بعد إزاحة البشير وتراجع حظوظ الإخوان.. اليد التركية تنتظر من السودان البتر
الخميس 11/أبريل/2019 - 05:58 م
السودان وتركيا
علي رجب
بات التغير أمرًا واقعًا في السودان، مع وجود تحرك للقوات المسلحة تماشيًا مع رغبة شعبية في التغيير، وإنهاءً لمرحلة حكم الرئيس عمر البشير، وما صاحبه من تغلغل لجماعات الإسلام الحركي وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية داخل نظام الحكم، ولا يخفى ارتباط هذه الجماعات بالتنظيم الدولي للإخوان وداعميه قطر وتركيا.
قال ياسر عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، في تصريحات صحيفة: «إن أفريقيا وليس السودان يواجهون تهديدًا جديًّا وخطيرًا لوحدتها من قبل الكثير من جماعات الإسلام الحركي، والقوى التي ترتبط بها».
لذلك يرى مراقبون، أن التغيير في السودان وتقلص حضور الإخوان داخل بنية النظام السوداني، يشكلان خسارة جديدة وفادحة للتنظيم الدولي للإخوان ومن يمدونه بوقوده (تركيا وقطر)، ذلك ما يعني تغيرًا في استراتجية الدولة السودانية نحو تركيا وقطر، ويهدد مصالح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السودان.
أردوغان والبشير
مصالح تركيا في السودان
لتركيا العديد من المصالح داخل السودان فقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا خلال العقدين الماضيين، وتحديدًا منذ وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى السلطة في تركيا عام 2002؛ حيث وضع خطة طموحة لتعزيز التواصل مع الدول العربية والاسلامية، وبالأخص تلك الدول صاحبة الحضور الإخواني؛ حيث يعتبر الإخوان جسر التغلغل والنفوذ التركي.
وحرصت حكومة أردوغان خلال السنوات الماضية على تأمين موطئ قدم لها على البحر الأحمر، والدخول إلى السوق السودانية من بوابة الاقتصاد والاستثمار.
وخلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم في ديسمبر2017 وقع البلدان على 21 اتفاقية، على رأسها إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي.
وتشمل الاتفاقات أيضًا مشاريع زراعية وصناعية كإنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل إضافةً إلى بناء مطار في العاصمة السودانية الخرطوم.
وتعتزم تركيا إعادة بناء ميناء سوداني يرجع للحقبة العثمانية على ساحل البحر الأحمر وبناء مرفأ لصيانة السفن المدنية والعسكرية بموجب اتفاق توصل إليه الجانبان خلال زيارة أردوغان للخرطوم.
ولم يقتصر التمدد التركي في السودان على مجموعة امتيازات اقتصادية بل اتسع نحو مطامح جيوسياسية من خلال ضمان وجود تركي على البحر الأحمر من خلال جزيرة سواكن التي زعمت الحكومة التركية بأنها تسعى لتطويرها فيما تطمح إلى استثمارها عسكريًا واستخباريًا، بحسب ما يلفت مراقبون للشؤون التركية.
وفي سبتمر 2018، أعلنت وزارة الزراعة والغابات التركية توقيع اتفاقية مع الحكومة السودانية بقيمة 100 مليون دولار للتنقيب عن النفط واتفاقًا لتخصيص آلاف الأميال المربعة من الأراضي الزراعية السودانية لتستثمر فيها الشركات التركية.
كما قدمت تركيا تسهيلات ائتمانية بمائتي مليون دولار لتشجيع الشركات التركية على العمل في السودان منذ العام 2008، كما موَّل بنك تنمية الصادرات التركي بعض مشروعات البنية التحتية في ولاية الخرطوم بمئة مليون دولار، إلى جانب ذلك، قدمت بعض المنح والمعونات الإنمائية، من بينها مستشفى بنيالا في دارفور، وأخرى في الخرطوم.
السودان وتركيا
الربط العسكري
وإلى جانب التعاون الاقتصادي سعت تركيا إلى ربط السودان بها عسكريًا عبر، الاتفاقيات العسكرية، في مقدمتها «اتفاق إطاري مع السودان بشأن التدريب العسكري والتعاون التقني والعلمي للقوات العسكرية»، التي تم العمل بها في مارس 2013.
وبعد توقيع الاتفاقية استقبلت قوات البحرية السودانية، في منتصف 2014، بميناء «بورتسودان»، أربع سفن حربية تنتمي لمجموعة البارجة «بارباروس» التابعة لقوات البحرية التركية، وشمل برنامجها إجراء تدريبات مشتركة.
كما وقَّع وزيرا الدفاع عددًا من اتفاقيات التعاون في مجالات التدريب العسكري والصناعات الدفاعية، في مايو 2017، على هامش المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (آيدف) بإسطنبول.
فيما أعلن وزير خارجية تركيا مولود تشاوش أُوغلو عن توقيع اتفاقيات بخصوص أمن البحر الأحمر.
المحلل السياسي اللبناني نضال السبع
التغيير والخسارة التركية
اليوم تواجه تركيا خسارة استراتجية في السودان؛ حيث يشكل تغير النظام خسارة كبيرة للسياسية الخارجية التركية في ظل الأزمات الداخلية التي يعيشها نظام أردوغان، وكذلك أزماته مع دول الإقليم، وخاصة دول الخليج ومصر.
ويرى المتخصص في الشؤون الدولية المحلل السياسي اللبناني نضال السبع، أن انتصار السودانيين في ثورتهم يشكل إسقاطًا للمنظومة الإخوانية التي بناها البشير داخل الدولة والجيش وأجهزة الأمن.
وأضاف السبع في تصريح لـ«المرجع»: «إن السودان الجديد لا يمكن أن تقوم له قائمة، دون أبعاد كامل للإخوان، وهو ما يشكل ضربة قوية لأردوغان، الذي يسرح ويمرح فى جزيرة سواكن السودانية».
وتابع السبع : «إن أدروغان اليوم بات على وشك خسارة استراتيجية كبيرة في المنطقة العربية بعد خسارة الإخوان للسودان، في ظل مساعي القوى والأحزاب السودانية ومؤسسات الدولة لإعادة السودان إلى هويته الوطنية والحفاظ على مصالحه القومية، فإنه من المتوقع أن يكون الصفقات التي عقدها البشير وأردوغان محل مراجعة من قبل النظام المقبل في السودان».
واعتبر الخبير في الشؤون الدولية أن السودان مقبل على تغيير في علاقته بالدول الراعية للإسلام السياسي والإخوان والجماعات المتطرفة في ظل مساعي الخرطوم والشعب السوداني بتمتع بحياة طبيعة بعيدًا عن ارتباطات تهدد الأمن القومي السوداني والعربي.





