بزعم الاستقلال الإلكتروني.. إيران تسعى لتدشين إنترنت محلي يعمق عزلتها الدولية
يكثف نواب البرلمان الإيراني خلال الفترة الحالية كافة جهودهم من أجل تدشين شبكة إنترنت محلية، تكون مستقلة عن الإنترنت العالمي؛ بهدف استقلال إيران إلكترونيًّا عن العالم الخارجي، ولذلك قدم بعض النواب الذي يحظي بأغلبية من المتشددين، مشروع قرار إلى رئيس البرلمان الإيراني «محمد باقر قالبياف» في 26 أغسطس 2020؛ يهدف إلى حجب مواقع التواصل الاجتماعي العالمية كـ(فيسبوك، تويتر، انستجرام، وغيرها) واستبدالها بأخرى محلية.
إنترنت محلي
ونص مشروع القرار الذي وقع عليه 40 نائبًا إيرانيًّا، على تشكيل هيئة لتنظيم ومراقبة محتوى تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية والمحلية، وتضم هذه الهيئة، رئيس المجلس السيبراني بإيران، وممثلين من بعض الوزارات الإيرانية، كالاتصالات والثقافة والمخابرات، إضافة إلى النائب العام ومندوبين عن اللجنة الثقافية بالبرلمان، فضلًا عن وجود هيئة الإذاعة والتلفزيون واستخبارات الحرس الثوري، ومنظمة الدعاية والشرطة والدفاع المدني، وفقًا لموقع «ردايو فردا» الإيراني.
وما يدل على أن برلمان المحافظين المتشدد يسعى لعزل الإيرانيين عن العالم الخارجي، والسيطرة عليهم، وعلى حريتهم، ولعدم كشف جرائم الملالي أمام العالم الخارجي، فإن النواب وضعوا نصًّا في مشروع القرار المقترح، يقضي بفرض غرامات وعقوبات بالسجن على كل من يتحايل على الدولة، ويستخدم مواقع التواصل العالمية من خلال شبكات الـ VPN، وأية أدوات أخرى للتحايل على الإنترنت.
إلا أن من يسعى لاستخدام هذه المواقع مضطرًا عليه الحصول على ترخيص رسمي لاستخدامها، وإذ قام بغير ذلك، فإنه يعرض نفسه للسجن بين ستة أشهر وعامين، وغرامة تتراوح بين 8 ملايين وثمانين مليون ريال إيراني (حوالي 475 إلى 1900 دولار أمريكي).
الحرس الثوري
ولم يكتف النواب المتشددون بذلك، في 29 أغسطس 2020، قدمت مجموعة من النواب اقتراحًا آخر تحت مسمى خطة «لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي»، وهذه الخطة في حال الموافقة عليها من قبل باقي أعضاء البرلمان، فإن إدارة الإنترنت في إيران ستسلم بالكامل إلى الحرس الثوري، وبمشاركة ممثلين عن جهات مختلفة، بما في ذلك منظمة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، ومنظمة الدفاع المدني، والادعاء العام، وفقًا لموقع «إيران انترناشونال».
وحول ذلك، أشار النائب الإيراني «نصر الله بجمانفر»، أحد مخططي المشروع، إلى أنه نقل إدارة الإنترنت إلى القوات المسلحة، لا يختلف عن إدارته للحدود الإيرانية، قائلًا لا فرق بين الحدود البرية والحدود الافتراضية، هذا الأمر عارضه «محمد جواد آذري جهرمي»، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي أعلن رفضه لنقل إدارة الإنترنت الدولي إلى القوات المسلحة.
الدوافع والتداعيات
وحول تأثير هذا المشروع على الإيرانيين ودوافعه وتداعياته، أوضح «مسعود إبراهيم حسن» الأكاديمي المتخصص في الشأن الإيراني بجامعة كفر الشيخ المصرية، أن فكرة إنشاء شبكة إنترنت محلي في إيران ليست بجديدة، حيث بدأ المشروع منذ عام ٢٠١٠، وكان من المقرر انتهاؤه وفقًا للخطة الموضوعة في ٢٠١٥، ولكن انتهت فقط المرحلة الأولى بسبب الظروف والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إيران.
ولفت «مسعود» في تصريح لـ«المرجع»، أن إيران تفرض في الواقع قيودًا شديدة على مستخدمي الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، ما اضطر الإيرانيين إلى استخدام شبكات وسيطة لاستخدام هذه المنصات، ونظرًا للدور الذي لعبته هذه المواقع خاصة التليجرام في التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال السنوات الماضية، والتي وصلت إلى حد رفع شعارات إسقاط نظام المرشد، دفع النظام إلى السعي للسيطرة على شبكات الإنترنت داخل الدولة، بعدما صارت المحرض الرئيس لنزول الشعب الإيراني إلى الشارع، بعدما رفعت على هذه المواقع صور جرائم الحرس الثوري وقوات الباسيج ضد المتظاهرين السلميين.
وأضاف أن الحرس الثوري أحكم قبضته على شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لمنع تكرار هذا الأمر، وجاءت فكرة إنشاء شبكة الإنترنت المحلية بفرصة السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي ومراقبة الشعب الإيراني، وذات الهدف بالنسبة لوضع إدارة الإنترنت تحت إدارة القوات المسلحة، وخاصة قطاع الحرس الثوري، وهو المراقبة والسيطرة على الشارع، وهو فكر كل الأنظمة الديكتاتورية.
وأعلن «مسعود» أن مثل هذا الإجراء سيزيد من عزلة إيران أكثر، التي تعاني في الأساس من عزلة اقتصادية أثرت على القطاع الاقتصادي للدولة، وأحدثت توترات سياسية في الشارع الإيراني.





