ad a b
ad ad ad

أخونة المؤسسات في تركيا.. سياسة «أردوغانية» ممنهجة

الخميس 18/يوليو/2019 - 11:23 م
المرجع
أحمد سامي عبد الفتاح
طباعة

حاول «العدالة والتنمية» الحزب الحاكم في تركيا، تقديم نفسه منذ 2002 كحزب محافظ يجمع تحت مظلته الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، محاولًا بذلك إخفاء ميوله الإسلامويَّة الحقيقية بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين، ولعل ذلك هو السبب الرئيس في فوز الحزب بأغلبية برلمانية جعلته قادرًا على تشكيل الحكومة منفردًا دون الدخول في أي ائتلاف حاكم.

 


أخونة المؤسسات في

ووفقًا لهذه السياسة، قدم الحزب نفسه كمظلة جامعة لكافة التوجهات، مع تقديم الرؤية العلمانية للدولة على ما دونها من الأنماط الفكرية التي تتبناها الشرائح المجتمعية المختلفة، وقد ظهر ذلك جليًّا في تصريحات لزعيم الحزب في أعقاب فوزه بانتخابات 2002؛ حيث أكد أوردغان أن حزبه سيلتزم بتوجه الدولة العلماني، وبمرور الوقت، بدأ الحزب الحاكم في فرض سيطرته على المؤسسات، ومن ثم بدا التوجه الإسلاموي أكثر بروزًا على سياسة الحزب الداخلية والخارجية.


أخونة المؤسسات في

 مقاومة النهج الأتاتوركي

 بدأ الحزب في مقاومة النهج الأتاتوركي العلماني باستدعاء مفاهيم ديمقراطية مثل احترام الحرية الشخصية، ما مهد لإعادة الحجاب مرة أخرى، بعبارة أخرى، استخدم حزب العدالة والتنمية المفاهيم المؤسسية لأي نظام ديمقراطي من أجل منح الشرائح المجتمعية ذات التوجه الإسلامي فرصة أكبر للوجود داخل المؤسسات الحكومية.

 بصفة عامة، تدور سياسة أسلمة المؤسسات بشكل واضح حول زعم إعلاء دور المؤسسة الدينية، فضلًا عن تغيير المناهج التعليمية لجعلها أكثر إسلاموية بهدف التأثير على العقول الناشئة.

  من الجدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية لم يتخل عن سياسات أسلمة الدولة منذ أن جاء إلى الحكم في 2002، ولكنّ وتيرة هذه السياسات قد تفاوتت من فترة لأخرى، فعلى سبيل المثال، في الفترة من 2002 إلى 2007، كان دور الجيش التركي في الحياة السياسية لا يزال بارزًا، ومن ثم كان على العدالة والتنمية أن يهادن الجيش من خلال إعلاء الخطاب العلماني والقومي على الإسلامي.

  لكنّ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 2016 منحت الحزب الحاكم الفرصة لتقليص الدور السياسي للمؤسسة العسكرية، ما منح الفرصة للحزب الحاكم للقيام بأسلمة المؤسسات بوتيرة أسرع من تلك التي كانت متبعة قبل ذلك، بهدف تثبيت أركان حكمه ضد أي محاولة عسكرية أو مدنية للإطاحة به، خاصة أن تنظيمات مدنية مثل «جولن» تتمدد في مؤسسات الدولة ويخشى الحزب الحاكم من نفوذها القوي.

أخونة المؤسسات في

تغيير المناهج التعليمية

وفي 2017، أقدم النظام الحاكم في تركيا بتعديل ما يقارب من 170 موضوعًا تعليميًّا، وتمحورت التعديلات حول إضافة مفاهيم جديدة للحياة التعليمية مثل الجهاد، فضلًا عن محو مفاهيم قديمة مثل «الاختيار الطبيعي»، وهو مفهوم يختص بتطور الجنس البشري، وقد طوره داروين في القرن التاسع عشر، لم يتوقف الأمر عند تغيير محتوى المناهج التعليمية؛ حيث امتدت سياسات الحزب الحاكم إلى الجوانب الإجرائية التي تمثلت في إقالة ما يقارب من 33 ألف معلم؛ فضلًا عن إغلاق العشرات من المدارس المرتبطة بمنظمة جولن التي حملها النظام في تركيا مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة.

أخونة المؤسسات في

زيادة المدارس الدينية

وفقًا لمركز ستوكهولم للحرية، فإن مدارس الخطباء والأئمة في تركيا قد ارتفعت من 450 في 2002 إلى 4500 في 2017، كما زاد الإنفاق على المدارس الدينية وحدها في 2018 بمعدل 68%، ما يكشف إصرار النظام في تركيا على منح المؤسسات الدينية دورًا أكبر في المجتمع التركي، وقد وصفت وزارة التعليم في تركيا هذه التغيرات بأنها «تركيز على الجانب القيمي في التعليم» من أجل تنشئة جيل متدين، وفقًا لسياسات الحزب العامة.


وفي 2017، صرح عضو البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، أحمد حمدي كاملي، بأنه «من غير المفيد بأن يتم تعليم الطلاب، الذين لا يعرفون الرياضيات، الجهاد»، ما يكشف طغيان التوجه الديني للحزب على السياسيات القومية؛ لأن الأخيرة تقضي تعليم الطلاب كل ما هو من شأنه أن يدفع نحو تطور الحياة العامة التركية بصفة عامة، كما تؤكد تصريحات كاميلي بأن الحزب الحاكم يضع العلوم الشرعية في مرتبة تفوق تلك الممنوحة للعلوم الدنيوية.

جدير بالذكر أن أعداد الطلاب الذين التحقوا بمدارس ثانوية دينية قد بلغ 270 ألفا في 537 مدرسة في عام 2012، وقد ارتفع هذا الرقم إلى 635 ألفا في 1408 في عام 2017.

أخونة المؤسسات في

أخونة السياسة الخارجية


يقصد من أخونة السياسة الخارجية التركية عقد التحالفات على أساس إسلاموي، ومحاولة توثيق التحالفات مع الدول، فضلًا عن محاولة استقطاب الجماعات والتنظيمات الإسلاموية، وإقامة العلاقات معها، واستخدامها كأداة من أجل مد النفوذ التركي إلى مناطق جديدة.


 منذ بداية ما يُطلق عليه الربيع العربي، وبدأت الحروب الأهلية في المنطقة، وتبني النظام التركي سياسة تعرف باسم «المهاجرين والأنصار» بهدف تهيئة المناخ الشعبي العام لاستقبال اللاجئين، ويؤكد الحزب الحاكم أن هذه السياسة تعبر عن تضامن الأتراك الديني مع غيرهم من المواطنين المسلمين الذين فروا من الحروب الأهلية، ويهدف النظام الحاكم من إضفاء سبب ديني على استقباله للاجئين إلى امتصاص الغضب الشعبي المتزايد من زيادة البطالة بين الشباب الأتراك بسبب قبول اللاجئين العمل بأسعار رخيصة للغاية.

أخونة المؤسسات في

 سياسة المهاجرين والأنصار

ورغم استخدام النظام التركي لسياسة المهاجرين والأنصار الدينية، فإن بُعد البراجماتية السياسية لم يغب عن عقول صناع السياسية الخارجية؛ حيث إن استضافة اللاجئين، رغم سلبياته الاقتصادية، فإنه يساهم في إضافة بعد إنساني على السياسة الخارجية التركية، فضلًا عن أن استقبال اللاجئين يمنح تركيا وسيلة ضغط على الاتحاد الأوروبي باعتبار أن قضية اللاجئين تعتبر تهديدًا للأمن الغربي، ما يعني أنه في حالة أي عملية تفاوضية بشأن الخلافات العالقة بين الطرفين، سيتم استدعاء قضية اللاجئين والدور الذي قامت به تركيا من أجل إيقاف زحفهم نحو أوروبا.

أخونة المؤسسات في

العلاقات مع باكستان

 تولي تركيا اهتمامًا كبيرًا لعلاقاتها العسكرية مع دولة باكستان، باعتبار الأخيرة الدولة المسلمة الوحيدة التي تمتلك التكنولوجيا النووية،  فعلى سبيل المثال، في 2018، وقعت تركيا اتفاقية عسكرية مع باكستان من أجل بيعها 30 مروحية من طراز اتاك محلية الصنع، بقيمة 1.5 مليار دولار في أكبر صفقة تصدير أسلحة تركية في التاريخ، مع العلم أن قيمة هذه الصفقة بمفردها تقارب إجمالي التصدير التركي السنوي الذي بلغ 1.6 مليار في 2016 و1.7 مليار دولار في 2017، وفي يوليو 2018، فازت شركات تركية بمناقصات من أجل بناء أربع فرقاطات بحرية لصالح الجيش الباكستاني.

 

على مستوى الخطاب الرسمي، استخدم الرئيس التركي ألفاظًا مثل الجهاد والفتح لتوصيف المعارك العسكرية التي ينفذها الجيش التركي بالأجزاء الشمالية من الأراضي السورية.

أخونة المؤسسات في

 العلاقة مع التنظيمات المتطرفة

 في أعقاب ما يطلق عليه الربيع العربي، بدأت تركيا توثيق علاقاتها مع التنظيمات المتطرفة في مناطق النزاع من أجل ضمان لعب دور في تشكيل أنظمة ما بعد الثورات، ولعل علاقة تركيا بتنظيم داعش خير دليل على ذلك.


 ففي تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في يناير 2019، ذكر الباحث ستيفن كوك أن تركيا تكذب بشأن علاقتها مع تنظيم داعش، خاصة أن معظم مقاتلي التنظيم قد مروا من أنقرة إلى سوريا، خاصة القادمين من أوروبا ومن شمال القوقاز، فضلا عن أواسط آسيا.


 كما أثبت تقرير استخباراتي هولندي نشره موقع أحوال تركية في نوفمبر 2018 بأن تركيا تدعم تنظيم داعش بالأموال من خلال شراء النفط الداعشي بأسعار زهيدة، مقابل السماح لعناصر التنظيم المتطرف بحرية الحركة عبر الحدود التركية فضلا عن تقديم تسهيلات تركية تتعلق بتسهيل تجارة السلاح عبر أراضي أنقرة.


"