التفاصيل الكاملة لقضية هودوتي.. كوسوفو تحبط مخطط إيران لاختراقها
الثلاثاء 06/أكتوبر/2020 - 11:45 ص
نهلة عبدالمنعم
تجتهد إيران لإيجاد موطئ قدم لها في القارة العجوز، وبالأخص في دول البلقان، لما لها من تاريخ شائك تشوبه الصراعات السياسية والطائفية التي استثمرت طهران فيها، لتوسيع نفوذها الأيديولوجي، وفي المقابل تحاول كوسوفو التحرر من نتائج المد الإيراني على أرضها.
النيابة تتهم
في 1 أكتوبر 2020 أعلنت النيابة الخاصة بكوسوفو تحويل بعض المواطنين للمحاكمة، بتهمة دعم النظام الإيراني، والدعوة لارتكاب أعمال إرهابية لصالحه بالبلاد، بعد أن كتبت تلك المجموعة على صفحات التواصل الاجتماعي، مطالبة بالانتقام من قتل الولايات المتحدة الأمريكية لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مطلع يناير 2020.
واتهمت النيابة مواطنة تُدعى بريشا هودوتي بمطالبة الجالية الإيرانية والشيعية بالاحتشاد في الشوارع؛ للتنديد بالهجوم الأمريكي الذي وقع عبر طائرة بدون طيار استهدفت سيارة سليماني ببغداد.
وأشارت السلطات المسؤولة بالبلاد إلى أن المتهمة الرئيسية بالقضية هودوتي معروفة لدى الجهات الأمنية، إذ سبق التحقيق معها في 2015 عندما داهمت الشرطة منظمات مجتمعية تدعمها إيران ماليًّا وأيديولوجيًّا، وكان ذلك ضمن حملة شنتها الدولة لمكافحة التطرف الديني، وتضيف السلطات بأن هودوتي تمثل المحاولات الإيرانية لاستمالة بعض المواطنين كتابعين لها بالداخل.
كوسوفو تقاوم
تداركت كوسوفو مؤخرًا اتساع رقعة النفوذ الإيراني على أرضها، إذ لم تكن الواقعة الأخيرة إلا تصاعدًا جديدًا في الجدال الدائر بالبلاد حول مساعي الحكومة لتقويض طهران، ففي يوليو 2019 أعلن رئيس كوسوفو، هاشم تاتشي إقرار بلاده للائحة الإرهاب المعتمدة من الاتحاد الأوروبي، بما تشمله من أفراد ومؤسسات، وأهمها حزب الله.
ما اعتبر تطور في العلاقات بين الطرفين، فدولة كوسوفو كانت مدخل إيران لمنطقة البلقان إبان فترة التسعينيات التي شهدت حروب الانفصال عن يوغوسلافيا الاتحادية، وما شهدته تلك الحرب من محاولات لإصباغ المعارك السياسية بصبغة دينية، لتسهيل نقل المسلحين إلى البلاد.
طهران تخترق كوسوفو
وفي مثل هذه الأجواء نشطت طهران عبر رعاية مخيمات لتدريب المتطرفين ممن أرسلتهم من أفغانستان وغيرها من المناطق المشتعلة لقيادة حروب على جبهات أخرى، وبالتالي خلقت بسهولة بيئة خصبة لنمو التيارات المتشددة التي عرقلت اندماج الدولة في منطقة اليورو لتهاوي اقتصادها.
وبعد تمكن الدولة من الانفصال، وتحقيق الاستقلال في 2008، دأبت إيران على احتضان طائفة الشيعة بداخل كوسوفو لاستمالتهم لتحقيق مصالحها، مضيفة مراكز ثقافية، إذ أسست في 2002 مؤسسة القرآن، ومن ثم حرصت على دعم المراكز الشيعية هناك بمحاضرين وأساتذة درسوا في حوذاتها، فضلًا عن رعايتها لمؤسسة ابن سينا الناشطة في مجال الأبحاث الأدبية الفارسية، ومنظمة بريجو، وأهل البيت، ونيسا، وقرآني، وجميعها شملتها حملات مداهمة لمحاصرة النفوذ الملالي بالبلاد.
وعن المتهمة الأخيرة بريشيا، فنشرت Kosovo express في يوليو 2016 أن بعض منظمات الشيعة في البلاد تعود إداراتها لعناصر ذات صلة بالسلطة السياسية في إيران، وعلى رأس هذه العناصر السيدة بريشا، التي اضطرت السلطات مؤخرًا إلى محاكمتها لما تسببه من إرباك للأمن القومي للبلاد، وللتحريض على الانتقام من المصالح الأمريكية؛ بسبب مقتل قاسم سليماني، وتشير التقارير الأمنية الواردة عن السلطت أن بريشيا لديها العديد من اللقاءات مع الرئيس السابق لإيران أحمدي نجاد.
مآلات تطور العلاقات
إن التطورات الأخيرة الخاصة بمحاكمة بريشيا وما سبق ذلك من إجراءات كاعتماد حزب الله إرهابيًّا، أو على الأقل وفقًا لما تقره لوائح الاتحاد الأوروبي من أبعاد قانونية، فإن ذلك يأتي في إطار إرادة سياسية للسلطة الحالية، بالتحرر من التبعية للنظام الإيراني، والانفلات من قبضته على المؤسسات البحثية والدينية، في سبيل محاولة الانضمام للاتحاد الأوروبي، أو السير وفقًا لاتجاهاته.
وفي هذا الإطار، أشار مدير المركز الأوروبي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، جاسم محمد في تصريح سابق لـ«المرجع» إلى أن إيران تسعى عبر أذرعها التجسسية والثقافية للتوغل في المجتمعات الأوروبية، محدثة خطرًا واسعًا على القيم الأوروبية الداعية إلى الديمقراطية والتعددية السياسية وليس الحكم المتشدد طائفيًا.
وأضاف أن السلطات الأوروبية تنشط لإيقاف شبكات التجسس، والأمن السيبراني، العاملة لصالح إيران؛ لإضعاف نفوذها.





