الحكومة الأفغانية تستخدم ملف سجناء «طالبان» كمعالج للتهميش السياسي

قررت الحكومة الأفغانية تأجيل الإفراج عن سجناء «طالبان» بالرغم
مما كان مقررًا لخروجهم السبت 14 مارس 2020، وذلك بعد إرجاء الموعد السابق من 10 مارس
إلى 14 للتباحث حول بعض الأمور.
وبحسب تصريحات صحفية للمتحدث باسم مكتب الأمن القومي الأفغانى، جواد فيصل،
الأحد 15 مارس 2020 قررت الحكومة تأجيل الإفراج المشروط عن السجناء.
وينذر التأجيل الثاني للإفراج عن سجناء الحركة والبالغ عددهم وفق -الاتفاق مع واشنطن- خمسة آلاف سجين بمشاكل بين طرفي الصراع الداخلي الأساسيين وهما «طالبان» والحكومة الأفغانية، ففي 29 فبراير 2020 وقعت الحركة اتفاقًا تاريخيًّا مع واشنطن بعد 19 عامًا من الصراع المتبادل يقضي بخروج الأخيرة وقواتها العسكرية بشكل تدريجي من أفغانستان إلى جانب بعض البنود الأخرى، وعلى رأسها الإفراج عن سجناء «طالبان» من مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة مقابل الإفراج أيضًا عن 1000 عنصر من عناصر النظام.

مشاهد
متزامنة
يترافق التأجيل الأخير من جانب الحكومة
الأفغانية، بمشاهد سياسية تحكم بوصلة المصالح المختلفة بين الطرفين، أولها الترتيبات
الممهدة لتنفيذ بند آخر من الاتفاق المبرم بين واشنطن وطالبان وهو إجراء مفاوضات داخلية
بين الحكومة والحركة تكون مقدمتها الإفراج عن السجناء، ما يعني أن تسوية الأوضاع الداخلية
في البلاد مرتبط بشكل أولي بهذا البند المؤجل لعدة مرات من قبل الحكومة.
المشهد الثاني، هو وضع بند الإفراج عن
السجناء من مراكز الحكومة التي لم تمثل بالأساس في الاتفاق التاريخي بين واشنطن وطالبان،
ما يعني أن الولايات المتحدة وضعت بندًا إرغاميًّا للحكومة التي تعاونت معها لسنوات دون
حضورها أو ضمها كطرف أصيل في التفاوض، ثم تفرض عليها حاليًا تحقيق شروط لم تشترك في
صياغتها، إلى جانب حثها للتفريط في سجناء تمكنت منهم بعد عناء.
ويرتبط المشهد الثالث بما تطمح إليه الحكومة
أو تسعى إلى تصحيحه بعد التغاضي عن وجودها في المباحثات الأمريكية، إذ طلب الرئيس الأفغاني أشرف غني أن تبدأ عملية الإفراج بتحرير 100 سجين بشكل يومي بالتوازي مع سريان المباحثات
بين الطرفين للوصول إلى تسوية داخلية، وهو ما رفضته حركة طالبان مشددة على أن الاتفاق
ينص على الإفراج عن السجناء كلهم دفعة واحدة غير مجتزأة.
يتضح من ذلك أمران أولهما أن الحكومة أرادت
استغلال الورقة الأخيرة لديها وهم السجناء للمناورة بهم سياسيًّا للحصول على دور أوسع
في الحياة السياسية المقبلة للبلاد خوفًا من تنحيتها تمامًا مثلما حدث في التفاوض الأمريكي
لما لطالبان من قوة عسكرية على الأرض.
كما أن الحكومة الأفغانية تعي جيدًا أن المفاوضات الداخلية إذا بدأت دون ورقة ضغط فلن يكون لها أي قوة تستند عليها لتحقيق أي مصلحة مستقبلية، والأمر الثاني يرتبط بـ«طالبان» التي تريد إنهاء التفاوض الداخلي قبل بدايته فحصولها على عناصرها المسجونين مع تحقيق شروطها من قبل الجانب الأمريكي يعني بالنسبة لها أنها استطاعت الانتصار على الطرف الأمريكي والداخلي الذي لا تقيم له وزنًا كبيرًا.

العنف
المتزايد
إزاء المواقف المشحونة بين الطرفين اختارت
حركة «طالبان» العودة مجددًا للعنف واستهداف القوات الأفغانية لإظهار سيطرتها
على الأرض وإرباك الجانب الآخر وتعزيز خسائره، ومن شأن ذلك أن يرفع نسب العنف في البلاد
التي صنفها معهد الاقتصاد والسلام في مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2019 كأكثر الدول سقوطًا
للضحايا الناجمين عن الإرهاب، ومصنفًا «طالبان» كأعنف حركة حاملة للسلاح بالعالم،
بينما صرح الرئيس الأفغاني أشرف غني بأن هدفه من تأجيل الإفراج عن السجناء هو تحقيق
السلام الدائم للبلاد وفرض ضمانات حقيقية على حركة «طالبان» لاحترام عدم
العودة للعنف في ظل الخروج الأمريكي المرتقب.
للمزيد..
«الحرب الأهلية».. الاحتمال الأكثر رواجًا على الساحة الأفغانية