ساحة الصراع الملتهبة.. دلالات التصعيد «التركي - الإيراني» في إدلب السورية
أضحى الشمال السوري ساحة للصراع والنفوذ التركي والروسي وأيضًا الإيراني، فكلا منهما يسعى لزحزحة الآخر عن منطقة «إدلب»؛ من أجل تحقيق العديد من المكاسب بالسيطرة على منطقتي شرق الفرات وإدلب في شمال سوريا.
وتسعى تركيا جاهدة لإسقاط النظام السوري من خلال دعمها الجماعات الإرهابية المسلحة، في الوقت الذي تدعم فيه روسيا النظام السوري، وتهاجم الجماعات الإرهابية، بينما تلعب إيران بورقة «حزب الله» اللبناني، بادعاء أن وجوده في «إدلب» يأتي لحماية الحدود اللبنانية من اختراقات التنظيمات الجهادية والتكفيرية.
تهديد تركي لإيران
وفي استمرار الهجمات التركية على إدلب؛ هاجمت القوات التركية في 28 يناير 2020 عناصر من «حزب الله»؛ ما أسفر عن مقتل 9 عناصر وإصابة 30 آخرين؛ كان من بينهم القيادي البارز في صفوف الميليشيا «السيد علي الزنجاني» الملقب بـ«العالم الزنجاني»، وهو إيراني الجنسية مقيم في لبنان، ووصفته وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء بأنه أحد «حماة المراقد» في سوريا.
وأصدرت
طهران بيان في الأول من مارس 2020 بيانًا تحذر فيه القوات التركية من استمرار
هجماتها على إدلب؛ كما دعا الرئيس الإيراني «حسن روحاني» بعد إجرائه مباحثات
هاتفية مع نظيره التركي «رجب طيب أردوغان»؛ لعقد قمة للحديث عن الأوضاع السورية، ومحاولة حل الأزمة في إدلب بالطرق السياسية.
تحذير
إيراني للقوات التركية
وجاء
في بيان التحذير الإيراني الذي أصدرته المستشارية العسكرية الإيرانية في سوريا، ونشرته وكالة الأنباء الإيرانية «فارس»، دعوة تركيا إلى تحكيم العقل والأخذ بعين
الاعتبار مصالح الشعبين السوري والتركي؛ بل وأعلنت المستشارية أنها أصدرت
أوامر لقواتها بعدم الرد على العسكريين الأتراك في إدلب؛ حفاظا على أرواحهم.
وأكدت
المستشارية العسكرية الإيرانية أن أبناء الشعب التركي في الجيش بمنطقة إدلب في
مرمى قواتها العسكرية؛ داعية العسكريين الأتراك إلى الضغط على قادتهم
السياسيين لعدم إراقة الدماء على الأراضي السورية.
ولأن إيران وتركيا حليفان تربطهما مصالح مشتركة؛ تطرح بعض التساؤلات من بينها، هل من الممكن أن تدخل إيران في مواجهة عسكرية للوقوف مع النظام السوري ضد حليفتها تركيا؟ وهل يمكن أن تشهد الفترة المقبلة تصعيدًا بين تركيا وإيران في إدلب؟
للإجابة على هذه التساؤلات؛ يجب الإشارة إلى أن التطورات الأخيرة في إدلب؛ كشفت مستوى النفوذ الذي بلغه حلفاء إيران بالقرب من الحدود التركية، وتداعيات ذلك على العلاقات بين طهران وتركيا؛ خاصة أن «حزب الله» والميليشيا التابعة لإيران في سوريا؛ تبذل أقصى مساعيها لدعم النفوذ الإيراني عبر الوجود ميدانيًّا، وبشكل مكثف في الصفوف الأمامية للقوات التي تهاجم مناطق الفصائل المسلحة.
وقد يؤدي هذا إلى دخول القوات الموالية لإيران في مواجهة ميدانية محتملة مع تركيا؛ ما يؤدي إلى توتر العلاقات بين أنقرة وطهران، إلا أنه في ذات الوقت تبذل طهران مساعيها من أجل استمرار العلاقات مع تركيا، نظرًا للحصار الأمريكي المفروض على النظام الإيراني جراء العقوبات الأمريكية.
للمزيد: بعد ثلاث فاشلة.. رابع جولات التفاوض التركي مع الروس بشأن إدلب
إيران والبحث عن المصالح
وفي تصريح خاص لـ«المرجع»، يرى «هشام النجار» الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية؛ وجود سيناريوهات عدة حول ما يحدث على الساحة السورية بين تركيا وإيران؛ لأن مصالح الحلفاء تتصادم وتتعارض مع وصول الصراع السوري إلى محطته النهائية، خاصة الحليفين الروسي والإيراني من ناحية وأيضًا السوري والإيراني من ناحية أخرى.
ولفت «النجار» إلى أن الأتراك في ورطة حقيقية ولا يستطيعون الوفاء وإقامة تحالف مبني على مصداقية دائمة، لا مع حلف الناتو والأمريكيين ولا مع الروس، وهناك محاولات لجذب تركيا إلى توافق إيراني سوري تركي في مواجهة النفوذ الروسي المتزايد؛ لأنه كما أثر التحرك الروسي السوري في الشمال على نفوذ تركيا وميليشياتها، سمح أيضًا تقلص نفوذ الميليشيات الإيرانية لروسيا بالانفراد بالكلمة الأخيرة في سوريا.
وأضاف الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامي، أن موسكو قادت العمليات التي نفذها الجيش العربي السوري لاستعادة مدن استراتيجية من الميليشيات الإرهابية المدعومة من أنقرة المتمسكة بإدلب، باعتبارها تمثل تهديدًا لأمنها ونفوذها في المنطقة، وهذا ما يرفضه الأتراك والإيرانيون؛ ولهذا تحاول إيران التقرب من تركيا، وتسعى لإقناع أنقرة بعقد تفاهمات ثلاثية بين «أنقرة ودمشق وطهران» لتعديل الأوضاع لصالح القوتين الإقليميتين في سوريا على حساب المكتسبات الروسية.
للمزيد: «اتفاق سوتشي» على المحك.. تركيا تصعد التهديدات في «إدلب» وتجر «الناتو» للحرب





