لماذا يحاول «داعش» الظهور مجددًا من بوابة الفلبين؟
الإثنين 09/سبتمبر/2019 - 10:15 ص
معاذ محمد
في عملية مسلحة جديدة له بعيدًا عن سوريا والعراق، أعلن تنظيم «داعش» السبت 7 سبتمبر 2019، مسؤوليته عن تفجير وقع في إحدى أسواق الفلبين، ما أدى إلى إصابة 7 أشخاص.
وقال الجيش الفلبيني: إن هذا كان رابع تفجير تشهده تلك المنطقة خلال 13 شهرًا، مُضيفًا أن جماعة متشددة تنشط في مدينة إيسولان، ذات الأغلبية المسيحية بإقليم سلطان قدرات، من بين المشتبه بهم.
وجاء هذا التفجير مع زيادة حدة التوتر في جنوب الفلبين، بعد وقوع 3 حوادث خلال العام الأخير، قالت السلطات إنها كانت تفجيرات انتحارية لمتشددين مرتبطين بتنظيم «داعش».
عمليات متتالية
مع مطلع العام الحالي، أعلن تنظيم داعش الإرهابي، مسؤوليته عن هجومين استهدفا كنيسة في جنوب الفلبين، وقع الأول منهم قرب كاتدرائية في مقاطعة جولو، معقل جماعة «أبوسياف» المتطرفة، والآخر خارج المجمع، ما أدى إلى مقتل 20 شخصًا وإصابة 81 على الأقل.
وفي أبريل الماضي، أدى تفجير نفذه أشخاص يشتبه بأنهم أعضاء في جماعة مؤيدة لداعش، إلى إصابة 18 شخصًا في مطعم بـ«سلطان قدرات» في منطقة مينداناو.
عقبها وتحديدًا في 28 مايو 2019، أعلن الجيش الفلبيني أن طفلين قتلا وأصيب خمسة جنود ومدنيان، جراء هجوم شنه مسلحو جماعة «أبو سياف» الموالية لداعش، على مجموعة من الجنود في مقاطعة سولو جنوبي البلاد.
كما أنه في 29 يونيو الماضي، قتل 5 أشخاص بينهم 3 جنود، وأصيب 9 آخرون في انفجار بقاعدة عسكرية، في جزيرة غولو بجنوب الفلبين، وأعلن التنظيم أيضًا مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية وقتها، عن مديرة «سايت»، وهو المرصد المتابع للحركات الإرهابية، ريتا كاتز، إن داعش الإرهابي تبنى هجوما انتحاريا نفذّه 2 من عناصره.
على صعيد متصل، قال رئيس الفلبين رودريجو دوتيرتي، مطلع يونيو الماضي: إن التمرد في جزيرة مينداناو جنوبي البلاد «داعشي صرف»، مشيرًا إلى أنه حذر منذ وقت طويل، من قرب وصول التنظيم الإرهابي إلى بلاده.
«داعش» في جنوب الفلبين
في عام 2017، حاول داعش فرض سيطرته على مدينة ماراوي الفلبينية، ذات الغالبية المسلمة، إلا أنه في أكتوبر من نفس العام، قال دلفين لورينزانا، وزير الدفاع، إن بلاده أعلنت القتال المستمر منذ خمسة أشهر بالمدينة، بين القوات المسلحة والمتشددين الموالين للتنظيم، مؤكدًا أنه «لا يوجد متشددون آخرون في ماراوي».
اعتاد التنظيم الإرهابي، على استغلال الخلافات في المناطق التي يسعى للسيطرة عليها، بجانب التضاريس الصعبة والمعاناة من الفقر، إضافة إلى الأفكار المتطرفة، حتى يتمكن من جذب وتجنيد عناصر إرهابية جديدة منها، لذا اعتبر أن جنوب الفلبين منطقة جاذبة بالنسبة له، وهو الأمر الذي ظهر واضحًا في نشاطه الملحوظ بها، وتمكن من استقطاب عناصر محلية نفذت عمليات عديدة، بعد تلقيها تعليمات صدرت من قياداته.
لماذا الفلبين؟
في تقرير نشره مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، بعنوان «لماذا جدد داعش هجماته الإرهابية في الفلبين؟»، قال إن تنظيم داعش يسعى من خلال تلك الهجمات، إلى إعلان عودته إلى الساحة من جديد، وإثبات قدرته على تنفيذ هجمات إرهابية جديدة، خصوصًا أن هذه الآلية نفسها التي استعان بها التنظيم لتعزيز قدرته على العودة إلى مناطق أخرى، مثل منطقة الساحل والصحراء في القارة الأفريقية.
وبحسب التقرير، فإن «داعش» يعتمد على العمليات الإرهابية التي تشنها المجموعات الخارجية التابعة له، من أجل تقليص الضغوط التي يتعرض لها في المناطق الرئيسية التي ينشط فيها، إضافة إلى تعزيز قدرته على إقناع العناصر الموالية له بالبقاء وعدم الانشقاق عنه والانضمام إلى تنظيمات منافسة، بعد أن فشل في تحقيق الأهداف الرئيسية التي تبناها في السابق واستخدمها لاستقطابهم.
واعتبر التقرير، أن اختيار «داعش» لجنوب الفلبين لتنفيذ عملياته الإرهابية، جاء نتيجة عدم إخضاعها لرقابة صارمة، خصوصًا أنه يحرص على اختيار مناطق يستطيع تدعيم نفوذه فيها، خاصة المناطق التي يصعب على السلطات الأمنية تعقب عناصره داخلها لاعتبارات جغرافية لا يمكن تجاهلها، ولا سيما المناطق الحدودية.
ويشير التقرير، إلى أن استهداف «داعش» للكاتدرائية في يناير الماضي، يوضح أن التنظيم أصبح يتجه نحو الهدف السهل بالنسبة له، وهو تنفيذ هجمات ضد الأهداف المدنية، مثل دور العبادة والمرافق العامة، والتي غالبًا ما تكون أيسر من استهداف القواعد والمؤسسات العسكرية، التي تحظى بقدر كبير من الحماية والتأمين، بجانب أنها من الممكن أن تؤدي إلى سقوط عدد كبير من عناصره، وتتزايد بالتالي خسائره البشرية.
في السياق ذاته، يقول تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، نشر في مايو الماضي، إن داعش يستغل المشكلات السياسية والاجتماعية المحلية في الفلبين لتعزيز وجوده بالمنطقة، مشددًا على أن رايات التنظيم السوداء بدأت تظهر في عدة مناطق بجزر الجنوب، مع مقاتلين من جماعة أبوسياف المتشددة، وآخرين أجانب قدرت أعدادهم بالمئات.
يذكر أن تاريخ ظهور داعش في المنطقة، يعود إلى عام 2016، بعد نشر شرائط فيديو تظهر مئات المقاتلين من الشيشان واليمن والصومال.





