الإخوان وفقه المرحلية.. مطالب ببعث جديد يناسب حقبة كورونا
الجمعة 01/مايو/2020 - 07:32 م
دعاء إمام
لا يجد قيادات جماعة الإخوان حرجًا في التلون وبث شعارات متناقضة بين الحين والآخر؛ فلكل مرحلة حديث يناسبها، والآن جاء طور التغير الشكلي بما يلائم جائحة كورونا التي ضربت العالم؛ بهدف الحفاظ على القواعد الشبابية الحالية، ومحاولة استقطاب مؤيدين جدد.
إبراهيم الزعفراني
وقال إبراهيم الزعفراني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إن جماعات الإسلام السياسي في الفترة الماضية تكلست وانكفأت على نفسها وعاشت على ذكريات الماضى وفقه المظلومية وعلا فيه هدف الحفاظ على التنظيم فوق كل أهدافها، مشيرًا إلى أن محاولات الإصلاح والتجديد من الداخل لم تنجح، ورفضت قيادات هذه الجماعات أى محاولات تقترب من ثوابتها المزعومة وفضلت أن تبقى على حالها حتى لو كان فيه الضعف والضمور الذى قد يصل إلى مرحلة الفناء.
وتابع قائلا:« تأتى جائحة كرونا بكوارثها البشرية والاقتصادية لتغير معالم العالم تغيرًا كبيرًا قد يفوق ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية مما ينتج عنه تغيير فى الدول والأفراد، والحركة الإسلامية ستكون جزءًا فى هذا التغيير ويمكنها أن تستفيد منه لو أحسنت فهمه والتعامل معه، وعندما نتحدث عن الحركة الإسلامية فإنما معني بها جماعات الإسلام السياسى الشاملة وطبعًا على رأسها الإخوان والجماعة الإسلامية.
ولفت إلى أن الجماعة في حالة موت سريري لا يصلح معه دواء ولا أمل في الشفاء، معتبرًا أن الحل في مرحلة ما بعد كورونا ما سماها بالبعث الإسلامى الجديد، الذي يستفيد من تجارب الماضى وينظر إلى المستقبل بنظرة واقعية، وتحدد موقفها بوضوح من المجتمع والدولة والحكم فتعرف كيف تتعايش مع غيرها دون صدام أو استعلاء أو انعزال شعورى عن باقى المجتمع ولا ترى فى نفسها جماعة الصفوة أو شعب الله المختار.
وأضاف: لا يعقل أن الإخوان تعتمد على كتب الرسائل والتى تحدد الموقف من الحاكم أمام خيارين هما النصح والإرشاد أو الخلع والإبعاد، وهو ما يكرس عمليًّا باستحالة التعايش مع تلك الأنظمة وفى رأس الجماعة الانقلاب عليها عندما تأتى أى فرصة طالما لم ينفع معها النصح والإرشاد.
وعن صفات ذلك البعث الذي يطالب به «الزعفراني»، يقول إن البعث الجديد لا يستخلص من شعارات خادعة مثل الإسلام هو الحل، إنما يستبدل شعارًا براقًا بعودة الخلافة ثم أستاذية العالم إلى شعار حرية المجتمع والحفاظ على مكوناته والولاء للوطن أولًا والتعاون مع العالم على قدم المساواة لنشر العدل والعلم ويكون منهجه التعايش لا التصادم، وينهي مرحلة علنية الدعوة وسرية التنظيم، والتى حولت الجماعات السابقة إلى ما يشبه التنظيمات العسكرية.
وتابع: سيقود هذا البعث شباب يعرفون للعلم قدره ويواكبون تقدمه التكنولوجي في جميع المجالات ويحسنون لغات أجنبية يتحدثون بها مع العالم بما يناسبه، بدلًا من المسنين الذين يديرون الإخوان، فنحن بحاجة إلى دراسة متأنية لوضع ميثاق جديد لهذا البعث الجديد بعيدًا عن الماضى والأمة فقد انتهت فكرة الجماعة الأم.
حسن البنا
كورونا والمرحلية
استند «الزعفراني» في دعوته إلى ما فعله حسن البنا، مؤسس الجماعة، بعد نحو 10 سنوات من نشأة الإخوان 1928، حين أعلن «البنا» في المؤتمر الخامس تحولًا كبيرًا يناسب مرحلة الانتشار والتعدد.
وتأتي هذه المطالب في سياق لا ينفصل عن قضية المرحلية التي أرسى قواعدها «البنا» وأصّل لها منير الغضبان، المراقب العام لإخوان سوريا، إذ كان من أبرز مؤلفاته، كتاب «المنهج الحركى للسيرة النبوية» الصادر عام 2001، الذي تحدث فيه عن فكرة «المرحلية»، وتأصيلها في نفوس أفراد التنظيم، واستخلاص شواهدها من العلوم الشرعية.
وبحسب «الغضبان»، فإن ما سمَّاه بعاطفة «الأمة والوطن» يُمثل اضطرارًا تفرضه المرحلة التي تعيشها الجماعة؛ كخطاب للقيادات لا يعني تبنيهم لهذه الأفكار، قائلًا: «نودُّ لشباب الدعوة الإسلامية أن يدركوا هذا المعنى ويفقهوه، حين يرون قيادة الدعوة في مرحلة من المراحل تبحث عن قاسم مشترك بينها وبين بعض أعدائها، لتجعلهم يقفون في صفها ضد عدو أخطر وأكبر»
وأردف: «إنهم حين يرون قيادتهم تقبل الحديث عن عاطفة الوطن أو عاطفة الأمة، أو يتحدثون عن الضعفاء من الفئات المظلومة، يُمثل القاسم المشترك نقاط لقاء مرحلي مع هذا العدو ضد عدو آخر»
كتابات «الغضبان» تؤكد ازدواجية الخطاب الإخواني؛ إذ يكشف لجوء الجماعة إلى إبداء مواقف علنية تخالف قناعات القيادات، ولا تكون لتصريحاتهم معنى سوى رسائل علنية للاستهلاك المرحلي، ففي الوقت الذي يُجاهر القادة بحبهم للوطن، يدرس الأشبال والعناصر الجدد أن الوطنية مسألة «جاهلية» ليست من الإسلام في شيء.
ولذلك فإن المطالبة ببعث جديد يتناسب مع مرحلة كورونا، ما هو إلا خطاب للاستهلاك تسعى الجماعة من خلاله إلى الحفاظ على قواعدها الجماهيرية.





