بعد ماراثون المحليات.. تركيا تواصل سياستها الخارجية بالأسلوب القديم
الجمعة 12/أبريل/2019 - 03:53 م
أحمد سامي عبدالفتاح
لا شك أن الانتخابات المحلية التركية حملت العديد من النتائج غير المتوقعة رغم أن حزب أردوغان «العدالة والتنمية» جاء في مقدمة الفائزين بزيادة تقارب 1% على الانتخابات الماضية التي عقدت في 2014.
وتعد أكبر المفاجآت هي فوز حزب الشعب الجمهوري برئاسة البلديات الكبرى في أنقرة وأنطاليا وأزمير وإسطنبول (رغم أن النتائج الرسمية لم تعلن بعد بسبب الطعون التي تقدم بها حزب العدالة والتنمية).
مبدأ المنفعة المزدوجة
بمجرد الاطلاع على نتائج الانتخابات يتبادر في الذهن تساؤل مهم للغاية حول إمكانية أن تشهد السياسة الخارجية التركية تغيرًا في أبعادها وأهدافها خلال الفترة المقبلة.
تركيا تدرك تمامًا أنها مرفوضة من محيطها الإقليمي سواء الأوروبي أو العربي أو حتي الإيراني، ومن ثم تعتقد انقرة أن فرصة تكوين تحالفات قومية أمر صعب التحقيق، ويفسر ذلك انتهاج تركيا لسياسية خارجية دينية في أهدافها لكي تمكنها من استقطاب القوي غير القومية، مع ملاحظة أن المدنيين العلمانيين لا يحظون بقبول لدى الحزب الحاكم في تركيا. أما بالنسبة للقوي الإسلاموية، فهي تدرك أن رفضها شعبيًّا لن يمكنها من تحقيق أي إنجاز يذكر خصوصًا أن أداة العنف دومًا ما تكون موجودة على الطاولة، ولذلك تسعى هذه القوى إلى التحالف مع تركيا من أجل ضمان دعم إعلامي ومالي يمكنها من الصمود لفترة من الوقت، ما يؤكد أن العلاقة بين الطرفين يلخصها مبدأ المنفعة المزدوجة.
أهداف تدميرية
يعتقد حزب العدالة والتنمية أن أي تغيير في سياساته الخارجية يمثل هزيمة له وانتصارًا لحزب الشعب الجمهوري، ما يعني أن الحزب سوف يصبح أكثر إصرارًا على المضي قدمًا في أهدافه التدميرية في المنطقة، وإن انتهج سياسة المراوغة بين الحين والآخر بسبب الضغط الشعبي عليه.
يدرك «العدالة والتنمية» جيدًا أن الانتخابات المحلية تتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين، وليس لها تأثير مباشر على السياسة الخارجية إلا أن قضايا اللاجئين السوريين أصبحت في متناول القوى المعارضة بقيادة حزب الشعب الذي أصبح بمقدرته قطع الإعانات الخدمية التي كانت تقدم لهم في الولايات التي فازوا بها.
علاوة على ذلك، سوف يحاول حزب العدالة والتنمية التظاهر بأن الضربة التي تلقاها في الانتخابات ليست قوية من خلال الادعاء بأن سيطرته على المجالس البلدية الصغيرة في المدن الكبرى سوف تجعل رغبته نافذة على حساب حزب الشعب الذي يسطر على رئاسة البلدية الكبرى. من المتوقع أن يمنح حزب العدالة والتنمية اهتمامًا أكبر للشؤون الخارجية من تلك التي تتعلق بتفاعلاته السياسية الخارجية في محاولة لكسب ثقة الشعب التركي مرة أخري، ومن ثم قد نشهد تراجعًا ملحوظًا في مدي الدعم التركي المالي المقدم للقوي الإسلامية في المنطقة.
من جانبه أكد الباحث المختص في الشؤون التركية محمد حامد، أن تركيا سوف تبقي على دعمها لقوى الإسلام السياسي نكاية بعدد من الأنظمة العربية، وأملًا في تحقيق أي نصر مستقبلي. كما أكد حامد أن الانتخابات المحلية هي انتخابات خدمية، وسيطرة المعارضة على المدن الكبرى لن تجبر حزب العدالة والتنمية، الذي لا يزال يسيطر على الرئاسة والبرلمان، على تغيير سياساته الخارجية التي سيواصل ممارستها بالأسلوب القديم ذاته.





