تتعدد مظاهر التوغل
الإخواني في المجتمعات الأوروبية، خاصةً بعدما أظهرت هذه الجماعة قدرة على اختراق هذه
المجتمعات من خلال المنظمات الاجتماعية والإنسانية والمساجد التي تم انشاؤها هناك بهدف
ضمان السيطرة عليهم واستغلالهم في تحقيق أجندتهم القائمة على الغزو الفكري لهذه المجتمعات،
وتفسيخها بهدف التأثير على مجريات الأوضاع الداخلية في هذه الدول أو للتأثير على عملية
صنع القرار الخارجي بما يحافظ على مصالحهم.
وخلال الفترة الأخيرة
تعرضت المجتمعات الأوروبية لتدفق كبير من جانب مناطق النزاعات في الشرق الأوسط فيما
يخص أعداد اللاجئين، والذين يمثلون أغلبية مسلمة، ما دفع إلى توظيف هذا الملف في تنامي
العلاقة بين هذه الجماعات والحكومات الأوروبية.
نوع جديد من الاستغلال
حاولت جماعة الإخوان الإرهابية، على سبيل المثال، توفير ما يُمكن لهذه الموجات القادمة من الاحتياجات اللازمة لاستمراهم في هذه الدول، كنوع جديد من الاستغلال يضاف إلى توجهاتها، بالسيطرة على الجاليات المسلمة، في إطار الضغط على الحكومات الأوروبية في قبول الأمر الواقع، كان ذلك بمثابة نواة التأثير على المواطنين الأوروبيين وحشدهم للانضمام لهذه المنظمات، فيما عرف بالجهاد الحضاري داخل المجتمعات الغربية.
أسلحة التأثير
نجحت الجماعات المتطرفة في التوغل في المجتمعات الأوروبية، من خلال المنظمات الخيرية، مستغلةً بذلك القوانين الأوروبية التي تسمح بالتعددية، ولكن في ظل زيادة معدلات تدفق اللاجئين والهجرة غير الشرعية زاد نشاط هذه الجماعات من خلال تلك التنظيمات، وزاد مستوى تعاملهم مع المواطن الأوروبي، وهو ما تم استغلاله في تمرير أفكارهم، من خلال الإعلانات وجمع التبرعات وغيرها من الأدوات التي تم توظيفها، والتي نتج عنها زيادة في أعداد المنضمين لهذه الجماعات، وتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية في داخل المجتمعات الأوروبية، مثل عمليات الذئاب المنفردة والدهس والطعن، وامتد الأمر لانتقال هؤلاء الأفراد للقتال في بؤر الصراعات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط.
مخاطر الإخوان
وبحسب دراسة أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بعنوان: «مخاطر الإخوان المسلمين في بناء مجتمعات موازية في أوروبا»، تطرقت فيها إلى طبيعة نشاط جماعة الإخوان في المجتمعات الأوروبية وأدوات تأثيرها، وسيطرتها على المجالس الإسلامية المركزية، عن طريق الضغط السياسي على الحكومات الأوروبية في اتجاهات عدة، لما لها نفوذ على الجاليات المسلمة.
وقد تعددت أشكال المجالس الإسلامية في الكثير من الدول الأوروبية، منها؛ المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي تأسس عام 1997 على يد «يوسف القرضاوي» مفتي تنظيم الإخوان بأموال قطرية، إضافةً للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا الذي تأسس عام 1993، برئاسة «أيمن مزيك»، وقد ضم في عضويته (19) منظمة إسلامية، ويتبع تلك المنظمات نحو (300) مسجد، ويشمل كل المذاهب الإسلامية، وضم «خضر عبدالمعطي» أهم قيادات تنظيم الإخوان المسلمين الدوليين، ويعد المنسق العام للمجلس الأوروبي للأئمة والوعاظ في أوروبا، ويعد المركز الإسلامي في ميونيخ التنظيم المركزي لجماعة الإخوان في ألمانيا، ويركز على الخدمات الاجتماعية والدعوية لاستقطاب المسلمين.
شبكة بريطانيا
أما في بريطانيا، فيعد المجلس الإسلامي أكبر مؤسسة إسلامية، تضم أكثر من (500) هيئة إسلامية، وتربطها صلة غير معلنة بجماعة الإخوان، إضافةً لاتحاد المجتمعات الإسلامية في إيطاليا (UCOII)، المتورط بالتعاون الوثيق مع جماعة الإخوان في قطر، والمجلس الإسلامي السويدي الذي يقع تحت مظلة «الرابطة الإسلامية»، التابعة بشكل كامل للتنظيم الدولي القائم على أذرع متعددة في أوروبا، وفي الدنمارك أسست قطر المجلس الإسلامي؛ لجعله صندوقًا لتمويل تيارات متطرفة وفلول جماعة الإخوان الفارين من الدول العربية، وحصالة لجمع الأموال وتوزيعها على قياديين في جماعات وتنظيمات وتيارات مشبوهة داخل أوروبا.
استغلال مواقع التواصل
استغلت أغلب الجماعات الإرهابية، المنصات الاجتماعية لتستخدمها في توسيع دائرة انتشارها، واعتمدت عليها بشكل أساسي كمنبر في عمليات ما يسمى بـ«التجنيد» وجذب أصحاب الفكر ذاته، والتحايل على العوائق التي تواجههم، وأصبحت البوق الإعلامي لنشر كل ما يتعلق بعملياتهم.
ووفقًا لدراسات غربية فإن أكثر من 80% من عمليات تجنيد الشباب في صفوف الجماعات الإرهابية تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فالتجنيد يعتبر أحد أهم أهداف التنظيمات المتطرفة، خاصةً بين فئة الشباب التي تمثل الغالبية العظمي من مستخدمي هذه المنصات، ويعد موقع «فيسبوك» من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي استخدامًا، إضافة إلى «تويتر» و«يوتيوب» وغيرها من المواقع الحيوية، التي تساعدهم بشكل كبير في تنفيذ مآلاتهم، وإدراج أكبر عدد ممكن من الأعضاء بداخل المنتديات المرتبطة بالجماعة الإرهابية.