«مونتيرة داعش».. سقوط «ماكينة إعلام» التنظيم الإرهابي بالعراق
اعتاد تنظيم «داعش» الإرهابي توظيف النساء في مهاجمة أعدائه، مستغلًّا
قدرتهن على التخفي، فضلًا عن تراجع مستويات الريبة والشك بهن مقابل الرجال، وبرز
هذا بشكل واضح أثناء محاولة القوات الأمنية العراقية استعادة الجزء القديم من
مدينة الموصل (عاصمة التنظيم في العراق)؛ إذ ذكرت تقارير أن التنظيم استخدم
الانتحاريات لإعاقة تقدم القوات.
وتجدد الحديث عن أدوار النساء داخل التنظيم، بنبأ القبض على ما تُعرف بـ«مونتيرة داعش»، أو المرأة المسؤولة عن عمليات مونتاج المواد المصورة، إذ ألقت القوات الأمنية العراقية، الخميس 8 أكتوبر 2020، القبض على المسؤولة عن إعلام التنظيم خلال عملية استخباراتية في محافظة كربلاء.
وبحسب بيان للاستخبارات العراقية، فإن عملية الاعتقال تمت من قبل وكالة الاستخبارات الاتحادية، وفق أحكام المادة 4 إرهاب، لانتماء الملقى القبض عليها لتنظيم «داعش»، بصفة إعلامية تدير شبكات إلكترونية تستقطب النساء والفتية من الرجال على منصات التواصل الاجتماعي لغرض انحدارهم ضمن صفوف عصابات إرهابية.
وتابع البيان: «ماكينة داعش الإعلامية تقوم بـ«مُونتاج للعمليات الإرهابية» التي تنفذ من قبل المجموعات الإرهابية وبثها على الصفحات الإلكترونية التي تدار من قبلها، واعترفت خلال التحقيقات الأولية معها بانتمائهما لتلك العصابات الإجرامية، وتم تجنيدها ضمن صفوف التنظيم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما برز دورها في قيادة حملات إعلامية مزيفة بشن هجمات على القوات الأمنية، واستهداف المواطنين».
بحسب دراسة بعنوان بعنوان «أنماط وعلامات التطرف النسائي داخل التنظيمات الإرهابية ذات التوجه الجهادي»، أعدها الخبيران الإسبانيان ديفيد كاريجا، المختص في علم الجريمة رئيس «مركز تحليل المعلومات والأمن الجماعي» عضو «وحدة رعاية ضحايا التطرف العنيف»، وأريانا تريسباديرني، الباحثة في علم الجريمة والناشطة في قضايا الإدماج الاجتماعي، فإن المرحلة العلمية الأنسب إلى الجماعات الإرهابية لاستقطاب النساء من عمر 15 لـ25، وهن في غالبيتهن غير متزوجات ودون أولاد.
واعتبرت الدراسة أن ظاهرة وجود النساء في التنظيمات الجهادية تعود أساسًا إلى التحول في الاستراتيجية التي صار يتّبعها تنظيم «داعش»، بعد فقدان المناطق التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا؛ إذ أصبح هناك تركيز أكبر على دور المرأة، التي قد تكون أمًّا أو زوجة لأحد الجهاديين المنتمين إلى التنظيم.
وقد أدى هذا التحول في استراتيجية التنظيم إلى تحول في موقع المرأة بداخله؛ إذ لم يعد هذا الموقع «سلبيًا» يتجسد في مجرد القرابة البيولوجية بينها وبين جهاديي داعش، بل انتقل إلى موقع «فاعل» يتجسّد في الانخراط المباشر في الوظيفة الإرهابية، من خلال التجنيد والتكوين والتحريض، وأن التنظيم يرفع شعار «من دون نساء لا يوجد مجاهدون»؛ ما يعني أهمية المرأة داخل التنظيم في إعادة إنتاج جيل مقاتل جديد، مؤكدًا أنّ لجوء التنظيم إلى تجنيد النساء في صفوفه راجع إلى كونه يسعى إلى ضمان نجاح أكبر لعملياته الإرهابية.
وكشفت الدراسة أن هناك تحولات أيضًا على مستوى الخطاب الجهادي المستعمل من طرف التنظيم لجلب الفتيات والنساء الأوروبيات؛ ففي الماضي كان التركيز يتمّ على تحريك العواطف النفسية عبر إيقاع الفتيات على غرام أحد الجهاديين، ما يدفعهنّ إلى الانتقال إلى المناطق.





