ad a b
ad ad ad

عسكرة المياه وتعطيش الأكراد.. لعبة أردوغان المنافية للإنسانية في الحسكة

الأحد 23/أغسطس/2020 - 03:14 م
المرجع
شيماء يحيى
طباعة

شكّلت مشكلة انقطاع المياه أزمة كبيرة في وجه المدنيين بمنطقة الحسكة بالشمال السوري، فقد أقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على «عسكرة المياه» في تلك المنطقة التي غلبت نسبة الأكراد بها، منتهجة نهج تنظيم «داعش» بسوريا والعراق، وقت غلقه فتحات سدين على نهر الفرات عندما فرض سيطرته على تلك المناطق؛ ما أدى إلى غرق الأراضي خلف السد، وتقليل مستويات المياه في محافظات جنوب العراق التي يمر بها نهر الفرات، فكلاهما استغل المياه كسلاح في وجه المدنيين.


للمرة الثامنة منذ سيطرة القوات التركية والفصائل الإرهابية التابعة لها، أوقفت مؤخرًا، تشغيل محطة آبار علوك بريف سري كانيه رأس العين، دون إبداء أسباب؛ أدى لانقطاع المياه بشكل كامل عن مدينة الحسكة وريفها، بعد أيام من تخفيض القوات التركية لكميات المياه الواصلة إلى خزانات محطة الحمة بريف الحسكة، وتشغيلهم لمضختين أفقيتين فقط من أصل 8 مضخات تعمل في محطة علوك.

عسكرة المياه وتعطيش

سلاح المياه

لجأت تركيا لسياسة التعطيش والتشريد في المناطق التي يسكنها الأكراد المستوطنون في منطقة جنوب شرق البلاد، التي تنشط فيها الحركات المعادية، المنادية بالاستقلال عن بلاد الأناضول، وقد عانى أكثر من 460 ألف مواطن من ساكني منطقة الحسكة السورية، إضافةً إلى ثلاث مخيمات للنازحين في المنطقة، في محاولة منها لخلق نوع من التمرد الشعبي داخل المناطق الكردية على وحدات حماية الشعب.


وحاولت تركيا السيطرة على مدينة الحسكة الواقعة جنوب طريق «M4»؛ بهدف إقامة منطقة آمنة، فمحاولة قطع المياه تهدف لإيقاف الحياة، فحياة المصانع والقطاع الخاص لاسيما القطاع الزراعي، قائمٌ في الأساس على المياه؛ ما سيؤدي إلى إحداث ضرر كبير، وإثارة حالة من التمرد وغضب الأهالي تجاه وحدات حماية الشعب، بسبب تدهور الأوضاع، ووقف حال المواطنين.


وقد أحدثت تركيا الكثير من الدمار في تلك المنطقة، فقد قامت بقصف محطة تصفية مياه الشرب في محيط بلدة شران شمال شرقي مركز مدينة عفرين، فضلًا عن قصف سد «ميدانكي» ثلاث مرات متتالية، وإلحاق أضرار كبيرة به، قبل سيطرتها عليه، وهو يبعد من عفرين مسافة 12 كيلومترًا، ويعمل السد على حجز الفيضانات الناتجة عن هطول الأمطار، وتجمع المياه، ويؤمن أكثر من 15 مليون متر مكعب من المياه سنويًّا، تستفيد منه مدينة عفرين وقراها وبلدة أعزاز.


وقد قام الجيش التركي سابقًا بتحويل مجرى مياه الشرب من مدينة عفرين إلى مناطق مدينة أعزاز، بعد أن فرض سيطرته على محطة التعقيم وضخ المياه في قرية «ماتينا»، وضخت حصة عفرين من المياه إلى أعزاز وريفها، وقطع الضخ عن مدينة عفرين وريفها بشكل كامل، وكانت الطائرات التركية قد قصفتها بقذائف عدة أثناء الحرب على مدينة عفرين قبل أن تسيطر عليها.


ولطالما رفض الأكراد مشروعات السدود التركية التي تتسبب في تهجيرهم من أراضيهم، وتشتيتهم في أنحاء متفرقة في البلاد، تضمنت سد إليسو، ثاني سد تقوم تركيا بتشييده، بعد سد أتاتورك الذي تم البدء فيه عام 1983 على نهر الفرات، ليكتمل بناؤه عام 1992، وتشرع تركيا في بناء سدود أخرى، كسد بيره جك، وسد قرقاميش.


وللمزيد.. بإغراءات العمل في قطر.. «أردوغان» يبيع «الوهم» للمرتزقة

عسكرة المياه وتعطيش

الموت أو الرحيل

قد عانى الكثير من المواطنين في منطقة الحسكة من أزمة قطع المياه، خاصةً في ظل صراع الدول في مواجهة وباء فيروس كورونا، والحر المميت، ومع تردي ظروف المعيشة التي يواجهها المدنيون، يزداد على عاتقهم العطش، وأثناء انغماسهم في البحث عن السلع الأساسية الشحيحة جراء الحصار الخانق والحرب الدائرة في سوريا من قبل الميليشيات التركمانية الموالية للجيش التركي، كانت للأطفال مهمة استثنائية أضيفت إلى جداول يومياتهم، فعليهم ملاحقة الصهاريج في الشوارع للحصول على مياه صالحة للشرب لهم ولذويهم.


وأصبح مشهد الأطفال أثناء ملاحقتهم صهاريج المياه في شوارع مدينة الحسكة السورية أمرًا اعتياديًّا، فهم يعانون من قطع المياه بشكل يومي تقريبًا؛ إذ يصحب انقطاع المياه الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تصل إلى 18 ساعة يوميًّا؛ ما أدى لاحتدام المشهد على الجانب الإنساني.


وقد تبادلت القوات الكردية والتركمانية، الاتهامات عن هذه الأزمة الإنسانية بحجة عدم تنفيذ أحد الأطراف بنود الاتفاق بينهما، الذي تم منذ فترة برعاية روسية، في ظل مساعٍ حكومية سورية وروسية لإيجاد حلول بديلة وإسعافية لتوفير المياه في ظل المخاوف من انتشار فيروس كورونا.

عسكرة المياه وتعطيش

دعوات أممية

وقد أجرى ممثل الأمم المتحدة المقيم في دمشق اتصالات مع مقر الأمم، ومنها مع الجانب التركي مؤخرًا، لإيجاد حلول سريعة وفورية لتحييد محطة علوك عن الظروف العسكرية والأمنية، باعتبارها المصدر الوحيد لمياه الشرب لمليون مواطن سوري في المحافظة، وفقًا لوكالة «سبوتنيك».


وخلال لقاء بين ممثلي المنظمات الدولية مع محافظ الحسكة، لبحث حلول مشكلة انقطاع المياه من محطة مشروع أبار علوك بريف رأس العين؛ إذ تم الاتفاق على ضرورة تحييد المحطة بشكل فوري، والعمل على إيجاد حلول إسعافية لسكان مدينة الحسكة لتزويدهم بالمياه، من خلال زيادة عدد الصهاريج وكميات المياه، مع التركيز على إنجاز تأهيل مشروع جر مياه نهر الفرات من محطة الصور عبر الشدادي وثم إلى الحسكة ليكون مساندًا لخط مياه علوك.


وفي مارس 2020، حذر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، من أن قطع المياه المغذية لمدن شمال شرقي سوريا يعرض حياة نحو نصف مليون شخص للخطر، لاسيما في الوقت الذي يبذل العالم جهودًا لمكافحة فيروس كورونا.


وللمزيد.. واشنطن تدعم قبرص في المتوسط.. وتترك القرصان التركي تائهًا بعرض البحر

"