ملايين الاتحاد الأوروبي تُكافح الإرهاب في سريلانكا
أعلنت صحيفة «Times on line» الصادرة من سريلانكا، الخميس 15 أغسطس، أن المفوضية الأوروبية «EC» التابعة للاتحاد الأوروبي «EU» ، قررت منح البلاد 8.5 مليون يورو أي ما يعادل «1.6 مليار روبية»؛ لدعم جهود مكافحة الإرهاب وتعزيز السلام والأمن.
ووفقًا للصحيفة، فإن هذه الأموال المخصصة حديثًا للدولة تم الاتفاق عليها عقب اجتماع نائب رئيس الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيرني بوزير الخارجية السريلانكى ثيلاك مارابانا خلال الشهر الجاري، وعقد الاجتماع على هامش المنتدى الإقليمي للدول الآسيوية في العاصمة التايلاندية «بانكوك».
بيان المفوضية
وفي بيان رسمي صدر عن المفوضية -بهذه المناسبة- تم الإشارة إلى أن الهيئة الدولية تسعى بدأب لاتباع منهجية ثلاثية الجوانب؛ لمساعدة سريلانكا، ودعم جهودها في مكافحة الإرهاب، وتقليل الطائفية ومشاعر العنف، وبالأخص منذ سلسلة هجمات عيد الفصح.
وهجمات عيد الفصح، هي مجموعة اعتداءات عنيفة حدثت في 21 أبريل 2019، تم خلالهم استهداف ثلاث كنائس وخمسة فنادق في العاصمة كولومبو إلى جانب عدة مناطق أخرى؛ ما أدى إلى مقتل 359 شخصًا، وإصابة 500 آخرين، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها من خلال قنواته الإعلامية المنتشرة على موقع التواصل الاجتماعي «تليجرام»، لكن الحكومة السريلانكية شككت في هذه الرواية وقالت في 24 يوليو 2019: إن أجهزة التحقيقات لم تعثر بعد على أدلة كافية تؤكد تورط «داعش» في الواقعة.
وأكدت المفوضية الأوروبية: أنها ستهتم بدعم صناع السياسات ومسؤولي الأمن والعاملين في السلطة القضائية وغيرهم من المعنيين لمنع تطور الهجمات الإرهابية في البلاد وإيقاف خطر الجماعات المتشددة، وتنمية السبل العسكرية والسياسية الممكنة؛ للرد على أي عملية متطرفة، بما يحفظ حقوق المواطنيين، ويقلل من نسب الخسائر المحتملة.
إلى جانب مساعدة الجهات الفاعلة في الدولة لإطلاق حملات إعلامية؛ تهدف إلى التوعية الإيجابية بمخاطر التطرف والعنف وتنشر الأفكار المتسامحة بدلًا منها، فضلًا عن مساعدة السلطات في إنهاء المراحل الأخيرة من عمليات إزالة الألغام في ثلاث مناطق شمالية في البلاد.
هجمات دامية
أسهمت تفجيرات «عيد الفصح» في تسليط الضوء على تلك الجزيرة المترامية الأطراف على المحيط الهندي بجنوب آسيا، كما أثارت التساؤلات حول جدية الاعترافات الداعشية بارتكاب تلك المجازر، وماهية الأطروحات الدافعة بأن الطائفية المتنامية بالبلاد والصراعات السياسية والنعرات الانفصالية ألقت بظلالها على استقطاب التيار الراديكالي، ذو الظاهر الإسلامي نحو التقوقع بالبلاد.
فجماعة «نمور التاميل»، التي يتزعمها فيلوبيلاى برابهاكاران والمعلنة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 1997، تنشط بالبلاد منذ 1983؛ لأهداف انفصالية تسعى من خلالها لتأسيس دولة مستقلة في شمال وشرق البلاد يُطلق عليها «إيلام التاميليَّة»، وتضم في أغلبية سكانها طائفة السنهاليَّة البوذيَّة، وهي عرق يعود جذوره إلى ما يسمى الهندو أوروبية، ويتبناه غالبية السكان.
وتكمن خطورة التاميل في جناحها العسكري؛ إذ تمتلك قاعدة طيران وعتاد جوي، وغير ذلك من الأسلحة الثقيلة التي تكون بحوذة الدول فقط، كما تحظى بهيئات مساعدة تمكنها من جمع الأموال والنفقات التي احتاجتها؛ لتنفيذ عملياتها الإرهابية مثل اغتيالها رئيس الوزراء الهندي الأسبق، «راجيف غاندي» في 21 مايو 1991؛ عقابًا له على دعم الحكومة السيرلانكية ضد الجماعة.
وبناءً على ذلك، فإن ما تملكه التاميل من عنف وتسلح وأموال متدفقة أسهم في زعزعة استقرار البلاد واضطراب وضعها السياسي والأمني، وبالأخص مع تصاعد العنف الطائفي بين البوذيين والمسلمين في أغلب أنحاء البلاد، وهو ما سبق وحذر منه وزير الدفاع، جوتابايا راجاباكسه؛ إذ عبر في منتصف 2018 عن مخاوف الحكومة من استغلال الجماعات الإسلاموية للصراعات القائمة بالبلاد؛ من أجل التغلغل في المجتمع، أو استخدام العنف البوذي في تأليب مشاعر المسلحين ضد مواطني الدولة.
وهو ما يفاقم الوضع الأمني سوءًا، وعلى إثر ذلك أوقفت السلطات في 24 يونيو 2018 دخول عشرات الأشخاص إلى البلاد؛ بسبب ورود معلومات عن ارتباطهم بجماعات إرهابية ذات طابع دولي، كما أصدرت في 2017 قانون جديد لمكافحة غسيل الأموال وتمويلات الإرهاب.
واقعية متصاعدة
وبعد هجمات عيد الفصح الدامية، أصبحت الأطروحة أشد واقعية وبات الخطر قريبًا وملموسًا، وعن ذلك تقول دراسة نشرها مركز «Combating Terrorism center» فى الولايات المتحدة، بعنوان «فهم هجمات سريلانكا: إن هجمات عيد الفصح ترتبط بالعداء ضد المسلمين والعنف بينهم وبين السنهالين من جهة والهندوس من جهة أخرى، مشيرةً إلى أن هذا الاضطهاد أفرز أولئك المواطنين السيرلانكيين، الذين انخرطوا مع جماعات متطرفة؛ ليهاجموا عقائد الآخرين.
ومع اشتداد النزاع العسكري بين جبهة نمور تحرير تاميل إيلام والحكومة، أصبح المسلمون –وفقاً للورقة البحثية - في المقاطعات الشمالية والشرقية من سريلانكا موضع شك بالنسبة للحركة الانفصالية، كما اتهموا بالتجسس والعمل لصالح الحكومة؛ ما عرضهم لمزيد من العنف، ووسط تنامي الجماعات الإسلاموية، بات من الممكن أن ينخرط من اعتادوا على العنف في جماعات أخرى مضادة تحمل أيضًا فكرًا متطرفًا.
فيما لفتت الدراسة الأمريكية إلى دور وسائل الإعلام في تغذية العنف في البلاد، وهو ما أكدت عليه المفوضية التابعة للاتحاد الأوروبي بعزمها مساعدة الدولة على حث الإعلام؛ لتبني خطاب أكثر تسامحًا وتقبلًا لجميع الطوائف بدلًا من خطابات الكراهية.





