ad a b
ad ad ad

د. إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية يكتب: وانتصر الشعب المصري في معركة الوعي

السبت 28/سبتمبر/2019 - 09:48 م
المرجع
طباعة

شهدت الأيام القليلة الماضية معركة ذات طابع جديد، اتسم بالغموض والالتواء والاشتباه والاشتباك؛ لدرجة أفقدت الإنسان العادي القدرة على الاستنتاج والتوقع، وهذه هي طبيعة حروب الجيل الرابع التي تدار بطريقة خفية غاية في التعقيد بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تتضافر جهود الشر ممثلة في أجهزة استخبارات لدول لها مصالح سياسية واقتصادية لن تتحقق إلا بزعزعة الاستقرار في مصر، قوى لها أذرع إعلامية أخطبوطية كثيرة لا تتورع عن التزييف والاختلاق؛ من أجل تصوير واقع وهمي لا وجود له في الحقيقة حول الوضع في مصر.


وفي هذه المعارك وعند الجماعة الإرهابية لا يوجد شيء يسمى الأخلاق، فضلا عن الدين، كل شيء مباح وفي مقدمة المباح الكذب، وباستعمال أحدث الأساليب العلمية والتقنيات الحديثة والأساليب الإعلامية من اختلاق صور وفيديوهات لمظاهرات واحتجاجات وتصوير وهمي لأشخاص يتناولون طعامهم من القمامة، وتصوير تجمهرات رياضية أو حتى مواكب موالد صوفية على أنها تظاهرات سياسية واحتجاجات على القيادة السياسية، لم يبق شيء من الاحتيال والكذب إلا وقد ارتكبته هذه المحطات والصفحات واللجان الإلكترونية، حتى تعرض وعي الشعب المصري إلى أكبر حملة تزييف مر بها منذ أحداث يناير وحتى ما قبل هذه الحملات.


وعلى الرغم من اطمئنان وثقة الشعب إلى يقظة رجال الأمن والجيش واستعدادهم التام لمواجهة أي خروج عن القانون والاطمئنان أيضًا إلى دقة رجال الأمن الوطني والمخابرات العامة في جمع المعلومات وتقدير الموقف إلا أن الوضع بات متوقفًا إلى حد كبير على نجاح العقل الجمعي المصري في تجاوز هذا الحدث والمرور عليه مرور الكرام، وعدم الالتفات إلى أية دعاوى للخروج على القانون وزعزعة الأمن والاستقرار، إذ إن أي انتصار أمني لا يكتمل ولا يتبلور إلا بالانتصار في معركة الوعي أيضًا.


وهذا الاختبار إن صح التعبير كان اختبارًا حقيقيًّا لاستيعاب الشعب، لكل ما مر عليه من أحداث سابقة منذ إزاحته لعصابة الإخوان الإرهابية من سدة الحكم وحتى هذه اللحظة، كانت دعوات النزول والتظاهر والتخريب على أشدها، وقد وصلت مداها بالتهديد باحتلال أقسام الشرطة وثكنات القوات المسلحة، تنظيمات إرهابية تتساقط هنا وهناك ومن كل الجنسيات، ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر في مناطق متفرقة، كل التركيز كان منصبًا على ميدان التحرير، وما يمكن أن يحدث فيه، أما الحديث عن نزول الجماهير المؤيدة للوطن والاستقرار قليلة أو كثيرة، فلم يكن مطروحًا إلا على نطاق ضيق، بل ربما تعالت الصيحات المحذرة من نزول المؤيدين؛ خوفًا من حدوث اشتباكات وصدامات.


هنا كانت المفاجأة من شعب مصر العظيم إلى مصر الوطن، وإلى الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث كان النجاح الباهر العظيم لقوة إدراك ووعي الشعب لما يحاك ضده، ويدبر له يدهش الجميع على مستوى العالم، وكان النزول إلى شارع النصر بجوار المنصة وبأعداد غفيرة وبغير ترتيب ولا اتفاق مقابل درجة نزول صفر من الطرف المعادي للاستقرار، والداعي إلى الفوضى، يمثل انتصارًا ساحقًا لوعي الشعب المصري واستيعابه لما يدور حوله، وتفهمه لكل التحديات التي تمر بها مصر بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتقديرًا لكل الجهود التي بذلت من فخامة الرئيس، جنبًا إلى جنب مع كل أجهزة الدولة للدفع بمصر في اتجاه المكانة الرفيعة التي تليق بها على المستوى الحضاري والاقتصادي والتعليمي والصحي والأمني وكل أوجه الحياة.


لقد أدرك شعب مصر أن ما أنجز في كل ملف من هذه الملفات يمثل معجزة حقيقية بكل المقاييس، وباعتراف كل المؤسسات الدولية الحيادية، وهذه الوقفة الكبيرة للشعب المصري تجاه رؤية وجهود ومنجزات الرئيس عبد الفتاح السيسي أروع صورة للوفاء بين الشعب والقائد، أيضًا تمثل هذه الوقفة أكبر ضربة للجماعة الإرهابية وأعوانها وحماتها وذيولها منذ 2013 وحتى الآن، نحن لا نبالغ إذ نقول إن ما حدث على أرض الواقع يعد أكبر فضيحة للإرهابية تضاف إلى سجلات فضائحها الأخلاقية التي لم ولن تنتهي.


ونود هنا أن نشيد بالدور الإعلامي الوطني الذي قامت به شاشات وبرامج وطنية، وإعلاميون وطنيون أغنياء عن الذكر اتسم عملهم الإعلامي المصري بقمة المصداقية والمهنية والحرفية والروعة، ولا نبالغ إذ نقول والجمال والمتعة أيضًا، ولا شك أن هذا الجهد الإعلامي قد ساهم إلى حد كبير في رفع درجة الوعي عند المصريين، وبيان الصورة الحقيقية الواقعية للعالم كله، ولم تكن معركتهم إلا معركة مع أجهزة استخبارات دولية قد استعدت سلفًا لمثل هذه الحملات، وليست مجرد أجهزة إعلام وحسب.


ما حدث من تجاوز الشعب لهذه الأزمة، وأيضًا من تجديد الثقة في القيادة السياسية ممثلة في شخص فخامة الرئيس لا يمكن أن يعتبر نهاية للمطاف، على قدر ما هو كما ذكرنا اختبار لنا جميعا، والأهم من النجاح المحافظة عليه، فالحرب على مصر لم ولن تتوقف، وهذا قدرنا، والتحديات التي تمر بها مصر سوف تزداد مع كل إنجاز لمشروعات قومية أو تطور في كل ملف من ملفات الصحة أو التعليم أو الأمن، وإذا احترقت ورقة كذاب فسيخرج كذاب جديد، وستخرج شائعات جديدة، وستطلق حملات كذب جديدة وبأساليب جديدة، لكن المثل المصري يقول (الضربة التي لا تصيب تُقوي الظهر).


والله تعالى يعلم أننا شعبًا وقيادة أصحاب قضية حق ندافع عن وطننا، وعن منجزاتنا، وعن تقدم دولتنا، وعن ثرواتنا، ولم نكن يومًا ما أصحاب كيد ولا مكر ولا عدوان، لذلك احتمينا بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) فنصرنا الله.

"