هجوم «جلال آباد» يطرح التساؤلات حول قدرات «كابول» على مواجهة «داعش» وأخواتها
وبدأ الهجوم عن طريق سيارة محملة بالمتفجرات يقودها انتحاري، توجهت صوب البوابة الرئيسية للسجن، اتبعها إطلاق أعيرة نارية صوبتها باقي المجموعة المنفذة للعملية الإرهابية.
وقال المتحدث باسم المقاطعة، عطاء الله خوجياني، الإثنين 3 أغسطس 2020: إن الحادث أدى إلى مقتل 29 شخصًا، من بينهم مدنيون إلى جانب بعض السجناء والحراس وأفراد الأمن، فيما قالت وزارة الداخلية إن عدد المصابين يتجاوز الخمسين.
وتدفع السلطات الأفغانية بأن الهجوم كان يهدف إلى إطلاق سراح عناصر تنظيم «داعش» المحتجزين بالسجن.
وفي هذا الصدد ذكر موقع «military times» أن تنظيم «داعش» استطاع بالفعل تهريب ما لا يقل عن 400 من عناصره قبل أن تستعيد القوات الأفغانية سيطرتها على السجن.
دلالات الهجوم الأخير
يأتي الحادث في ظل الهدنة المؤقتة المعلنة بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، والتي اعتاد الطرفان إقرارها في الأعياد لمنح فرصة للمدنيين للاستمتاع بالطقوس المختلفة، وبالتالي فإن تراجع العمليات بين الطرفين لم يسمح فقط لـ«داعش» بالوجود على خلفية التهدئة العسكرية بما تشمله من انتشار واستطلاع، بل حركت الأسئلة حول القدرات الأمنية للحكومة لتولي دورها كسلطة مسؤولة عن حفظ الاستقرار في البلاد.
كما يؤشر الهجوم على عدم تراجع قوة تنظيم «داعش» المعروف في المنطقة باسم «ولاية خراسان»، وأن البند المتفق عليه بين الحكومة الأمريكية وحركة «طالبان» بشأن عدم إفساح المجال لانتشار المجموعات المتطرفة في البلاد بات مهددًا بشكل علني.
وفي السابق نشر تنظيم «القاعدة» الإرهابي إحصائية بعملياته في أفغانستان، مدعيًا تزايدها خلال النصف الأول من 2020 بحسب ما بثته مؤسسة «العماد» من تقارير منقولة عن التنظيم، ثم يأتي «داعش» حاليًّا ليعلن عن عدم تراجعه بالمنطقة أيضًا، ما يبدو معه التخلي الأمريكي عن الأهداف المعلنة بشأن الحرب في لأفغانستان مجرد «هراء سياسي».
الوضع الأفغاني الصعب
في السابق ادعت واشنطن أن تدخلها العسكري في البلاد هو بالأساس لمحاربة تنظيم «القاعدة» الذي وجه لها ضربة قوية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، إلى جانب القضاء على حركة «طالبان» المتعاونة معه.
ومع ذلك فإن اتفاق السلام الموقع في فبراير 2020 بين واشنطن وطالبان أضحت أسهمه متراجعة بشكل علني، وعن ذلك تقول أستاذة العلوم السياسية المتخصصة في الشأن الآسيوي، نورهان الشيخ في تصريح لـ«المرجع» إن الولايات المتحدة الأمريكية قصدت باتفاق السلام تنفيذ مصالحها فقط والمتمثلة في رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الوفاء بعهوده الانتخابية الخاصة بسحب القوات الأمريكية من الخارج قدر المستطاع؛ ما خلف بدوره صراعًا كبيرًا بين أجنحة الإدارة المسؤولة عن الوضع الأفغاني، وانعكس على الرؤية في الواقع.
وأكدت «الشيخ» أن واشنطن بالرغم من توقيعها لاتفاق سلام فهي لا تريد إنهاء الأوضاع المحتدمة في المنطقة؛ للاستفادة منها كسوق لتصريف السلاح، والهيمنة عن بعد على مصالح خارجية لها بالمنطقة، وإزعاج الجيران الإقليميين، مشيرة إلى أن التراجع الأمني والانتشار الإرهابي لا يعكسان وحدهما سوء الأوضاع في البلاد بعد تدخل واشنطن بها، بل أن الأوضاع ستنعكس أيضًا على المرأة وحقوقها، وبالتالي فإن عودة أنشطة «داعش» وتصاعد عمليات «القاعدة» يعكسان عدم اكتمال الإرادة السياسية لواشنطن تجاه إنهاء الأزمة في أفغانستان.
الدعاية الإعلامية
يذكر أن مرحلة ما قبل توقيع الاتفاق التاريخي بين واشنطن وطالبان اشتملت على دعاية عدة حول تصفية عناصر «داعش» وإنهاء سطوتهم في المنطقة، ففي نوفمبر 2019 دخلت الحكومة مع حركة طالبان في منافسة حول قدرة كل منهم على إخضاع التنظيم لسيطرته، والقبض على عناصره.
وفي ذات الحين الذي كانت «طالبان» تصدر فيه البيانات عن تصفية عناصر «داعش»، وإجلائهم والسطو على سلاحهم كانت الحكومة تنسب لنفسها إخضاع العناصر للاستسلام؛ ما يظهر معه الكثير من الدعاية التي شكك بها الحادث الأخير المستهدف لمنشأة من المفترض أنها تحظى بتأمين عالٍ.





