يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

ماليزيا والإرهاب.. صرامة الإجراءات ونعومة الأساليب

الإثنين 26/أغسطس/2019 - 09:07 م
المرجع
نورا بنداري
طباعة

تواصل ماليزيا باستمرار عملها لمكافحة الجماعات الإرهابية، من خلال وضع استراتيجيات متعددة بشأن هذا، فهذه الدولة الآسيوية  لا ترغب في أن تصنف كدولة داعمة للإرهاب، أو ملجأ للتنظيمات الإرهابية،  فهي على عكس بعض الدول التي تدعم الإرهاب مثل قطر وتركيا، أي أنها لا تريد أن يقترن اسمها بأنها دولة تقوم بإيواء إرهابيين ومتطرفين.


ماليزيا والإرهاب..

وفي صباح 26 أغسطس الجاري، أعلنت وكالة الأنباء الوطنية الماليزية «برناما»، أن الشرطة الماليزية ألقت القبض على 519 شخصًا يشتبه بتورطهم في أنشطة إرهابية وقعت حتى 31 يوليو الماضي، و أوضح وزير الداخلية الماليزي «محي الدين ياسين»،  أن هؤلاء المعتقلين من المحليين والأجانب.


وفي إطار ذلك، نلقي الضوء على خطر الإرهاب الذي يواجه دولة جنوب شرق آسيا، مع توضيح الجماعات الارهابية التي تهدد أمنها واستقرارها، وختامًا ببعض الاستراتيجيات التي تضعها ماليزيا لمواجهة هذا الخطر الداهم.

ماليزيا والإرهاب..

تخوف ماليزيا

تراقب ماليزيا عن كثب التطورات التي تحدث في الشرق الأوسط؛ لتخوفها من أن تؤدي هزيمة تنظيم «داعش» في سوريا والعراق إلى بروز مقاتلين محبطين لم يحققوا بعد مهمتهم ليصبحوا شهداء، ومن ثم يعودون إلى بلدانهم الأصلية مثل ماليزيا وإندونيسيا والفلبين؛لإكمال عملهم النهائي في وطنهم الأم.


هذا الأمر الذي يدفعها لوضع قوانين صارمة؛ تهدف لإلقاء القبض على أي مشتبه به؛ خوفًا من أن يقوم بعمل إرهابي يهدد أمن واستقرار البلد، إضافةً إلى وسائلها المتعددة لتلافي أي خطر إرهابي.

ماليزيا والإرهاب..

رأس الإرهاب في ماليزيا

يوجد في ماليزيا عدد من المنظمات الإرهابية، يأتي من أهمها منظمة «مجاهدي كومبولان» الماليزية التي تحمل التوجه الأيديولوجي الجهادي وتسير على خطى تنظيم القاعدة الإرهابي، وتضم مجموعة من المقاتلين تلقوا تدريبات في أفغانستان، كما أنها تسعي لإقامة دولة إسلامية كبيرة تضم ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، وهذا ما يجعلها تتبنى العنف كوسيلة للوصول للسلطة، فهي بشن الكثير من الأنشطة التفجيرية التي تهدد ماليزيا.


ويعمل تنظيم القاعدة ايضًا على استعادة دوره في ماليزيا خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بتنظيم داعش في سوريا والعراق، إلا أن الحكومة الماليزية تراقب ذلك عن كثب محاولة التصدي بشتي الطرق لهذه التنظيمات الإرهابية.


ويشكل الحزب الإسلامي الماليزي «ذراع جماعة الإخوان (المصنفة بأنها جماعة إرهابية)» خطرًا، فهو يسعى أيضًا؛ للوصول إلى السلطة بشتي الطرق، ورغم استضافة ماليزيا لعدد كبير ممن ينتمون لجماعة الإخوان، سافروا خارج مصر بعد ثورة 30 يونيو، إلا أنها وجدت بعد ذلك خطرًا عليها من بعضهم، ففي مارس 2019 أظهرت السلطات الحكومية الماليزية موقفًا حازمًا من الإخوان؛ حيث إنها باتت تتحفظ على أي نشاط ملحوظ للإخوان على أراضيها، وأبعدت ستة عناصر من تنظيم الإخوان من المصريين وتونسي عن البلاد؛ بسبب مخالفات أمنية، وقال المفتش العام للشرطة محمد فوزي هارون: إن من بين المشتبه بهم خمسة أشخاص اعترفوا بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان ويواجهون اتهامات بإيواء ونقل وتشغيل الشخصين الآخرين المرتبطين بجماعة أنصار الشريعة.

ماليزيا والإرهاب..

استراتيجيات مكافحة الإرهاب

تحاول الحكومة الماليزية بشتي الطرق، القضاء على  فيروس الإرهاب المنتشر في ماليزيا، إذ تقوم بوضع استراتيجيات عدة؛ لمواجهة هذا الخطر، ويأتي من بينها تطوير القوانين المتخصصة في مكافحة الإرهاب بصفة مستمرة، و آخر قانون أصدرته الحكومة هو «قانون مكافحة الإرهاب 2015 (POTA)»، والذي يعد بديلًا لقانون الأمن الداخلي السابق، ويتيح القانون الجديد للسلطات الأمنية اعتقال المشتبه بهم دون محاكمات لمدة تصل إلى عامين، والسماح بمصادرة جوازات سفر أي شخص يشتبه في دعمه للأعمال الإرهابية، ورغم الانتقادات التي وجهت لهذا القانون من منظمات حقوق الإنسان، إلا أنه تم تطبيقه في أغسطس 2016؛ بهدف الحد من انتشار أنشطة المتشددين في البلد الآسيوي.


بيد أن ماليزيا تقوم بتبادل المعلومات مع نظرائها الدوليين الذين لديهم خبرة أكبر في محاربة الأيديولوجيات المتطرفة، وتعمل على تعزيز التعاون المشترك معهم فيما يخص مكافحة الإرهاب، هذا إضافةً إلى قيامها بتدشين مركز لمكافحة الارهاب في كوالالمبور في يوليو 2003، في خطوة تهدف إلى تعزيز المساعي الرامية إلى القضاء على الأنشطة الارهابية في جنوب شرق آسيا، ويضم المركز مسؤولين من الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» ويعمل على تبادل المعلومات حول التوجهات العملية والهادفة إلى اتخاذ إجراءات للتعامل مع التهديدات الارهابية.

الإسلوب الناعم

على جانب الآخر، تركز  ماليزيا في جهودها لمكافحة الإرهاب على «الأسلوب الناعم» الذي يشمل طرق الحماية والتأهيل، ويأتي هذا في إطار «البرنامج المتكامل لمنع التطرف»، الذي تطبقه الشرطة وإدارة السجون على المعتقلين المتورطين في قضايا الإرهاب، ففي الفترة من 2001 حتي 2012، أظهرت النتائج أنه تم تأهيل 282 إرهابيًّا من أصل 289، انضموا للبرنامج، وفقًا لنائب رئيس الوزراء الماليزي «زاهد حميدي».

وفي إطار ذلك أعلن نائب رئيس الوزراء الماليزي في نوفمبر 2017، عن تدشين مبادرة إقليمية، تعني بتقييم المخاطر لمكافحة تمويل الإرهاب، وذلك بمشاركة عدة دول آسيوية، وفي المبادرة تم التحذير من خطر تمويل المنظمات غير الربحية لبعض التنظيمات الإرهابية، الأمر الذي يتطلب تكثيف التعاون بين الحكومات والمنظمات المختصة؛ لتجفيف منابع تمويل هذه التنظيمات.


دع ذلك محافظ البنك المركزي الماليزي «محمد بن ابراهيم» لاقتراح ثلاث استراتيجيات لوضع نظام لمكافحة تمويل المتطرفين وهذا من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة وتعزيز الشراكة بين السلطات والمؤسسات وتكثيف التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.


كما تراقب السلطات الماليزية وسائل التواصل الاجتماعي؛ لرؤيتها أن التقنيات الحديثة وتحديدًا وسائل التوصل ساهمت بشكل كبير في تنامي ظاهرة الإرهاب ووقوع العديد من الأعمال الإرهابية، ولهذا تبدي الأجهزة الأمنية في ماليزيا قلقها إزاء تنامي شعبية تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل، وتحديدًا في 14 نوفمبر 2018، عندما أعلن نائب رئيس فرع مكافحة الإرهاب في الشرطة الماليزية «أيوب خان»، أنه تم اكتشاف حوالي 100 ماليزي، متهم بالذهاب إلى سوريا، وجنوب الفلبين، يريدون الانضمام لداعش تحت شعار «الجهاد المزيف»، من خلال صفحة على الفيس بوك، موضحًا أن الشرطة الماليزية راقبت ما يقرب من 4 آلاف صفحة من مواقع التواصل الاجتماعي.

"