قطر وإيران.. علاقة مريبة ومصالح متقاطعة
تلعب الجغرافيا دورًا مهمًّا في صياغة العلاقة بين كل من قطر وإيران، فتجمع البلدين حدود بحرية في مياه الخليج العربي، وتبعًا لذلك تجمعهما أيضًا علاقات اقتصادية وثيقة، مرتبطة بصناعتي النفط والغاز، فجزء كبير من الطاقة القطرية تأتي من حقل مشترك مع إيران.
في عام 1969، وخلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وقع البلدان اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية بينهما، وبعد ثورة الخميني عام 1979 دعمت الدوحة نظام الرئيس الراحل صدام حسين في العراق سياسيًّا واستخباراتيًّا
وماليًّا خلال حربه مع إيران التي امتدت من عام 1980 وحتى 1988.
وبعد انتهاء الحرب طالبت طهران في عام 1989، بثلث خزان الغاز في الحقل الشمالي لقطر، قائلة إنه يقع تحت المياه الإيرانية، ثم تم الاتفاق على استغلال الحقل بصورة مشتركة.
تعاون في قطاع النقل البحري
تعاون إيران وقطر في قطاع النقل البحري، بل وصل الأمر في عام 1991م بأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الدعوة للمشاركة الإيرانية في الترتيبات الأمنية في منطقة الخليج، وهو الاقتراح الذي قوبل بصدود ورفض تام من دول الخليج العربي الأخرى، خاصة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين.
وفي عام 1992 حاولت الدوحة التوصل لاتفاق مع طهران لمدها بالمياه بأنابيب النفط من خلال نهر كارون في إيران، لكن نتيجة المقاومة المحلية في إيران، تم التراجع عن هذا الأمر.
نتيجة لهذه العلاقة المريبة تورط القطريون في علاقات مع الميليشيات التابعة لطهران في المنطقة، فبعد ظهور الميليشيات الحوثية في اليمن قادت الدوحة في 2007 أول وساطة رسمية بينهم وبين الدولة، وتحولت من حركة محصورة في أقاصي الجبال في صعدة إلى حركة سياسية إقليمية، ووضعت نفسها في موقف الند للند مع الدولة.
وتوالت الصدامات بعد ذلك بين الميليشيات الحوثية وبين نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، فأبرمت الدوحة صفقة ضمنت بموجبها وقف تقدم الجيش اليمني نحو منطقة مطرة الجبلية، آخر معاقل المتمردين شمال صعدة، التي كانت تأوي زعيم الحوثيين حاليًّا عبد الملك الحوثي، مقابل أن يقيم شقيقه يحيى ووالده بدر الدين وعمه عبد الكريم مؤقتًا في الدوحة، وأن تتولى الدوحة دفع التعويضات، وإعادة الإعمار.
واعتبرت قيادات الجيش اليمني حينها أن الوساطة القطرية أنقذت الحوثي من الإبادة، واتهمت صالح بالاستسلام للإغراءات القطرية التي شملت مبالغ مالية كبيرة كمساعدات مقابل إيقاف الحرب، لكن الحوثيين بمجرد إعادة ترتيب أوراقهم -بفعل التدخل القطري- أشعلوا حربًا جديدة في العام التالي، وتنصلوا من كل الاتفاقيات.
وواصلت القيادة القطرية حينها الضغط على الحكومة اليمنية لإبرام اتفاق آخر لوقف الحرب باتفاق جديد، ما لبثوا أن تنصلوا منه، ودفع أمير قطر السابق بمساعدات إلى صنعاء تقدر بنصف المليار دولار.
أيضًا تطورت العلاقات بين الدوحة وحزب الله اللبناني، فقد كشفت قناة «فوكس نيوز» الأمريكية مؤخرًا أن الدوحة مولت تسليم أسلحة إلى الميليشيا الإرهابية، معتبرةً أن هذا الأمر يعرض القوات الأمريكية في قطر -والتي يبلغ عددها حوالي 10 آلاف فرد- للخطر، إذ تستضيف قاعدة «العديد» العسكرية في قطر مقرًّا أماميًّا للقيادة المركزية، وأسراب القوات الجوية الأمريكية.





