ad a b
ad ad ad

الإسلام السياسي في الصومال بين الفشل الإداري والإرهاب المجتمعي

الثلاثاء 13/أغسطس/2019 - 01:35 م
المرجع
محمد عبد الغفار
طباعة

تعد الصومال من الدول المهمة في منطقة القرن الأفريقي المطل على خليج عدن، وتمتلك الدولة الساحلية عناصر قوة مختلفة، ومنها محدودية عدد دول الجوار، وطبيعتها الجغرافية السهلية المتدرجة من الشمال إلى الجنوب، والمساحة التي تقدر بنصف مساحة مصر، بالإضافة إلى تميزها بحجم سكان جيد، يصل إلى نحو 11 مليون نسمة.


ولم تخل الصومال من جماعات الإسلام السياسي، وهو ما دفع مدرس العلوم السياسية في كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة بني سويف الدكتور السيد علي أبو فرحة إلى إجراء دراسة بعنوان «الإسلام السياسي في الصومال بين ثنائية الفشل والإرهاب»، والتي نشرت في مجلة مصر المعاصرة، المنشورة تبع الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، في أبريل 2018.

الإسلام السياسي في
ويرى الباحث، أن سقوط نظام الرئيس الصومالي سياد بري في يناير 1991 أسهم في ظهور الحرب الأهلية بين 6 فرق رئيسية، وهم الشباب، ومجموعة اتحاد المحاكم الإسلامية، ومجموعة أهل السنة والجماعة، ومجموعة القراصنة، وحركة رأس كامبوني، بالإضافة إلى تجمع السلام الصومالي، وجيش مقاومة راحانوين، وتنظيم حزب الإسلام، والجبهة الإسلامية، وتحالف تحرير الصومال، ولواء رأس كامبوني.

ويبرز الباحث أهم الجماعات في الصومال، وعلى رأسها جماعة الشباب، والتي تُعرف باسم «شباب الإسلام أو حركة شباب المجاهدين»، وتمثل الجناح المسلح لاتحاد المحاكم الإسلامية الصومالي، وسيطرت على معظم الأراضي في جنوب الصومال في النصف الثاني من عام 2006، حتى اجتياح القوات الإثيوبية للصومال في يناير 2007، وبعد حرب استمرت أسبوعين، تم إنهاء سيطرتها على المنطقة.

والهدف الأساسي للحركة بحسب الدراسة كان تأسيس دولة إسلامية تقوم على الشريعة في الصومال، وتهدف إلى القيام بعمليات مسلحة ضد كل القوى الأجنبية في الصومال، وتعد حركة غير متجانسة، وطورت من أدائها عقب الاجتياح الإثيوبي للصومال؛ حيث اتجهت إلى حرب العصابات بصورة أكبر.

وهناك اتحاد المحاكم الإسلامية العليا، وظهر الاتحاد في أعقاب انهيار نظام الرئيس سياد بري، وتسارع العشائر نحو السلطة؛ حيث ظهر الاتحاد بهدف اعتماد القانون المستند للشريعة، ولعب دورًا اجتماعيًّا في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، كالخدمات الطبية والتعليمية، التي عجزت الحكومة في وقت الاضطرابات عن توفيرها، لذا نجحت في كسب زخم شعبي داعم لها.

ومع ظهور أكثر من محكمة إسلامية، تجمعت تلك المحاكم في اتحاد المحاكم الإسلامية العليا ICU، والتي هدفت إلى إنشاء دولة صومالية إسلامية، ونجح في السيطرة على معظم الأراضي الصومالية، قبل أن يصدر قرار مجلس الأمن الدولي في 2006؛ بهدف نشر قوات دولية أفريقية إلى المنطقة لمواجهة قوات المحاكم؛ ما دفع الشيخ شريف شيخ أحمد، رئيس اتحاد المحاكم، إلى الهرب إلى اليمن.

ويتضح أن الفكر العشائري سيطر على اللاعبين الأساسيين على الساحة الصومالية، وانخرطت تلك الجماعات في قتال مباشر بين بعضها البعض، وذلك بهدف بسط النفوذ والسيطرة على المنطقة، لذا يرى الباحث أن الإسلام اتخذ كغطاء لتلك الحركات بهدف الوصول إلى الحكم.

ويرى الباحث أن الحركات الإسلامية في الصومال لعبت على فترة عدم الاستقرار والتشرذم في صفوف القوى السياسية، خصوصًا في العقد الأول من القرن الحالي، بالإضافة إلى ظهور الانقسامات ما بين أعضاء السلطة السياسية، كالخلاف ما بين الرئيس عبد الله يوسف، ورئيس الوزراء علي محمد جيدي من ناحية، ورئيس البرلمان شريف حسن شيخ أحمد من ناحية أخرى.

كما أن سيطرت التنظيمات السياسية القبلية على العمل الحزبي في الصومال، وتتمسك القبائل الصومالية بدينها الإسلامي، لذا لم يكن غريبًا أن ينتقل الدين الإسلامي كمرجعية فاعلة في الحياة السياسية الصومالية، ومع الوقت تطور استخدام الدين كآلية من آليات التلاعب بالمواطنين، والتلاعب بأفكارهم.

ولم تؤمن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية في الصومال بالديمقراطية التمثيلية؛ حيث سعى اتحاد المحاكم إلى إلغاء تجربة البرلمان والتشريع، واستحدث مجلس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية، ومجلس تنفيذ اتحاد المحاكم الإسلامية، ويتم تكوينهم من قادة العمل الإسلامي أو مقاتلي التنظيم، بواقع 90 عضوَا لمجلس الشورى و9 للمجلس التنفيذي.
الإسلام السياسي في
ويهدف مجلس الشورى إلى تمكين اتحاد المحاكم من مخاطبة المواطنين من خلال قناة واحدة فقط، في حين تتولى اللجنة التنفيذية ما يشبه أعمال الحكومات المعاصرة؛ حيث تتولى تسيير العمل اليومي لاتحاد المحاكم وكل الجهات الأخرى بالبلاد.

ويتضح أن تلك الجماعات قامت بتأسيس أجهزة تهدف إلى خدمتها بصورة خاصة، وليس أجهزة هادفة إلى مساعدة الدولة ومواطنيها بصورة عامة؛ خصوصًا أنها اتسمت بالتركيب البسيط في بنائها الهيكلي.

ويرى الباحث أن الحركة الإسلامية في الصومال فشلت نظرًا للبعد الأول المرتبط بالتنظيم ذاته؛ حيث ضم بين جنباته قادة من مختلف الاتجاهات، والتي وصفت بالتباين الشديد؛ حيث جمع حسن ضاهر عويس، رئيس مجلس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية، والذي يوصف بالمتشدد، والمدرج على القائمة الأمريكية للإرهاب، وهناك شيخ شريف شيخ أحمد، رئيس المجلس التنفيذي، عرف بجذوره الصوفية المعتدلة، ونشأته أزهرية.

أما ثاني أسباب الفشل، جاءت بسبب تصدير صورة ذهنية مثيرة من مخاوف المجتمع الدولي؛ حيث ركزت التقارير على تحريمهم لمشاهدة مباريات كرة القدم، وإغلاق المسارح، وإلزام النساء بزي محدد بواسطتهم.

وهناك الرؤية الاقصائية لكل القوى السياسية غير المرتبطة بخلفية إسلامية في المجال العام الصومالي، بالإضافة إلى محاولتها ملء المجال العام بصورة أفقية وليست رأسية؛ حيث تعتبر نفسها تنظيمات دعوية اجتماعية سياسية واقتصادية وعسكرية في آن واحد.
"