«حقيقة التنظيم الخاص».. كتاب التناقضات بقلم قيادي إخواني
وثائق السيارة الجيب
ودلّل على ذلك بالكتيب الذي كتبه «البنّا»، ونشر عام 1948، بعنوان: «مشكلتنا الاقتصادية والدستورية» جاء فيه: «من ظنّ أن الإسلام لا يعرض للسياسة، وأن السياسة ليست من مباحثه فقد ظلم نفسه، وليس صحيحًا فصل الدين عن السياسة، والجماعة لا تناهض نظام الحكم في مصر آنذاك، وتراه متفقًا مع مبادئ الإسلام». وفي ختام كتابه قال إن محاولة اغتيال إبراهيم عبدالهادي (رئيس وزراء مصر من 1948 حتى 1949) تمت لأنه كان قائدًا لحكومة تحارب الإسلام!
ويعود مجددًا لوثائق السيارة الجيب بسيناريو آخر، فبعدما تطرق إلى مراحل انضمام العضو إلى النظام الخاص، أشار إلى أن الجماعة كانت ترسم خططًا وهمية لتدمير منشآت وتضعها بحوزة العضو الجديد كاختبار عن مدى التزامه بالسرية وتنفيذ الأمر مهما كان، إضافة إلى اختبار قوة تحمله في حال تم القبض عليه.
وبهذه الرواية يكذّب روايته السابقة التي تقضي بأن الوثائق كانت لعمليات لم تنفذ، وتتحول إلى أنها لم تكن مكتوبة بغرض التنفيذ ولكنها في سياق الاختبارات التي يمر بها أعضاء التنظيم الخاص الجدد، متجاهلًا أن من بينها ما كان بالفعل قد حدث.
الكاتب تطرق إلى ظروف تكوين النظام الخاص، والتي لخصها في مقاومة الاحتلال والإسهام في تحرير فلسطين، ثم أوضح أن قانون التكوين كُتب بخط يده هو و«السندي» وآخرين، ومن بين نصوص القانون قال إن من يفشي سر التنظيم، سواء بقصد أو دون قصد، يتم إعدامه على الفور.
وفي هذا الصدد وقع «الصبّاغ» في مخالفة فقهية، وهي عدم التفرقة الشرعية؛ فالشريعة والقانون يفرقان بين من يرتكب جرمًا متعمدًا أو بحسن نية، وتتفاوت العقوبات طبقًا لذلك، ولكنه وحّد العقوبة دون النظر للجانب الشرعي.
ويقسّم «الصباغ» الجهاد إلى نوعين: أولهما، القتال في سبيل الله ضد الصهاينة، والثاني، قتال أعداء الله، والأخير هذا يبرر به حملة الاغتيالات السياسية التي نفذها التنظيم الخاص والإخوان، مفرقًا بين ما تم بدوافع وطنية، ودوافع دينية، فقال: «التزم الإخوان بعدم القيام بأي عمل فدائي ضد إنسان مسلم، إلا الذين أعلنوا الحرب على الإسلام، ولذلك فإنهم قضوا عليهم من أقصر الطرق وهي الاغتيال».
أما عن اغتيال أحمد الخازندار (قاضٍ مصري قتله بعض أعضاء النظام الخاص 1948)، فيصفه بأنه إساءة للإخوان، وأن بعض الأفراد استحلوا لأنفسهم القيام بهذه الجريمة، رغم تورط «السندي» رئيس التنظيم الخاص في الحادث هو واثنين من أعوانه.
لكن «الصبّاغ» يقول إن الجماعة بريئة من هذا الحادث؛ لأن القيادة «حسن البنّا» لم يكن على علم، وهو تصرف فردي من السندي ومحمود سعيد زينهم، وحسن عبدالحافظ القيادي بالتنظيم، الذي قال عنه: «كان يعشق أن يؤدب حكام مصر المنحرفين، وانضم للتنظيم لرغبته في أن ينال شرف قطع رؤوسهم».
وفي ختام الكتاب؛ أورد حديثًا متقطعًا عن قضية الأوكار، وهي الشقق التي كان يستأجرها الإخوان المتطوعون العائدون من حرب فلسطين، وكانوا يشتبكون مع قوات الشرطة المكلفة بالقبض عليهم، مستخدمين الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية، التي كانوا يصنعونها في ورش الأسلحة ببعض الفيلات، مجيزًا قتال رجال الشرطة باعتبارهم أعداء الله.
وأظهر الكتاب آلية التفكير والطبيعة النفسية للفرد المنتمي للإخوان عامة وللتنظيم خاصة، ويوضح ضحالة المعرفة الإسلامية مع الحماسة الشديدة للدفاع عن الدين، التي أدت لارتكاب عمليات قتل واغتيال وتخريب تحت مُسمى محاربة الحكام الخونة الكفار، مع التبرير ومحاولة فرض وجهة النظر، وتفخيم كل ما يقوم به الإخوان، وترفعهم عن الحساب أو مراجعة أفعالهم.





