مناجم الفحم.. هدف داعش الاستراتيجي في باكستان
يسعى تنظيم داعش لتوسيع دائرة نفوذه في
المنطقة الآسيوية، والتي تعتبر المهد الجغرافي والمعقل الأساسي لتنظيم القاعدة،
ويعتمد الدواعش في استراتيجيتهم نحو التوسع على تأمين الأموال المطلوبة للعناصر، والإمدادات المختلفة، عن طريق محاولة السيطرة على المدخلات المالية للمنطقة.
وتعتبر المناجم، ومناطق التعدين، واستخراج الثروات الطبيعية، من أبرز المصادر التي تقترب إليها الجماعات المتطرفة،
ففي 3 يناير 2020، أعلنت السلطات الباكستانية مقتل 11 شخصًا، وإصابة العشرات من
العاملين في مناجم الفحم؛ عبر هجوم نفذه داعش بالأسلحة النارية في مقاطعة بالوشستان
جنوب غرب البلاد.
ومن جهته، أشار رئيس وزراء باكستان عمران خان، إلى أن الهجمات الإرهابية التي يشنها تنظيم داعش غير إنسانية، وتدل على وحشية التنظيم وبشاعته، مُعبرًا عن حزنه من وفاة العمال الأبرياء، كما وجه قوات الشرطة لتسخير الإمكانيات المتاحة كافة؛ لإلقاء القبض على الجناة في أسرع وقت.
الجماعات الإرهابية والمناجم
إن الأيديولوجيات الفكرية والفقهية التي
تقدمها الجماعات المتطرفة كمدخل لتنفيذ الهجمات العنيفة، لا يجب أن يُقيم كمتغير
وحيد في المشهد؛ لأن الأبعاد السياسية والاقتصادية لتحركات تلك الجماعات هي أشياء
أساسية في تحليل الزوايا الخاصة بالأهداف المرجوة من هذا الوجود.
فلذلك يعتمد التمركز الداعشي في
الأقاليم المختلفة على المصادر التي يُمكن من خلالها تمويل عناصره، وإحداث أزمة
للبلد الموجود بها، سواء لسيطرة تنظيمية أوسع، أو لصراعات دولية أعمق حول الثروات
الطبيعية، فإن هجوم التنظيم على منجم الفحم الباكستاني يأتي كمقدمة لتنفيذ
الاستراتيجية التي يُطبقها مؤخرًا في عدة دول، أبرزها موزمبيق، والتي يسيطر فيها على
مناطق الثروات كإقليم كابو ديلجاو في الشمال الشرقي الغني بالغاز الخام.
وهي ذات الاستراتيجية التي يعتمدها تنظيم
القاعدة في الصومال، من حيث الاستثمار في الفحم النباتي عالي الجودة، لصالح التربح
المالي، بالتشارك مع إيران، إلى جانب مناجم الذهب التي يستهدفها التنظيم في بوركينا
فاسو، بما يعني أن وجود الجماعات المتطرفة في مناطق بعينها يحمل في طياته سلبيات
على مستوى الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، ويكون مدفوعًا بمتغيرات ليس من
ضمنها البعد الفقهي أو الديني، وهو ما ترتكز عليه داعش في تمددها.
الصراع الداعشي القاعدي على
آسيا
تعد المنطقة الآسيوية من أكثر المناطق
أهمية لتنظيم داعش، الذي يطلق على نفسه بتلك البقعة اسم ولاية خراسان، فتعاظم نفوذه
هناك يعني تهديدًا لتنظيم القاعدة، ومنافسة مباشره له في معقله الأساسي، كما أنه
يأتي في إطار الهدف الداعشي بالتفرد بساحة التطرف الدولي.
وحول هذه الأطروحة، يقول الباحث في ملف
الجماعات المتطرفة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل
البحيري: إن داعش ينافس القاعدة بقوة في
منطقة تمركزها الرئيسية، مشيرًا إلى أن التنظيم استطاع خلال الفترة الأخيرة التقدم
على منافسه بولاية خراسان المزعومة، وكسب قوة على الأرض، وهو ما يظهر في الهجمات
المتتالية للتنظيم، فضلا عن الانتشار الموسع.
فيما لفت البحيري في تصريح سابق لـ«المرجع»، إلى أن تنظيم القاعدة أصابه التراجع الشديد خلال الفترة الماضية، وأن داعش بتوسعاته
المختلفة سيستطيع الاستحواذ على بعض العناصر المهمة في القاعدة خلال المرحلة
المقبلة، مضيفًا بأن خطاب زعيم التنظيم أيمن الظواهري حول استمرارية القوة
القاعدية ما هو إلا محاولة يائسة للترويج الإعلامي للتنظيم المتدهور.
المزيد.. خريطة أفغانستان.. مستقبل مجهول وعلاقات مشبوهة بين كابل والمتطرفين





