الوساطة التركية بين الهند وباكستان.. نوايا خبيثة وأغراض مفضوحة
الأحد 03/مارس/2019 - 03:00 م
أحمد سامي عبدالفتاح
تحاول تركيا الاستفادة من الأزمة التي وقعت بين الهند وباكستان قبل عدة أيام، بالشكل الذى يخدم مصالحها ونواياها الخبيثة فى المقام الأول، فأعربت عن رغبتها في التوسط بين البلدين، على إثر استهداف مجموعة إرهابية لجنود هنود في منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، قبل أن يتطور الأمر لتبادل إطلاق النيران والقذائف على الشريط الحدودي الذي يفصل كشمير، ثم تطور إلى قيام باكستان بإسقاط مقاتلتين هنديتين؛ ما أدى إلى مقتل طيار وأسر آخر، إلى أن أعربت حكومة باكستان عن رغبتها في إجراء حوار مع الهند، ووقف الأعمال القتالية، كما عبرت عن نيتها في إطلاق سراح الطيار الأسير كبادرة سلام منها نحو الهند.
وقد رحب سفير باكستان لدى تركيا بعرض الوساطة، مرجحًا أن تؤدي هذه الوساطة إلى تخفيف حدة التوتر بين الطرفين، وفي الإطار ذاته، أعرب رئيس وزراء باكستان عمران خان عن رغبته في أن تقوم تركيا بالوساطة مع جارته الهند.
أغراض مفضوحة
تخدم الوساطة أهداف تركيا من عدة وجوه، أولها أن تظهر كدولة راعية للسلام، علاوة على ذلك، تحاول تركيا الهروب من انتقاد المنظمات الحقوقية لسلوكياتها داخل الأراضي السورية، من خلال إبراز المساهمة في وقف حرب قد تودي بحياة عشرات الآلاف في حالة اندلاعها بشكل كامل.
على صعيد متصل، تسهم الوساطة التركية في توثيق أقدامها في جنوب شرق آسيا، وهي المنطقة التي تشكل أهمية استراتيجية للمملكة العربية السعودية بسبب التعاون العسكري والاقتصادي الوثيق بين السعودية وباكستان؛ ما يعني أن تركيا تحاول أن يكون لها اليد الطولى في تشكيل أنماط التفاعلات بين دول هذه المنطقة؛ ما يمنحها فرصة الحصول على دعم هذه الدول في أي صراع دبلوماسي ينفع تركيا في أروقة المنظمات الدولية.
تدرك تركيا تماما حالة العزلة التي فرضت عليها من قبل عدد من الدول العربية في المنطقة؛ بسبب دعمها الأنشطة الإرهابية في الوطن العربي، ولذلك ترغب في الولوج إلى مناطق جديدة من أجل زيادة أطر التعاون الاقتصادي مع هذه الدول، ولتعويض الأضرار التي لحقت بمنتجاتها نتيجة حملات المقاطعة التي تعرضت لها منتجاتها في عدد من الدول العربية.
بعبارة أخرى، تريد تركيا أن تستغل الأزمة بين الهند وباكستان من أجل تقديم نفسها على أنها دولة صديقة للطرفين، الأمر الذي سوف يُسهم في زيادة أطر التعاون الاقتصادي، وفي نفس السياق، سوف تزيد الوساطة الدولية من احتمالية لجوء الدول المتنازعة إلى تركيا من أجل التوسط، وهو الأمر الذي سوف يزيد من مكانتها الدولية.
ولا يخف على أحد أن العلاقة الاستراتيجية التي تربط تركيا بباكستان كانت سببًا رئيسيًّا في مسارعة تركيا بعرضها التوسط، إذ إن باكستان تعد أحد زبائن السلاح التركي، ففي يوليو 2018 وقَّعَت تركيا أكبر صفقة سلاح في تاريخ الصناعات العسكرية التركية مع باكستان، وتم بموجب هذه الصفقة بيع 30 مروحية هجومية تركية من طراز أتاك T129 إلى باكستان.
ويعني ذلك، أن تركيا تدخلت كي تخفف الضغط العسكري على باكستان، الأمر الذي يمنح حكومة عمران خان فرصة للعمل على الجوانب الاقتصادية بشكل أفضل، وهو ما يمنحه فرصة للبقاء في السلطة بشكل أفضل.





