نحو الهاوية.. نظام أردوغان يتداعى في ظل صعود المعارضة التركية
«الأزمة التي تمر بها أنقرة، هي أزمة حكم وديمقراطية، والشعب التركي يعيش حقبة تبعية القضاء للقصر الرئاسي، والاقتصاد يعيش وضعًا صعبًا، وبات الاقتصاد التركي في خطر بسبب التحالف مع قطر».. بهذه الكلمات الحادة، وجّه كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي، في المؤتمر الـ37 لحزبه المعارض، الانتقادات لنظام الحكم التركي والتحولات التي شهدتها الحياة السياسية، وتحدث بلسان المعارضة بالداخل التركي، فقد أصبح هناك قناعة داخليًّا بأن ما تمر به أنقرة اليوم هو أزمة حكم وديمقراطية.
انتقادات للنظام الحاكم
شهدت شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية» تراجعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وتكاثفت الهجمات ضده، والنقد تجاه الوضع التركي بسبب سياسته، فقد مرت تركيا بأسوأ الأزمات الاقتصادية والسياسية، وقد تحدث زعيم المعارضة كمال أوغلو عن التحول النوعي بالحياة السياسية التركية، وتدمير أردوغان لاقتصاد البلاد بسبب تحالفاته.
مؤشرات للتراجع
وكانت هناك مؤشرات تنم على هذا التراجع الشعبي للحزب الحاكم، فالبرلمان التركي يضم 600 نائب، منهم 350 نائبًا من الحزب الحاكم، وتحالفه مع حزب الحركة القومية، أي أن نسبة وجود حزب العدالة والتنمية بداخل البرلمان أكثر من 50%، وعلى الرغم من ذلك، بحسب استطلاعات أجرتها مؤسسة «متروبول» للأبحاث بأنقرة، فقد حصل الحزب الحاكم على نسبة 30%، بينما حصل حزب المعارض على 24%، في مسح أجري في يونيو 2020، حول أصوات المشاركين في أي انتخابات برلمانية قادمة، فعلى مدار الـ18 عامًا الماضية استطاع أكبر أحزاب المعارضة التركية، تضييق الفجوة مع الحزب الحاكم في أصوات الناخبين إلى 6 نقاط.
وعلى الصعيد الاقتصادي بلغ حجم الديون 1.6 ترليون ليرة، إضافةً للمشكلات الخارجية، والتعامل مع سياسة دويلات أخرى مثل دولة قطر ورؤيتها للصراع في ليبيا، أو دعمها لبعض الحركات الجهادية، وتدخلها بشرائها بعض حصص المصانع العسكرية التركية.
الفاشي
وعلى غرار انتقادات المعارضة التركية للسياسة المتبعة من قبل أردوغان، دعا زعيم المعارضة كمال كليجدار، أيضًا لاعتماد دستور جديد في البلاد يقوم على مبادئ ديمقراطية برلمانية، واعتبر أن التغييرات الدستورية بعد استفتاء عام 2017، الذي أدى إلى نظام حكم رئاسي، كانت سببًا في إلغاء الضوابط والتوازنات الديمقراطية، وإضعاف البرلمان والقضاء.
وقال زعيم المعارضة، «نحن بحاجة إلى دستور جديد يحدد الحرية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون كمبدأ أساسي، ويركز على الديمقراطية البرلمانية التي تنظم النظام الانتخابي على أساس التمثيل الأكثر شمولية، إضافةً لفهم الدولة الذي لا يتحتم أن يكون قمعيًّا، ولكن دولة تضم المجتمع في عمليات صنع القرار، وتبذل الجهود لضمان العدالة الاجتماعية، وتفخر في مراعاة اهتمامها ودعمها للمواطنين».
وقد حمّل كمال كليجدار، سياسات الحكومة التركية، الفساد نتيجة عدم الاستقرار في الاقتصاد، وهدر الموارد، والتوزيع غير العادل للدخل، الذي أدى لضعف الإنتاجية إلى حد متدنٍ، فضلًا عن معايشة الشعب التركي حقبة تبعية القضاء للقصر الرئاسي، وحكم الرجل الواحد يحتكر كل مؤسسات الدولة.
فقد منح التعديل الدستوري 2017، أردوغان صلاحيات كثيرة، ونقلت سلطات واسعة من البرلمان إليه، كأحقيته في اللعب، وإقرار قوانين تخدم مصالحه الشخصية، وتقييد المؤسسات المهمة في البلاد، إضافةً منحه تحكمًا أعمق بالأمور المالية، والعمل بأفضلية، وبعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، أصبح من صلاحيات الرئيس التركي تشكيل وتنظيم الوزارات، وإقالة الموظفين العموميين، وإلغاء دور البرلمان دون الرجوع إليه.
صراع الداخل التركي
نشبت الصراعات الداخلية قويةً، وكانت عاملًا مهمًّا في تصاعد المشهد، واندلاع الأزمات، فقد أحدث حزب «العدالة والتنمية» خللًا في توازنات القوة داخل المعادلة الحزبية القائمة في تركيا، لم يكن ناتجًا عن قوته بل كان مرتبطًا بحزب المعارضة، لكنه عانى من مشكلات هيكلية، في ظل تصارع 3 تيارات على قيادة الحزب، وسيطرة البعض على تحديد تحركات السياسة التركية الخارجية، أو حتى فيما يخص السياسة المحلية، وخير دليل على ذلك الاستقالة الأخيرة لوزير الداخلية سليمان صويلو، التي أوضحت بعض أوجه الصراع الذي يعاني منه الحزب الحاكم.
وعلى صعيد آخر، فقد شكّلت الأحزاب المعارضة فارقًا مهمًّا، وواجهت العديد من التحديات خلال السنوات الماضية، استطاعت من خلالها لعب أدوار لم تكن موكلة لها، مثل تمثيلها أدوارًا ناقصة لحزب العدالة والتنمية فيما يخص أوضاع حقوق الإنسان، والأوضاع السياسية الدخلية والخارجية، وقد أسفر ذلك عن ظهور قيادات جديدة، استطاعت أن تلعب أدوارًا مهمة، ربما تكون ملهمة لقيادات داخل الحزب الحاكم، فبعد الانتخابات المحلية الأخيرة شهد الحزب الحاكم خروج أعضاء، وتشكيل أحزاب جديدة معارضة.





