقاء الليبيين، والتي كان آخرها اتفاق وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين، بمدينة بوزنيقة المغربية، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي المناصب السيادي.
وعلى وقع تلك الانتهاكات غادر المئات من الأهالي مدينة صبراتة، خلال عام 2020 بعد هجوم لمرتزقة سوريين بدعم من الطيران التركي المسير.
وكشفت مشاهد الفيديو لاحقًا أن إرهابيي القاعدة من مجالس شورى المناطق الشرقية الفارين من ضربات الجيش في بنغازي ودرنة وأجدابيا، كانوا يقاتلون جنبًا إلى جنب مع مسلحي جبهة النصرة، ثم يتجهون إلى السجون لإطلاق نظرائهم في الإرهاب، تحت هتافات التكبير.
التأثير على جهود التسوية
ومن شأن الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات التأثير على جهود التسوية في ليبيا، خاصة أنها تتزامن مع استمرار التدخلات التركية التي تسعى لتأجيج الأوضاع في البلاد.
وفي هذا السياق، أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي اللواء خالد المحجوب أن تركيا تحاول عرقلة أي اتفاق، وذلك للمساومة حتى تستطيع تحقيق أكبر قدر من المكاسب حتى لا تخرج صفر اليدين من ليبيا، حيث جاء في البيان الختامي الذي توج أشغال الجولة الجديدة من الحوار الليبي، أنه تمت خلال هذا الاجتماع مراجعة ما سبق التوافق عليه بشأن تطبيق المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات في ديسمبر 2015.
وأفاد البيان بأن فرق العمل ستقوم «بتصميم نماذج الترشح، ودعوة المترشحين لتقديم طلبات الترشح مصحوبة بالشروط والمعايير المتفق عليها».
وبالرغم من الاتفاق على ضرورة إخراج المرتزقة تواصل أنقرة عمليات نقل المزيد منهم إلى الأراضي الليبية.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا تجري «عمليات تبديلية» للمرتزقة الموالين لها في الأراضي الليبية.
وأوضح أن النظام التركي يعيد دفعات من المرتزقة إلى سوريا، مقابل ذهاب دفعات أخرى منها إلى ليبيا، حيث لفت إلى أن المجموعة العائدة تتألف من 100 إلى 250 مرتزقًا، فيما تتوجه أعداد مماثلة إلى ليبيا، موضحًا أن هناك شروطًا وضعتها تركيا التي يمر المرتزقة عبر أراضيها لإتمام العملية بينها الوضع الصحي والأمني للإرهابيين.
وحذر المرصد أوروبا من محاولات عشرات الإرهابيين الفرار إلى القارة العجوز عبر إيطاليا، فيما حمّل المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، حكومة الوفاق المسؤولية القانونية في عدم حماية المدنيين في ترهونة، مؤكدا أنه سيتخذ الإجراءات القانونية حيال ما حدث طيلة عقد من الزمن وما يحدث الآن.
كما حمل المجلس، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والبعثة الأممية المسؤولية القانونية والأدبية تجاه ما يحدث للشعب الليبي بسبب تدخلها وتحويل ليبيا لدولة يعبث بها الإرهاب، وتعمها الفوضى والقتل والتهجير والفقر والظلم، وعدم الشفافية في عملها والتدخل، وفرض الحل بينما يتلخص دورها في المساندة وتقديم الدعم.
وأكد المجلس التسييري، إن الظلم قد تجاوز مداه وبلغ الصبر منتهاه، متسائلا عمن يرد الظلم والتمادي عن الآمنين.
وأشار إلى ما حدث من انتهاكات آخرها اختطاف المواطنيْن امحمد مفتاح أبوصبع ومصطفى مفتاح أبوصبع من قبل مجموعات داهمت منزلهما، واقتادهما إلى جهة مجهولة، محملا مسؤولية أمن صبراتة إلى وزارة الداخلية ووزارة الدفاع.





