معلنًا النفير العام.. القاعدة يهاجم الهند ببيان كشمير ويتهمها بـ«التواطؤ مع الأمريكان»
في خضم المعارك المتصاعدة مؤخرًا بين
الهند وباكستان على إقليم كشمير، أصدر تنظيم القاعدة عبر منصاته الإعلامية بيانًا؛ مستغلًا
للأحداث، وساعيًا لمزيد من الاستقطاب والفتنة، في ضوء رغبته في تلميع ظهوره على
الساحة مجددًا.
ففي مطلع مايو 2020، أصدر «القاعدة» بيانًا لمهاجمة الهند، بدأ البيان بتكفير قياداتها السياسية، وفقًا للمعتقدات التي يتبناها التنظيم، كما تحدث عن قانون الجنسية الذي شرعته الهند في فبراير 2020، وأقصت من خلاله المسلمين الوافدين إليها من الدول المجاورة من الحصول على الجنسية، على الرغم من منحها لجميع أصحاب الديانات الأخرى؛ ما أجج المظاهرات والاحتجاجات الغاضبة حينها.
فيما أشار البيان إلى زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى الهند في فبراير، واصفًا إياها بالجائزة التي تلقتها حكومة مودي على اضطهاد المسلمين آنذاك، وكالعادة لفت البيان إلى أن ما يجري في الهند وممارسات مسؤوليها، ما هي إلا حرب عالمية على المسلمين والإسلام، أي اتجه بيان القاعدة لصبغ الأحداث بصبغة دينية، بغض النظر عما يكشفه الواقع من مصالح.
النفير الإرهابي
وفي ضوء ذلك، استغل التنظيم ما يجري وما وصفه بالحرب لدعوة عموم المسلمين للانضواء تحت لوائه لمحاربة أعداء الدين – كما وصفهم- مهددًا المدبرين عن القتال بحساب عسير سيلقونه من الله عز وجل؛ لعدم نصرتهم للدين الذي تحاربه الهند، وفقًا لما روجته القاعدة.
هدف القاعدة
يعد التوقيت متغيرًا مهمًا لقراءة الأحداث بشكل عام، وبالتالي، فإن توقيت إصدار بيان القاعدة يأتي متوازيًا مع اشتعال المعارك الحدودية بين الهند وباكستان على إقليم كشمير، وعليه يظهر بأن القاعدة تريد تأليب المواطنين ضد الهند وإضعاف موقفها في المواجهات وإظهارها كمعادٍ للدين، وليس محاربًا لجماعات إرهابية، استغلت وضعًا سياسيًّا متأججًا منذ زمن.
ولتسهيل مهمة القاعدة فيما أراداته، عمدت إلى التذكير بواحد من الإجراءات التي لاقت استهجانًا عالميًّا ضد الهند، وهو قانون الجنسية الطائفي الذي صاغته ضد المسلمين في البلاد، وبذكر ذلك، أراد التنظيم أن يعضد من وجهة نظره، عبر أمثلة تدين الدولة، نافيًا عن نفسه شبهة استغلال الموقف، كما أراد إيصال رسالة للعامة، مفاداها، أن المواقف التاريخية المتتالية للحكومة الهندية تأتي في غير صالح المسلمين، مركزًا على هذا المنحى دون غيره من مناحي سياسية واقتصادية وعسكرية تحكم صراع الدولتين على إقليم كشمير.
كما سعى التنظيم للترويج لتنفيذ مسؤولي الهند عمليات تعذيب وحشية ومطاردات واعتداءات على المسلمين؛ لتأجيج مشاعر الغضب تجاهها وإعطاء العناصر مبررات للاستمرار في مهاجمة الهند والاعتداء على مواطنيها كنوع من رد الفعل، تسعى القاعدة لترسيخه في المنطقة.
التاريخ الانتهازي
لا تعتبر تلك هي المرة الأولى، ولكن اعتاد التنظيم استغلال تلك النوعية من الأحداث الانفصالية؛ لتطوير موقعه على الخريطة الإرهابية، ففي يوليو 2019، خرج زعيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري، في مقطع مصور مدته 15 دقيقة بعنوان «لا تنسوا كشمير»؛ لدعوة المسلمين للانضمام لصفوف التنظيم للقتال في المنطقة، وحينها ترافق الفيديو مع نشاط للقوات العسكرية للهند ضد العناصر المتطرفة في كشمير واستطاعته تصفية زعيم القاعدة بالمنطقة ذاكر موسى.
كما أصدرت جماعة أنصار غزوة الهند التابعة للتنظيم مقطعًا آخر، حينها بذات التعابير والدلالات وبعض الآيات القرآنية لحث العناصر على مواصلة القتال، وهو ما نفذه البيان الأخير؛ إذ اشتمل على العديد من الآيات التي وظفت لخدمة أهداف المجموعة المتطرفة التي تنشط في المنطقة المضطربة.
هالة الإعلام ورغبة الحشد
وحول مزيد من الأسباب لما وراء البيان الأخير وعلاقته بما يجري بين الهند وباكستان، تقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الأسيوي، نورهان الشيخ في تصريح سابق للمرجع: إن الصراع بين الهند وباكستان حول كشمير صراع سياسي بحت، ولكن كلا منهما تصبغ المجموعات المتطرفة وفقًا لرؤيتها الخاصة، فالهند تعتبرهم إرهابيين وباكستان تعتبرهم دعاة تحرر، ومن هنا يأتي التوظيف الديني للمعركة؛ لتأجيج الصراع وإعطاء مبررات لمزيد من الهجمات وتهديد لاستقرار الهند ومواطنيها.
ومن جهة أخرى، يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أحمد كامل البحيري في تصريح للمرجع: إن تنظيم القاعدة يواجه تراجعًا كبيرًا في قوته بشبه الجزيرة الهندية، وبالتالي فهو يريد بمثل هذه البيانات والإصدارات أن يعطي لذاته مزيدًا من التوهج الإعلامي المزيف؛ حتى يحشد من جديد بعض العناصر للقتال في المنطقة.
المزيد.. الجنسية الطائفية.. الهند تمارس الإقصاء بقانون ضد المسلمين





