يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

بين المقدمات والنتائج.. قراءة في اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بليبيا

الإثنين 26/أكتوبر/2020 - 01:55 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

شهد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، الذي توصل إليه وفدا حكومة الوفاق والقيادة العامة في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في جنيف، ترحيبًا دوليًّا من كل الجهات المعنية بالملف الليبي، لما يمثله من تهيئة الأجواء لحل سياسي شامل وعادل لا يقصي أي طرف ويسعى لتأسيس مصالحة وطنية شاملة طال انتظارها.


الأمين العام للأمم
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش

ترحيب دولي


وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أنّ الاتفاق، خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار في ليبيا. وقال، في مؤتمر صحفي في مقرّ المنظمة الدولية في نيويورك، «أهنئ الفرقاء لتغليبهم مصلحة أمتهم على خلافاتهم».


كما رحب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، اليوم 23 أكتوبر 2020، باتفاق وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا الذي توصل إليه المسؤولون الليبيون في المحادثات الجارية في جنيف، اليوم.


وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أن النجاح الذي تحقق اليوم جاء استكمالًا لأول اجتماع مباشر استضافته مصر في الغردقة نهاية سبتمبر الماضي، كما ثمّن اتفاق العسكريين الليبيين اليوم على الحفاظ على الهدوء في الخطوط الأمامية، وتجنب التصعيد، ودعا الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الاسهام في الجهد الحالي، وضمان عدم التصعيد.


وعبر حافظ عن تطلع مصر إلى مواصلة الجهود ذات الصلة بالمسار السياسي ودعم جهود المبعوثة الأممية إلى ليبيا لتحقيق الهدف الرئيسي؛ وهو ضمان استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد.


وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، اليوم الجمعة، عن ترحيب الاتحاد باتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعه طرفا الصراع الليبي في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بجنيف اليوم.


بين المقدمات والنتائج..

خلفية الاتفاق


ترجع أهمية القرار إلى انعكاساتها على مستقبل البلاد، وإمكانية استثماره من الناحية السياسية والإستراتيجية، خاصة أنه جاء بعد اجتماعات عسكرية احتضنتها مدينة الغردقة المصرية بين 28 و29 سبتمبر الماضي والتي ضمت وفدين من الجيش والشرطة يمثلان حكومة الوفاق والقوات المسلحة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة أيضا، ويعتبر الاتفاق خطوة مهمة نحو إنجاح ما تم الاتفاق عليه في هذه الاجتماعات.


ولم تكن اجتماعات الغردقة فقط هي التي مهدت للوصول لاتفق جنيف بل سبقها أيضًا خطوة مهمة تمثلت في إعلان القاهرة برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في السادس من يونيه 2020، بحضور رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي.


ثم تبع اجتماعات الغردقة استضافة مصر لاجتماعات المسار الدستوري يومي 11 و12 أكتوبر 2020، و أسفرت عن طرح العديد من المناقشات والبدائل التي تحقق السلام والاستقرار في الأراضي الليبية.


وتعد هذه الخطوات خريطة طريقة لما يمكن أن يكون عليه مستقبل النزاع في البلاد، وبلور صورة من إمكانية تحقيق مبادرات طيبة نحو وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، ونزع السلاح من الجماعات المسلحة، ووقف سيل تدفق المرتزقة، خاصة المدعومين من الجانب التركي. وكذلك وقف عناصر الجماعات الإرهابية عابرة الحدود .


بنود الاتفاق


تضمن اتفاق وقف إطلاق النار المستدام في ليبيا، بين الجيش الليبي والجيش الوطني الليبي التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة 12 بندًا،  بوساطة الأمم المتحدة، المدعومة من الدول المشاركة في مؤتمر برلين الذي عقد بتاريخ 19 يناير 2020:


أولًا: المبادئ العامة:


1. التأكيد على وحدة الأراضي الليبية وحماية حدودها برًا وبحرًا وجوًا.


2. الامتناع عن رهن القرار الوطني ومقدرات البلاد لأية قوة خارجية.


3. مكافحة الإرهاب سياسة وطنية مشتركة تساهم فيها كل مؤسسات الدولة السياسية والأمنية.


4. ضرورة احترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني.


5. بنود الاتفاق تشمل كامل التراب الليبي برًا وبحرًا وجوًا.


ثانيًا بنود الاتفاق:


1- اتفقت اللجنة العسكرية على الوقف الفوري لإطلاق النار، ويسري ذلك من لحظة توقيع هذا الاتفاق.


2- إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العكسرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برًا وبحرًا وجوًا في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار، وتجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج أطقم التدريب إلى حين تسلم الحكومة الجديدة الموحدة لأعمالها، وتكلف الغرفة الأمنية المشكلة بموجب الاتفاق باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة تكفل تأمين المناطق التي تم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة.


3- تشكيل قوة عسكرية محدودة العدد من العسكريين النظاميين تحت غرفة يتم تشكيلها من قبل اللجنة تعمل كقوة تساهم في الحد من الخروقات المتوقع حدوثها، على أن توفر الموارد اللازمة لتشغيلها من كل الأطراف والجهات.


4- تبدأ فورًا عملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة بجميع مسمياتها على كامل التراب الليبي، سواء التي تضمها الدولة أو التي لم يتم ضمها، وإعادة دمج أفرادها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة.


5- إيقاف التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية المتفشي حاليًا من قبل مجموع من قنوات البث المرئي والمسموع والمواقع الإلكترونية.


6- فتح الطرق والمعابر البرية على كامل التراب الليبي، على أن تتتخذ الإجراءات العاجلة بفتح وتأمين الطرق التالية: الطريق الساحلي بنغازي - سرت - مصراتة - طرابلس، مصراتة - أبو قرين - الجفرة - سبها - غات، غريان - الشويرف - سبها - مرزق.


7- تكليف آمر حرس المنشآت النفطية في المنطقة الغربية وآمر حرس المنشآت النفطية في المنطقة الشرقية ومندوب المؤسسة الوطنية للنفط بالتواصل، وتقديم مقترح حول إعادة هيكلة وتنظيم جهاز حرس المنشآت، بما يكفل استمرار تدفق النفط وعدم العبث به، ورفع المقترح إلى اللجنة العسكرية.


8- إيقاف القبض على الهوية أو الانتماء السياسي، واقتصار الملاحقة والقبض على المطلوبين جنائيًّا.


9- اتخاذ التدابير العاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية أو القبض على الهوية.


10- في ظل الأجواء الإيجابية السائدة، وعوامل الثقة التامة، ستقوم اللجنة العسكرية بالاشتراك مع فريق البعثة بإعداد آلية لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق.


11- لا يسري وقف إطلاق النار على المجموعات الإرهابية المصنفة من قبل الأمم المتحدة على كل الأراضي الليبية.


12- توصي اللجنة «5+5» وتحث البعثة على إحالة اتفاق وقف إطلاق النار الموقع إلى مجلس الأمن الدولي؛ لإصدار قرار لإلزام كل الأطراف الداخلية والخارجية.


بين المقدمات والنتائج..
الموقف التركي

ورغم الترحيب والتفاؤل الدولي بالاتفاق فإن الموقف التركي جاء معاكسًا ومغايرًا تمامًا لهذه الجهود مما ينذر بمستقبل غير واضح لتنفيذ هذه البنود على الأرض.

وعلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه، خلال مؤتمر صحفي عقده بعد صلاة الجمعة 23 أكتوبر 2020 في أحد مساجد إسطنبول، واعتبر أردوغان الاتفاق ضعيف المصداقية، ورأى أن الأيام المقبلة ستظهر مدى قدرته على الصمود.

يأتي الموقف التركي من وقف إطلاق النار المستدام في الأراضي الليبية نظرًا لأن المادة  الثانية من الاتفاق تنص على خروج جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا، خلال مدة لا تتجاوز التسعين يومًا، وهو ما يعني فقدان تركيا واحدة من اهم أدواتها في ليبيا، متمثلة في المرتزقة الأجانب.

 

 
"